رقصة «البهانغرا» من السهول الزراعية إلى .. جنوب لبنان

رقصة البهانغرا
رقصة البهانغرا


قبلة «اليونيفيل» وعنوان حصاد المواسم في البنجاب

نقار كوكبا:

تميزت الكتيبة الهندية العاملة ضمن قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان، بفرقتها الموسيقية المسماة (القرب) التي تواكب مختلف نشاطات هذه القوة، من خلال عزف ووصلات موسيقية وعروضات راقصة فولكلورية مميزة، حازت إعجاب عناصر القوات الدولية والمجتمع المحلي اللبناني، بحيث بات هناك تعاون ولقاءات متعددة بينها وبين فرق موسيقية محلية كشفية طلابية وشعبية، تناغم معها الرقص اللبناني مع الفن الهندي، خاصة مع رقصة «البهانغرا» عنوان حصاد المواسم في سهول البنجاب.

وتستخدم الجيوش الموسيقى في مختلف مهامها، ومنها حث الرجال على القتال كما يقول ضابط العلاقات العامة في الكتيبة الهندية التاسعة الميجر سوميت شارما، الذي يضيف ان هذا التقليد لا يزال ساريا من خلال البوق أو الزمور أقدم آلة نحاس موسيقية، فهي استعملت في أوروبا القديمة كإشارة حرب، فكل قائد له آمر بوق، وفي العصور الوسطى كانت مكافأة الشجاعة والبطولة زمورا أو بوقا، ويقول ان الفرق الموسيقية العسكرية تواكب الجيش الهندي في أماكن تموضعه كافة، وتكون لها مهمات إضافية مختلفة تؤديها بكل أمانة ومسؤولية.

الفرق الموسيقية الدولية بمختلف تلاوينها وتنوعها واكبت اليونيفيل المعززة الى جنوب لبنان، وكانت الفرقة الموسيقية الهندية قبلتها، فرقة القرب هذه كانت قد تشكلت في تشرين الأول العام ,1950 تحت رعاية اللواء ك م كاريابا في مركز بانشماري الثقافي التابع لكلية تدريب الجيش الهندي، لتنمو في ما بعد العديد من الفرق المشابهة التي تنافست في تقديم الأفضل، وبقيت في مقدمتها الفرقة الملكية الأولى (القرب) التي عملت في عداد الكتيبة الهندية ـ ,9 وانتقلت الى جنوب لبنان للمساهمة في مهمات قوات اليونيفيل، بعدما كانت قد فازت بالعديد من المسابقات الموسيقية على مستوى الفرق الكبرى في الهند.

وفي جنوب لبنان قدمت القرب عروضات فنية فولكلورية متعددة ومكثفة، من ضمنها برامج للتبادل الثقافي مع طلاب مدارس العديد من القرى الجنوبية، بالتعاون مع فرق موسيقية لنواد كشفية ورياضية وطلابية محلية، وكانت لها عروض خلال مناسبات رسمية هندية مثل احتفالات يوم الجمهورية التي تقام بتاريخ 26 كانون الثاني من كل عام، وخلال تقديم ميداليات السلام الدولية لعناصر الكتيبة، ولمناسبة ذكرى ميلاد الماهاتما غاندي الذي أقيم له نصب تذكاري في بلدة ابل السقي، إضافة الى العزف خلال الاحتفالات الترفيهية والموائد التي تقيمها قيادة الكتيبة تقديرا واحتراما للمدعوين.

قوام الفرقة 15 عنصرا يقودها المؤهل سورات سينغ، الذي أوضح أن فرقته تعزف في كل الاحتفالات، وخلال التدريب الروتيني مثل العروض العسكرية وما شابه، مشيرا الى أن أعضاء الفرقة كانوا قد أخضعوا لعمليات تدريب عسكرية في كلية تدريب الجيش، مما يخولهم المساهمة خلال الحروب العمل ضمن الفرقة الطبية، لتناط بهم مسؤولية معالجة الجرحى وإخلاء الضحايا من أرض المعركة.

وحول رقصة البهانغرا المشهورة في الهند يقول سينغ ان الرقصة هذه بدأت كجزء من احتفال بايساكي أي الحصاد في منطقة البنجاب، وهي تجمع بين قدرة العطاء والشعور المرهف والحس الممزوج بروح العمل، ومعها تتناغم نشوة ضرب الطبول (دهول) ومختلف الآلات الموسيقية الوترية المستعملة مثل آلة الباكتار، التومبي الشيما، سارانغي، سابيرا، سوب، الدهوكي، الدمرو وجميعها تترافق مع أغان ومقاطع شعرية باللغة البنجابية المدعوة بولي، تكون كلها مكرسة للإشادة بفخر البنجابيين وأبطالهم، أشباه اوداهام سينغ وبهجة سينغ، ناهيك عن التغني بالدوباتاس (فولار يوضع حول عنق النساء) وبالسيدات الجميلات و«ما أكثرهن في الهند»، وخاصة عند ساعات الفرح وتناول المشروبات الروحية خلال الليالي الملاح وموسم الحصاد في الحقول المترامية الأطراف.

ويقول المؤرخون البهانغاريون إن هذه الرقصة يمكن أن تكون قد نشأت في زمن الحرب مع الاسكندر، وباتت عنوانا للفرح عند المزارعين تنشطهم في موسم الحصاد (البيساكي) الذي يبدأ في 13 نيسان من كل عام، ومن هنا انتقلت الرقصة بسرعة الى كل الفصائل وصفوف التعليم ودخلت في الأعراس، وحفلات رأس السنة وكل المناسبات المهمة.

تعليقات: