آبار ومنازل جديدة تهدّد ما تبقّى من مياه في سهل الخيام


يُشكّل حفر الآبار الارتوازية بشكل عشوائي تعدّياً واضحاً على سهل الخيام الذي بات مهدداً بالجفاف. أهالي المنطقة رفعوا الصوت مؤخراً رفضاً لهذه الظاهرة التي تهدّد الينابيع بالشح


منذ مدة، فوجئ عدد من المزارعين والأهالي في بلدة خيام الجنوبية بإقدام أحدهم على حفر بئر ارتوازية من أجل مصالح خاصة، الأمر الذي أدى الى تحرّك البلدية، فوعدت بوقف ظاهرة حفر الآبار الارتوازية التي تسهم في جفاف الينابيع وغيرها من التأثيرات السلبية على سهل الخيام وبقية المناطق الزراعية المجاورة.

وفيما قيل إن الفاعل حصل على "إذن خطي من مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عمر عثمان"، يقول رئيس بلدية الخيام علي العبدالله إن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ليست الجهة الصالحة لإعطاء التراخيص بحفر الآبار، "بل هذا من اختصاص وزارة الطاقة والمياه ووزارة البيئة".

تحرّك البلدية يأتي بعد احتجاجات عبّر عنها الأهالي الذين يتخوّفون من جفاف مياه النبع، كما حصل للينابيع الأخرى التي كانت موجودة داخل السهل الكبير، والتي جفت بشكل نهائي بسبب حفر الآبار الإرتوازية. وهذا ما سبق أن حصل في محمية وادي الحجير، بعد أن "أدى حفر العديد من الآبار الإرتوازية العشوائية وغير القانونية الى جفاف نبع الحجير والينابيع المغذية له.

في سهل الخيام، لا أثر للمزارعين إلا في الأراضي القريبة من "نبع الدردارة"، المورد الوحيد لريّ المزروعات. هناك، فضّل أبو خالد (74 سنة)، المزارع السابق، أن يبني خيمة صغيرة لبيع البطيخ والشمام. يقول أبو خالد "قررت الاستغناء عن الزراعة بسبب عدم وجود المياه في الأراضي البعيدة عن النبع، بعد أن جفّت الينابيع الأخرى، لقد خسرت في العام الماضي 7 ملايين ليرة".

أصبحت الأراضي البعيدة عن نبع الدردارة قاحلة وجافة

قريباً من مستعمرة المطلّة الاسرائيلية، يجلس محمود (47 سنة) تحت مظلّة صغيرة تقيه من حرارة الشمس الحارقة، عيناه شاخصتان بحسرة على السهل الواسع، الذي بدأت المباني السكنية تجتاحه "ظلماً وعدواناً"، كما يقول. ويُضيف: "لقد قرر أبناء الجنوب الاستغناء عن زراعة السهل، وبناء المنازل داخله، وبشكل مخالف للقانون"، لافتاً الى أن "الاستمرار في البناء سوف يحوّل السهل الى منطقة سكنية بالكامل، وكل ذلك بعد أن أصبحت الأراضي البعيدة عن نبع الدردارة قاحلة وجافة".

أكثر من ثلاثين منزلاً حتى الآن شيّدت داخل أراضي السهل الكبير. يقول أحمد العبدالله (الخيام) "لقد سمحوا للأهالي بالبناء، ويغضّون أبصارهم عن المخالفات القانونية والأضرار الكبيرة التي ستلحق بالأراضي الزراعية الوحيدة في المنطقة". يذكّر العبدالله بأن "حفر الآبار الإرتوازية وبناء المنازل الاسمنتية التي يتم غضّ النظر عن مخالفاتها القانونية ليست التعديات الوحيدة التي تقع في السهل وتضرّ البيئة والمزارعين، بل يوجد ما هو أخطر أيضاً، وهو يتعلق بلجوء بعض الأهالي في المنطقة الى تحويل مياه الصرف الصحي الى أراضي السهل.

أحد العاملين في مركز الإرشاد الزراعي في المنطقة أشار الى أن "مياه الصرف الصحي غير المكرّرة تُجرّ الى بعض أراضي السهل بسبب وجود معمل قديم ومعطّل لتكرير المياه المبتذلة، ومن الممكن أن تكون هذه المياه الملوّثة قد اتصلت بمياه الينابيع الصغيرة المغذية لنبع الدردارة. وبحسب أحد الموظفين في وزارة الزراعة، فإنّ حفر بعض الآبار الارتوازية أدى الى جفاف بعض الينابيع، الذي كان يعتمد عليها بشكل كبير في ريّ الأراضي الزراعية، لذلك لجأت بلدية الخيام الى مدّ الأنابيب لري نحو نصف أراضي السهل من نبع الدردارة، أما النصف الآخر فيبقى بدون ريّ. يذكر أن نبع الدردارة "كان يغذي القرى المجاورة بمياه الشفة حتى عام 1935 عندما أنشأ الانتداب الفرنسي شبكة لجر المياه من ينابيع بلدة شبعا إلى قرى قضاءي مرجعيون وحاصبيا.

تعليقات: