البارحة كنت هناك

كنت في قاعة البلدية وفي مكتب رئيسها عندما دخل علينا موظف يبلغنا انه ترك مكان دفع التعويضات القطرية لان الفوضى كبيرة ولا يستطيع تنظيم شيئ.

اتصل رئيس البلدية مستنجدا بالدرك الذين وصلت واياهم الى حيث كنت البارحة هناك: إنه المركز القطري لدفع تعويضات الخيام.

السيارات تحتل نزلة (ترابات البيض)على الجانبين ولمسافة تتعدى ال500 متر يوقفها اصحابها بسرعة ويتجهون نحو مركز الدفع.

(أمين) متبطوع للتنظيم يلبس جاكيت كاكية تؤهله لاقفال الباب وبا لتالي لإدخال من يريد اعترضني ثم افسح لي ودخلت ودخل الدرك. البهو واسع لكنه ضاق فكثر هم من استطاع الدخول، خمس صفوف لمواطنين داخل مترين عرض، متداخلون في بعضهم فتراتبة الصف تساوي ذهبا، اما امتداد الصف فهو ثلاثة امتار. اعضاء مجلس بلدي جاؤا كغيرهم للقبض. درك ومخاتير ونساء كثيرات ونابل وحابل وصالون جانبي مكتض هي صورة المكان في الداخل. اما في مواجهة الصفوف الخمسة فهيئة شبابية مؤلفة من محامي وثلاثة مهندسين وموظف من مجلس الجنوب جميع الموجودين صفوف او شتات او من ينتظر واهما في الخارج يجب ان يدقق محام واحد في معاملاتهم . قد يكون الامر عاديا في معاملات عادية ولكن قل لي بربك كيف سيتسنى لمحام واحد مهما بلغ صبره وبلغت مهارته ان ينجز في يوم واحد اكثر من ثلاثماية معاملة، معظمها معاملات تتصدرها الوكالات، او يدخل فيها الارث بكل تعرجاته القروية والعائلية المميزون يدخلون ضابط رفيع او صديق لمسؤول فتحتل ملفاتهم الطاولة.

لنلقي نظرة الى الخارج. الوجوه نفسها التي جاءت منذ الصباح لا زالت تنتظر من يذيع اسمهاءها داعيا للدخول، مواطنون اتعبهم الانتظار واخرون فضلوا الانتشار في حديقة المكان او شرفاته حتى ينجلي الامر.

الصف لا يتحرك الا سلحفيا ومن في الخارج يضغط للدخول او ينتظر وهو المتمدن الراقي دورا لن يصل طيلة اليوم اليس هكذا يا اصدقائي الذين انتظرتم طيلة النهارومعظم الليل وعدتم بخفي حنين.

الدرك ينسحبون بعد خمسة دقائق من حضورهم الميمون .ياتي الجيش باربعة عسكريين وظابط لتنظيم الصفوف حاولوا بكل لطف ولم ينظبط المكان وجاء احد الاصدقاء القطريين واوقف الدفع ما لم يخف الازدحام والفوضى المصاحبة وباالتالي وجب على الكثيرين الخروج. اذعن البعض بعد ان سلم ملفه بالتراتبية. وصدح صوت الصديق القطري: رقمه عشرة والساعة تعدت الثانية بعد الظهرلماذا لم ياتي دوره بعد؟ لا اريد هذه الفوضى.هزّ الجميع برؤوسهم مرحبين. جمعت كل الملفات من داخل المقر ومن خارجه بتراتبية يشك فيها. انتقلت من يد دركي ليد متطوع ومنه ليد متطوع اخر، سبحان من طوعهم .

وفي عملية التبادل تغير اتجاه الملفات ليصبح الاول اخرا والملف الاخير اولا.

داهمنا الليل ارتاى صديقنا القطري ان تكون الافضلية- وقد ضاق الوقت – للمعمرين. بعد ساعتين اقفل المركز ليفتح في اليوم الثاني. في اليوم الثاني بقي المركز مقفلا...

جئت يا صديقي اسعد وبا صديقي هشام جئتم يا كل اصحابي الذين تهدمت بيوتهم او اصيبت الى مركز الدفع وستاتون كثيرا تنتظرون ان يكون الدور لكم لكنني اراهن انكم لن تسمعوا احدا يصرخ عاليا باسمائكم يدعوكم للدخول.

اقتراحي للإخوة القطرين: لجنة للملفات العادية المباشرة ولجنة للملفات التي تحتاج للتدقيق اكثرفي الارث واصحاب الحق في التعويض.

اقتراحي للبلدية: ارقام عليها ختم البلدية توزع بالتدريج وبحسب توقيت وصول الحضور، ياتي المواطن فيستلم رقمه الذي هو دوره. يغيب ثم ويعود عند اقتراب دوره. مع اشتراط تدوين تسلسل اسماء الحضور تبعا للارقام وتسلم للجنة التي لا تعمل الا بموجب تسلسلها الرقمي.

بعد هذا لن يحتاج احد منا ان يقف امام باب او ان يترجى احد او ان ينتظر دوره الذي دائما لا يصل.

تعليقات: