انتهاكات حقوق الإنسان: ترحيل 21 عاملة منزلية بتهمة «الإنجاب»


21 عاملة منزلية مُهاجرة، على الأقل، رحَّلهنَّ الأمن العام اللبناني منذ صيف 2016، وفق ما كشفه تقرير صدر أمس عن «هيومن رايتس ووتش». يُشير التقرير إلى عمليات اعتقال وترحيل تتعرّض لها العاملات المهاجرات بسبب إنجابهن أطفالاً في لبنان، مُسلِّطاً الضوء على انتهاك حق الحياة الأسرية للعاملات.

ويُصوّب التقرير على القرار الإداري المُتخّذ من قبل الأمن العام اللبناني، والمتعلّق بمنع العاملات من الإنجاب في لبنان عبر الامتناع عن تجديد إقامتهن الطويلة الأمد وإقامة أبنائهن.

تنقل المُنظّمة في هذا الصدد عن مؤسسة «إنسان»، أن السلطات اللبنانية رحّلت على الأقل 21 عاملة لديهن أطفال منذ صيف 2016. أما ذريعة السلطات اللبنانية، فهي أن العاملات «لم يكنّ يسكنّ لدى أصحاب عملهن، أو لم يكن من المفترض أن يُنجبن في لبنان»، في انتهاك فاضح لحق العاملات في الحياة الأسرية. ترى نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في «هيومن رايتس ووتش»، لما فقيه، أن العمل في لبنان لا يعني حرمان هؤلاء النسوة الحق في تأسيس أسرة، مُشيرةً إلى أن عمليات الترحيل هذه «تُسبّب اضطرابات في الحياة الأسرية (...) وهي بمثابة عقاب للعاملات من دون سبب».

هذا الأمر يتقاطع وشهادات ثلاث عاملات منزليات مهاجرات لديهن أطفال جرى ترحيلهن. هذه الشهادات سلطت الضوء على الأثر النفسي الكبير و«المُدمّر» على حياتهن، بدءاً من منعهن من العمل وفصلهن عن عائلتهن، وصولاً إلى توقيف تعليم أطفالهن. الجدير ذكره أن العاملات، شأنهن شأن الكثير من العاملات الأخريات، عشن في لبنان منذ عقود مع أطفالهن، قبل أن تقرر السلطات اللبنانية ترحيلهن ومنعهن من العيش في لبنان.

مثلاً، مونيكا عملت في لبنان لأكثر منذ 20 عاماً، اعتقلت أوائل عام 2017 ورُحِّلت مع ابنتها البالغة من العمر 16 عاماً. تقول اليوم لـ «هيومن رايتس ووتش»، إن حياتها باتت صعبة، وإن «تدبّر الطعام في الهند، بلدها، صار صعباً أيضاً. ليس لدينا عمل. وابنتي ليست في المدرسة».

يجب عدم التعامل مع إنجاب طفل في لبنان على أنه جريمة

بدورها تتساءل كوماري، وهي عاملة منزلية مهاجرة عملت في لبنان لمدة 30 عاماً واحتجزت في كانون الأول الماضي: «ماذا فعلنا؟ هل سرقنا؟ هل قتلنا؟»، مُشيرة إلى أنها عملت وزوجها كي تضع أطفالها في المدرسة في لبنان.

بحسب التقرير، توقفت عمليات الاعتقال وترحيل العاملات بنحو لافت في صيف 2015، «لكن يبدو أنها استؤنفت صيف 2016، حيث استدعيت عشرات العاملات المنزليات الوافدات مع الأطفال إلى مكاتب الأمن العام، ثم احتُجزن أو حُرمن تجديد الإقامة». وعندما راسلت المنظمة مديرية الأمن العام اللبناني للوقوف على هذه الإجراءات، ردّت الأخيرة بالقول: «المديرية العامة للأمن العام لم تُرحِّل أي عاملة في الخدمة المنزلية لديها طفل/أطفال في لبنان وهي ترغب في اصطحابه/م معها (..)، ولكن في ما يتعلق بإنجاب العاملة المنزلية الوافدة في لبنان، فإن هذه المسألة يصعب أن تتحقق دون سلسلة من المخالفات للقوانين والأنظمة». وأضافت المُديرية: «إنّ التمادي في مخالفة القوانين المرعية الإجراء، في أي بلد كان، سترتد نتيجته الحتمية على فاعله». لم يكن هذا البيان مفهوماً بالنسبة إلى المنظمة التي عاودت مراسلة المديرية، طالبة توضيح مقصدها، إلا أن الأخيرة لم تعاود بدورها الإجابة عن مراسلة المنظمة. من هنا، طالبت المنظّمة الأمن العام اللبناني بـ«نشر سياسته الحالية في ما يتعلّق بالعاملات المنزليات الوافدات اللاتي لديهن أطفال». وذكّرت المنظّمة إقدام السلطات اللبنانية في السابق على ترحيل عاملات منزليات لأسباب «تبدو تعسفية»، مُستذكرة حادثة ترحيل العاملة النيبالية سوجانا رانا، عضوة نقابة العاملات والعمال في الخدمة المنزلية.

كذلك ذكّرت كيف أنها (المنظمة) كانت قد خلصت عام 2010 إلى أن القضاء اللبناني «لا يُحاسب أصحاب العمل عن الانتهاكات التي تتعرّض لها العاملات»، وأنها خلصت عام 2008 أيضاً إلى أن عاملة واحدة تنتحر أسبوعياً في لبنان، وأن محاولة الفرار تكون السبب الرئيسي وراء الانتحار. انطلقت من سرد هذه الوقائع لتشير إلى الواقع التعسفي الذي تعيشه العاملات المنزليات ولتطالب الحكومة اللبنانية بالامتثال لالتزاماتها الدولية «بضمان أن يأخذ الأمن العام المصالح العائلية والمصالح الفضلى للطفل بالاعتبار قبل رفض تجديد الإقامة للعاملات أو لأطفالهن أو النظر في طردهم»، مُشيرة إلى أن لبنان ملزم بموجب المادة 23 من «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية» باحترام حقوق الرجل والمرأة في سنّ الزواج بالزواج وتأسيس عائلة. بدورها قالت فقيه إنّ «على السلطات اللبنانية التوقف فوراً عن ترحيل أو احتجاز عاملات المنازل المهاجرات لإنجابهن أطفالاً في لبنان. ويجب عدم التعامل مع إنجاب طفل في لبنان على أنه جريمة والسماح للناس الذين يأتون إلى لبنان لرعاية المواطنين اللبنانيين لسنوات، بأن يكون لهم عائلات أيضاً».

تعليقات: