شاطئ القليلة من حماية اليونيفيل إلى «حمى» منظمات دولية

حمى القليلة - حسن بحسون
حمى القليلة - حسن بحسون


بدأت عملية فض العروض لاختيار المتعهد الذي سينفّذ مشروع إنشاء محطة تكرير المياه المبتذلة في منطقة البقبوق على شاطئ بلدة العباسية. وبحسب الدراسات، تتوجه شبكات الصرف الصحي في قرى قضاء صور، وتلك المحاذية لها من قضاء بنت جبيل، إلى المحطة الواقعة على الشاطئ الرملي قبالة البساتين، قبل أن يستوعب البحر ملايين المكعبات من المياه المكررة. علماً بأن هذا الشاطئ مصنّف عالمياً على لائحة الأماكن الحاضنة تاريخياً للسلاحف البحرية بسبب نظافته وقلة مرتاديه. حتى إن اسم المنطقة (البقبوق) يعود إلى ينابيع المياه الحلوة التي «تبقبق» في البحر المقابل.

ينطلق المشروع في وقت اقتربت نسبة تلوث بحر صور الجنوبي الواقع ضمن محمية صور الطبيعية من حد الخطر، فيما مياه الصرف الصحي ومكب دير قانون رأس العين ونفايات مخيم الرشيدية المجاور تحاصره من جانبيه. وإذا كان شاطئ البقبوق لم يحظ بعناية بلدة العباسية أو محمية شاطئ صور لأنه خارج نطاقهما، يحظى شاطئ بلدة القليلة منذ عام بحماية جعلت منه حمى لموارده الطبيعية والبحرية والبشرية.

من المحمية إلى الحمى

أنشأت جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL)، الشريك الوطني في لبنان للمجلس العالمي للطيور، محمية مصغّرة للطيور داخل حرم الجامعة الأميركية في بيروت في عام 1990 بالتعاون مع الأساتذة المختصّين، تضم حوالى 36 نوعاً من الطيور المهاجرة التي تحط عند وصولها من «السفر» فوق البحر عند أول بقعة خضراء تواجهها وهي حديقة الجامعة. ومنذ ذلك الحين اختمرت لديها فكرة إنشاء حمى طبيعية تحمى عبر قرارات من المجتمع وتوفّر في آن واحد، حماية للحياة البرية وتشجيع الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية بخلاف المحميات الطبيعية المحمية بإغلاقها بوجه العامة؛ فلا يسمح فيها بالرعي أو الصيد على سبيل المثال إلا تحت ظروف معينة، في استعادة لمفهوم الحمى الذي كان سائداً منذ حوالى 1400 سنة مع القبائل في شبه الجزيرة العربية، حيث اتخذت كل قبيلة حمى في محيط تجمُّعها تستفيد من خيراته وتحافظ على ثرواته. وفي لبنان استمر انتشاره في عدد كبير من البلدات إلى أن بدأت المجالس البلدية في العقود الأخيرة تلزيم الاهتمام بالحمى لمستثمرين، فانتشرت الفوضى، وخصوصاً خلال الحرب الأهلية.

وابتداءً من عام 2005، تنفّذ الجمعية بالتعاون مع المجلس العالمي للطيور مفهوم الحمى التقليدي لحماية الأراضي والتنوع البيولوجي في مواقع تتمتع بتنوع بيولوجي مميز بدءاً من غابة الصنوبر في إبل السقي (قضاء مرجعيون) حيث افتتحت أول حمى من نوعه في العالم للاهتمام بالبيئة والطبيعة والطيور، إلى الأراضي الرطبة في كفرزبد (وادي البقاع) وصولاً إلى شاطئ القليلة. وقد وضعت الجمعية خريطة للمناطق الأفضل استعداداً في لبنان لتتحول إلى حمى، وهي: وادي قاديشا وحوضه العالي والحوض العالي لنهر الجوز والوادي الأعلى لنهر إبراهيم والوادي الأعلى لنهر بيروت (وادي لامارتين) وجبل ووادي الباروك (بسري ومن ضمنها محمية الشوف) امتداداً باتجاه البقاع الغربي على السفوح بين عميق وبحيرة القرعون والناقورة وحاصبيا وراشيا وحرمون والعيشية ـــ الريحان.

حمى القليلة

في موقع المراقبة البحري السابق للوحدة الفيدجية العاملة في قوات الطوارئ حتى عام 2000 وعلى مساحة 8 آلاف متر مربع، افتتحت جمعية حماية الطبيعة قبل عام ثالث حمى في لبنان على شاطئ القليلة (قضاء صور) بالتعاون مع البلدية ومجموعة دعم المواقع المحلية SSG والاتحاد العالمي للمحافظة على الطبيعة والمنظمة الألمانية غير الحكومية EURONATUR والمجلس العالمي للطيور. وإذ أنجز المشروع المرحلة الأولى في تجهيز شاطئ القليلة، يُنتظَر أن يتمدد في الثلاث سنوات المقبلة إلى شواطئ المنصوري، وصولاً إلى الناقورة.

وبحسب منسقة المشروع تالا الخطيب، فإن الهدف من اختيار الموقع كان الخطوة الأولى للمحافظة على الشاطئ اللبناني الجنوبي وموارده البحرية وجذب أنواع مختلفة من الطيور البحرية وإفادة صيادي الأسماك (15 صياداً من القليلة) من خلال خلق فرص عمل لهم كمرشدين بحريين وتمكينهم اقتصادياً وتدريبهم على طرق الصيد البحري السليمة وتشجيع السياحة البيئية. ولغاية شهر أيلول الفائت، شكّل صيادو القليلة وبعض العناصر الكشفية مجموعة دعم للموقع تضم صيادي سمك قرية القليلة وأفراداً من المجموعات الكشفية في المنطقة، إضافة إلى إنشاء مستودع لمعدات صيادي السمك ومركز لاستقبال الزائرين من أجل زيادة معرفتهم بالموارد البحرية وتزويد 15 صياد سمك بقاربين وبـ 16 شبكة ضرورية لصيد السمك عوضاً عما تضرر خلال عدوان تموز. وتولت مجموعة دعم الموقع (SSG) تدريب الصيادين على مهارات التعرف إلى الطيور ليصبحوا مرشدين محليين.

وتوضح الخطيب أن المرحلة الثانية تشمل «حماية الموارد البحرية والمنطقة الممتدة من جنوب محمية شاطئ صور حتى الناقورة وإشراك البلدات المجاورة في أعمال المحافظة على الحمى البحرية بهدف حماية الشاطئ، الطيور والحياة البحرية والاستدامة الحياتية للسكان المحليين وتحسين وضع الدخل المحلي الفردي ورفع قيمة التنوع البيولوجي بالنسبة إليهم وتحقيق مستوى أعلى من الوعي والمعرفة دعماً للمحافظة على الطبيعة».

من جهته، يؤكد رئيس بلدية القليلة حسن أبو خليل أن البلدية «اتخذت إجراءات مواكبة لجهود الجمعية من خلال حراسة الشاطئ ومنع التعديات عليه وتوجيه شبكات الصرف الصحي باتجاه البحر»، موضحاً أن منظمة كير العالمية «تدرس مشروع تنفيذ نظام التكرير الذاتي للحفر الصحية في البلدة».

تعليقات: