التاريخ... إن حكى !


مَن منّا لم يقرأ او يسمع عن عطوفة سلطان باشا الأطرش, القائد العام للثورة السورية الكبرى عام 1925 .

صُورَه معلّقة في بيوتنا ,نذكره في اعراسنا ونتناقل اسمه ورواياته من جيلٍ الى جيل .

وفي الذكرى السنوية لوفاته , لا بد من ان نعطيه جزءاً من حقه علينا !

قبل فترة وجيزة قامت مجموعة من المشايخ والشباب ,أبناء الدوحة المعروفية , بزيارة خاصة للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في رام الله .

تأتي هذه الزيارة عطفاً على الحدث المِفصلي واقصد مؤتمر يركا الأول للسلام 26/11/2016 .

وعلى هامش المشوار ,سمعت من الشيخ أبو نصر كمال خطيب ,ابن قرية بيت جن قصة اعجبتني وبها ذكر لعطوفة الباشا, رأيت من المناسب نشرها امانة للتاريخ ووفاء للرجال المذكورين ,واليك عزيزي/تي القارئ/ة ما سمعته :

تشرفنا بزيارة الشيخ أبو نصر في بيته, انا وبرفقة الأخ ابو مجدي عصام عامر ,ابن قرية البقيعة كمصور وصديق شدّته القصة واحداثها .

المضيف انسان متواضع ووقور ,عمره 76 سنة ,استقبلنا بحفاوة بالغة وهذا ليس غريب على اهل بيت جن ...

مضافة متواضعة ,واجب حاتمي ,صور معبرّة على الجدران, كل ذلك يذكرنا بمضافات أيام زمان وروايات جبل العرب .

بعد ان إرتشفنا القهوة المُرة (الساده), بدأنا بالاستماع للقصة:

ما ارويه عليكم, سمعته من والدي المرحوم أبو جمال حمود خطيب, المتوفّى عام 2006, عن عمر ناهز ال مائة عام, أضاف قائلا: والدي وبكل تواضع كان رجل مجتمع, اختاروه اهل القرية ليكون رئيساً للجنة الإصلاح في القرية, بمعية مخاتير القرية آن ذاك, رجل قلم وذاكرة, إعتُبِر بأنه مرجعية في قريته والمنطقة .

أضاف الشيخ أبو نصر كمال خطيب :

عشية قيام دولة إسرائيل والاحداث الهامة في فلسطين آنذاك, اخصُ بالذكر الصراع بين اليهود والعرب, أبناء الطائفة المعروفية عملوا الف حساب وكانت لديهم اراء مختلفة, مثلهم مثل غيرهم.

بعض العائلات الدرزية فكّرت بالرحيل, فعلى سبيل المثال بعض العائلات من المَغار وصلت الى قرية بيت جن في طريقها الى لبنان, وبعض العائلات من حرفيش وصلت قرى رميش وخلوات الكفير في جنوب لبنان .

وعلية كانت مبادرة من بعض المشايخ لعقد اجتماع تشاوري في قرية أبو سنان ودعيت عليه شخصيات من كافة القرى الدرزية .

وبالفعل, تم الاتِّفاق على تأليف وفد وإرساله لجبل العرب للاجتماع بالباشا سلطان والتشاور معه والاخذ بنصائحه .

ضمّ الوفد كلً من :

الشيخ أبو جمال حمود خطيب من بيت جن .

الشيخ أبو سلمان فرهود فرهود من الرامة .

والشيخ أبو سلمان صالح الشيخ من عسفيا .

بعد عدة أيام وصل الوفد قرية القريّا والتقوا بالباشا وباتوا عنده ليلتين, لقَوا اجمل حفاوة وتحدثوا بالأمر وبأمور الساعة .

المرحوم سلطان باشا (أبو طلال), قال للوفد بالحرف الواحد : (وهنا اقتبس)

"يا بَعْدي, قضية فلسطين قصة قصيرة وِمْلوك العرب باْيعيتها (مبيوعة القضية)

اما فيما يخص إخوتنا في فلسطين :

بْلادنا بْتوسَعْنا وِبْتوسَعكنْ, لكن لا تْخلّو حَدَا يِطْلَع من بيتو, إللي بْيِطلع من بيتو خايِنْ, اليهود بْيسكنو مَحلّو..."

قبل ان يعود الوفد, حمّلهم الباشا السلام واعطاهم رسالة خطيّة بتوقيعه, هذا نصها :

الى من يعنيه الامر

عدم الاعتراض للوفد .

وبالفعل رجع الوفد طريق لبنان, وعلى الحاجز القريب من إقليم البلّان (هضبة الجولان), ابرزَ الشيخ أبو سلمان فرهود فرهود هذه الرسالة للحرس, فما كان من أحد الحُرّاس, إلا ان يضعها على راسه ويُقبِّلها وبعد قراءتها سهّل الطريق على الوفد .

عاد الثلاثة سالمين غانمين, حاملين رسالة شفوية لدروز فلسطين, حيث تم ايصالها والتداول بها في الاجتماع الذي عقد بعد عودتهم .

وهذا ما حدث ؟!.

اتخذ قرار جماعي بالبقاء في البيوت والقرى, وبعثوا اشخاص لإقناع العائلات التي رحلت بالعودة وإخبارهم بهذا القرار المصيري .

نعم صدق المثل القائل : النصيحة كانت بِجَمل .

بقي ان اذكر:

ان الشيخ أبو نصر كمال خطيب, كان قد زار سوريا عام 2006 وروى لنا بتأثر ما كان يسمعه من والده المرحوم أبو جمال حمود خطيب عن مضافة الباشا, امامها ساحة وبعض الدرجات اليها .

رحم الله الباشا سلطان, أعضاء الوفد والشيخ أبو جمال .

والعمر الطويل لنجله الشيخ أبو نصر كمال خطيب .

الرجال مثل المعادن وبعضهم يساوي الالف, نعم انهم من فئة الالف...

هذه واحدة من العديد من القصص عن أحد ابرز شخصيات القرن ال 20, وهنا لا بد من أن آتي على ذكر كلمات حبيب الملايين, المرحوم جمال عبد الناصر, عندما التقى بالباشا وانبهر من شخصه قائلا:

"الغينا لقب الباشا عند العرب, لكنك تبقى انت الوحيد حامله وبجدارة."

فواز حسين - حرفيش







تعليقات: