عصر الخسائر الفادحة..


عندما افرنقع العرب وصاروا أمماً شتى، بعضها من نفط، وبعض من غاز، بعض من دماء وبعضها الآخر من هواء، خسرت دولهم، الكبرى قبل الصغرى، الدول الصديقة التي كانت تقف معهم وتدعم قضاياهم العادلة بعنوان فلسطين.

آخر وأفدح الخسائر تتمثل في الزيارة الرسمية التي يقوم بها، هذه الايام، رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى دولة الكيان الاسرائيلي، وهي الأولى من نوعها، وتعتبر خرقاً للحرم الذي كانت تضعه بلاد جواهر لآل نهرو على العلاقة مع العدو الاسرائيلي كنتيجة منطقية لتبني ورثة المهاتما غاندي القضايا المحقة بعنوان فلسطين.

الملفت في هذه الزيارة السابقة أن الرئيس الهندي لن يزور المنطقة التي “اعطتها” قوة الاحتلال الاسرائيلي لسلطة محمود عباس.. ولا سيلتفت إلى الفلسطينيين في غزة.

انها زيارة ـ سابقة لدولة الاحتلال..

انه خروج الهند عن موقفها الثابت في نصرة قضايا الشعوب عموماً بعنوان الشعب الفلسطيني..

لكن أعذار الرئيس الهندي كثيرة ومنطقية ومقنعة، فكثير من الدول العربية قد اعترفت بكيان العدوان الاسرائيلي وأقامت معه علاقات تجاوز الدبلوماسية إلى التجارة والود.. فلماذا نطلب من الهند أن تكون أكثر عروبة من العرب، بل وأكثر فلسطينية من الفلسطينيين؟!

استذكر في هذا المجال، انني خلال زيارة قمت بها إلى الصين، في العام 1999، فوجئت بعلم اسرائيلي عريض يرفرف في ردهة الاستقبال في الفندق… وكان ذلك من خارج التوقع.

عندما انتهت الزيارة، جاءت اللجنة الرسمية التي وجهت اليّ الدعوة تسألني عن انطباعاتي وملاحظاتي بعد الجولة في بعض المدن واللقاءات مع بعض كبار المسؤولين..

ولقد ارجأت ملاحظتي حول علم العدو الاسرائيلي في الفندق إلى ختام السرد، مصحوباً بالشكر، وجاءني الجواب الصيني صاعقاً:

ـ اتعرف، يا رفيق من الذي طلب الينا اعادة العلاقات مع اسرائيل؟!

انه السيد ياسر عرفات!

ولقد أحنيت رأسي حياء.. من جهلي الفاضح في علم السياسة!

تعليقات: