موظفو سعودي أوجيه: الحريري يتملّص

الموظفون يطالبون الحريري بإنصافهم بوصفه صاحب الشركة ورئيس الحكومة (علي علوش)
الموظفون يطالبون الحريري بإنصافهم بوصفه صاحب الشركة ورئيس الحكومة (علي علوش)


لم يكترث رئيس الحكومة سعد الحريري، بوصفه صاحب شركة سعودي أوجيه، لقرار محكمة التنفيذ في جدة، الذي قضى بدفع الشركة مستحقات موظفيها "بالقوة الجبرية"، وذلك بعد نحو سنتين من معاناة العمال. وكانت المحكمة التي أصدرت حكمها مطلع أيار الماضي، قد أنذرت الشركة بالحجز على ممتلكاتها ما لم تدفع المستحقات. وتستعد المحكمة، وفق صحيفة عكاظ السعودية، للتحقيق مع "المماطلين من رجال أعمال ورؤساء مجالس إدارة مصارف واستجوابهم عن قيامهم بتعطيل تنفيذ قرار دفع المستحقات".

شهر مضى على قرار المحكمة السعودية، وعامان طُويا على بداية أزمة الشركة التي أعلنت إفلاسها، ومازال مصير آلاف الموظفين يتحول من سيء إلى أسوء مع تجاهل كل الجهات الرسمية اللبنانية حقهم بالتعويضات. ومن يعترف بحقهم في العلن، يقر في الخفاء بعدم إمكانية فعل أي شيء. فالمسؤول عن الأزمة بات رئيس حكومة. ومن هنا، يتخوف عدد كبير من الموظفين السابقين في الشركة من "عدم دفع المستحقات"، خصوصاً أن "مصادر في السفارة السعودية في لبنان أكدت أن هناك أمراً كبيراً. في إشارة إلى ما هو أعمق من إفلاس الشركة أو عدم توفر الأموال مع الحريري. وفي الأغلب، فإن الأمر الكبير يعني وجود نيّة واضحة بعدم دفع المستحقات، والرهان على تعب الموظفين والتوقف عن المطالبة بحقوقهم"، وفق ما تقوله مصادر من بين أصحاب الحقوق، لـ"المدن".

الصمت المطبق للجهات الرسمية اللبنانية، وما تلوح به مصادر السفارة السعودية، شكّل دافعاً أكبر لتحرك أصحاب الحقوق الذين يعاني بعضهم من الاحتجاز القسري في السعودية، نتيجة عوامل كثيرة، أبرزها عدم تمكنهم من سداد القروض المتوجبة عليهم للمصارف السعودية، وعدم حل مشكلة الدعاوى القضائية التي رفعت بحقهم، ناهيك بتجميد حساباتهم المصرفية، ومخالفتهم نظام الإقامة بعد انتهاء كفالتهم التي كانت تصدر على إسم سعودي أوجيه. أما الأزمة الأكبر، فهي مواجهة أصحاب الحقوق مشكلة غياب التغطية الصحية والتعليمية، فمن بقي في السعودية لا يمتلك القدرة على دفع تكاليف العلاج، فضلاً عن امتناع المدارس والجامعات عن تسجيل الطلاب، أو إعطاء الشهادات والإفادات لمن لم يسدد الأقساط القديمة.

أما من عاد إلى لبنان، فيواجه البطالة. بالتالي، عدم إمكانية دفع تكاليف العلاج أو متابعة التعليم. مع الإشارة إلى أن عدداً من الموظفين السابقين، يعاني من مشاكل صحية مستعصية، فبعضهم أصيب بالسرطان، وبعضهم فارق الحياة، ليبقى آخرون رهينة الإهمال مع أمراضٍ لا تبالي لها وزارة الصحة "لأنه لا يوجد قرار بالتغطية الصحية لهؤلاء الموظفين"، على حد تعبير مصادر في وزارة الصحة، والتي تؤكد لـ"المدن" أن الوزارة "تعاملت في السابق مع حالات طارئة مثل ضحايا تفجيرات في لبنان والخارج، لأن مثل هذه الحوادث تلقى نوعاً من الاجماع السياسي على ضرورة معالجتها، لكن في ملف مثل ملف موظفي سعودي أوجيه، فإن المبادرة مكلفة على المستوى المادي والسياسي، لأن صاحب الشأن ليس شركة عادية أو رجل أعمال، بل هو شخص ينتمي إلى الحلقة التي تتخذ القرار على مستوى البلاد، وهو جزء من صفقة سياسية إقليمية لن تتأثر بحقوق بعض الموظفين، مهما كانت هذه الحقوق مشروعة".

التجاهل اللبناني يقابله "اهتمام أجنبي بالموظفين الأجانب". فدول مثل الفيليبين والهند وبنغلادش، أرسلت مندوبين لها إلى السعودية لمتابعة ملف موظفيها، بعد إفلاس الشركة. وتلفت المصادر إلى أن "هذه الدول دفعت تعويضات لموظفيها لمتابعة حياتهم. والتعويضات هي من الحكومات، وليس من سعودي أوجيه". وما يحز في قلب الموظفين اللبنانيين، أن الحريري "دفع مستحقات الموظفين الفرنسيين، نزولاً عند رغبة السفير الفرنسي في السعودية، الذي أرسل كتاباً إلى الحريري يطلب منه دفع مستحقات الموظفين الفرنسيين، ورد عليه الحريري بالإيجاب، في كتاب موقّع منه"، إطّلعت عليه "المدن".

وصول الملف إلى مزيد من التعقيد على صعيد الموظفي اللبنانيين، وإنفراجه على مستوى العمال الأجانب، دفع اللبنانيين إلى رفع الصوت ضد كل المسؤولين عن عدم دفع المستحقات، وضد كل من يتجاهل الملف، من أعلى الهرم السياسي إلى أدناه. وذلك عبر مؤتمر صحافي عقده الموظفون، الأربعاء 7 حزيران، في مقر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين. وحذر الموظفون السياسيين، وخصوصاً فريق الحريري، من عدم استعمال الانتخابات كوسيلة لتطويق صوت الموظفين، أو التلويح بتأجيل البت بالملف إلى ما بعد الانتخابات النيابية. ودعا أصحاب الحقوق إلى تنفيذ اعتصام أمام بيت الوسط، يوم الجمعة 9 حزيران، في موعد الإفطار، لإيصال رسالة إلى الحريري بوجوب دفع المستحقات. علماً بأن مصادر "المدن" أكدت أن "الحريري رمى الكرة في الملعب السعودية، مستثنياً نفسه كمسؤول عن الأزمة. لكن، في جميع الأحوال، فإن الحريري يبقى مسؤولاً عن الموظفين بصفته رئيس حكومتهم، وعليه انتزاع حقوقهم".

* المصدر: المدن

تعليقات: