بالفيديو- طاقات لبنانية مغتربة تأمل بالعودة الى الوطن


اختلفت فعاليات مؤتمر الطاقة الاغترابية لهذه السنة عن سابقاتها، فالحضور الكثيف للمغتربين والرعاية الرسمية للحفل، وتوقيع الرئيس ميشال عون أول مرسوم لاستعادة الجنسية اللبنانية بعد قبول طلب الاميركي نزيه مخايل خزاقه، شكلا قوة دفع للمؤتمر وبارقة أمل للمغتربين بأن العودة ممكنة ومنح الجنسية لهم والتي فقدها معظمهم ليست مستحيلة.

اكثر من 2000 طاقة لبنانية مغتربة حضرت الى بلدها الأم متحمسة للمشاركة في مؤتمر الطاقة الاغترابية في "البيال". لكل واحد منهم قصته النضالية في سنوات الغربة الطويلة التي لم تنسهم لبنان. فحنينهم الى العودة يدفعهم لحضور اي مؤتمر يعمل على اعادة التواصل بين لبنان المقيم والمغترب، رغم الفوارق الكبيرة بين بلدهم وبلاد الاغتراب، إلا ان معظم المشاركين وجدوا ان المؤتمر فرصة لاستعادة الذكريات او لتعريف عائلاتهم على بلدهم، وشرح كيف ان الحنين دفعهم للعودة الى لبنان ولو لزيارة قصيرة، محاولين فتح بعض المشاريع الاقتصادية، الا ان هواجسهم الكثيرة تبقى العائق الأول لعودتهم.

وفي جولة لـ "النهار" على بعض الوجوه الاغترابية، تتملكك الحيرة من اين تبدأ. ففي كل زاوية من معرض البيال قصة نجاح مختلفة تستحق تسليط الضوء عليها. فالبعض تغيرت ملامحهم العربية، والبعض الآخر نسي لغته الأم. وهذا ما دفع السيدة نوال حمادة الى تأسيس اكاديمية حمادة للتعليم والتربية في ميتشيغن منذ 20 عاما، بالاضافة الى العديد من المؤسسات التربوية لتعليم المنهج الاميركي وتعليم اللغة العربية كلغة ثانية، لتهيئة الجو المناسب للطلاب للحفاظ على العادات والتقاليد العربية حيث التحق اكثر من 3300 طالب بالمؤسسات التعليمية لحمادة. وتعتبر حمادة أن النقص في تعلم اللغة العربية في الولايات المتحدة كان الدافع الاساسي لها لتأسيس تلك الاكاديمية والاستفادة من الخبرات العالية للجالية اللبنانية في مجال التعليم. وتأمل في فتح بعض المدارس في لبنان ونقل خبراتها في الخارج الى بلدها الأم والمناهج التعليمية الاميركية الى الطلاب اللبنانيين.

ومن خلال الجولة، تستوقفك حماسة قنصل لبنان العام في ساو باولو قبلان فرنجية، الذي تابع تفاصيل الحفل لحظة بلحظة. فالوفد الذي يرافقه ضم اكثر من 320 شخصية برئاسة رئيس مجلس النواب البرازيلي وسائق الفورمولا 1 فيليبي بو نصر وضم عددا كبيرا من الشخصيات الاقتصادية والسياسية اللبنانية الأصل.

اعتبر فرنجية ان العديد من المغتربين يعملون على فتح العديد من المشاريع في لبنان منها الاكاديمية والتجارية، كشاهين زهر الذي يسعى الى فتح مدرسة دولية في لبنان والبرازيل في الوقت نفسه واطلاق اسم مدرسة لبنان او مدرسة الجالية اللبنانية في ساو باولو او جبران خليل جبران، بهدف اعادة تعلم اللغة العربية للأجيال اللبنانية المهاجرة ودفعهم الى العودة الى وطنهم الأم.

المهندس بسام نحاس صاحب احدى شركات الهندسة في كندا، غادر لبنان منذ اكثر من 50 سنة، ليتأقلم مع الحياة الكندية مفضلاً تمضية بقية حياته هناك على العودة الى وطنه رغم الحنين الذي يملكه تجاهه. إلا ان متطلبات الحياة وتأمين فرص العمل والتمتع بحياة كريمة، دفعته للبقاء كل هذه المدة في كندا. وهو لا يزور لبنان سوى مرتين في السنة، فالتخبط السياسي والامني والاقتصادي يمنعه من العودة وتأسيس تجارة وحياة كريمة له ولعائلته. اما وديع فارس فيفضل العودة الى لبنان من باب زيارة الاقارب والاهل. فالفوارق بين الحياة الكندية والمحلية تمنعه من الاستثمار في وطنه، مطالباً الدولة الى العمل على جذب المستثمرين للنهوض بالاقتصاد اللبناني.

ومن كندا الى الولايات المتحدة، المطالب نفسها، فالمهندس ميلاد زعرب احد اعضاء اللوبي اللبناني في الولايات المتحدة الاميركية منذ اكثر من 40 عاماً، يتمنى العودة الى لبنان الا ان البنية التحتية وضعف الموارد والفساد في المؤسسات العامة والخاصة، بالاضافة الى الطائفية وعدم الاستقرار الامني والسياسي يمنعه ايضاً من المجازفة. ولكن يبقى امله كبيراً في أن تشكل مثل هذه المؤتمرات قوة دفع كبيرة لملايين اللبنانيين حول العالم. ودعا الى فتح باب الاقتراع للمغتربين في الخارج والمشاركة في الحياة السياسية.

سمير جابر رئيس غرفة التجارة واستيراد المواد الالكترونية في الباراغوي، الذي ترك لبنان منذ 30 سنة، استبعد العودة اليه للأسباب نفسها. الا انه يعتبر استثمار العقارات في لبنان يبقى افضل بكثير من الالكترونيات، فالخوف هو الهاجس الأول والاخير لعودته، بالاضافة الى غياب فرص العمل.

ممثل الجالية اللبنانية في موريتانيا حسين محمود سلامي، المغترب منذ 41 عاماً، يعمل في حقل التجارة. ويعتبر ان موريتانيا رغم انها دولة نامية الا انها تبقى افضل من لبنان، فالخدمات وحق التملك وحرية العيش والتسهيلات للجالية اللبنانية تجذب المستثمرين اليها، على عكس وطنه الأم الذي ما زال يعاني من ازمة الكهرباء بينما موريتانيا تصدّر الكهرباء الى الخارج وتستفيد من الطاقات البديلة. وبحسب سلامي، "حتى اذا وجدت تلك الطاقات، تبقى الطائفية في عقلية الشعب اللبناني هي المعيار الاساسي للتوظيف لا الكفايات، وهي من الامور التي تدفعنا الى البقاء خارج لبنان رغم تعلقنا به".

جهاد محسن هاجر الى الامارات مع بداية الحرب الاهلية اللبنانية واسس مجموعة من الشركات فيها، حيث وجد فيها دولة حاضنة له ولمشاريعه، اضافة الى ان الدعم السياسي والاستقرار الامني والاقتصادي اجبره على البقاء كل تلك الفترة في "بلده الثاني" بينما يحمل لبنان في قلبه فقط، املاً في أن يكون المؤتمر نافذة للمغتربين للعودة ولو تدريجاً الى لبنان.

وبعيداً من المغتربين، اكد وزير الطاقة في جمهورية الكونغو برانس وليم ميشيكي في حديثه لـ "النهار" على اهمية المؤتمر نظراً الى الجالية اللبنانية الكبيرة في بلاده، معتبراً ان حضوره هو لتحسين فرص الحياة للبنانيين في الخارج، والاستفادة من خبراتهم الفكرية والاقتصادية لدعم بلاده، مؤكداً ان "مثل هذه المؤتمرات تساعد على فتح جسور التواصل مع بلدهم لبنان".

تعليقات: