منى مرعشلي... شمس المغارب روّحت!


لم تمض أيام معدودة على تكريم «مترو المدينة» للفنانة منى مرعشلي (1958 ــ 2016/ الصورة) ضمن مشروع «متروفون»، حتى غاردتنا اليوم صاحبة «لك شوقة عندنا»، بعد غياب طويل عن الأضواء، فرضته ظروفها الشخصية والفنية. مرعشلي التي رحلت بصمت عن عمر يناهز الـ58 عاماً، تاركة إرثاً من ثقل الزمن الجميل، صارت اسمها الأكثر تداولاً على مواقع التواصل الإجتماعي، فيما تصدّر هاشتاغ #منى_مرعشلي قائمة الـ «ترندز» على تويتر.

تخرّجت صاحبة «شمس المغارب» من استديو الفن في عام 1973، وحملت الكأس الذهبية.

عرفت بخطّها الغنائي الطربي، وأبدعت في تأدية أغاني كوكب الشرق بشكل مذهل، الأمر الذي دفع بكبار الملحنين والفنانين للثناء على هذه الموهبة الإستثنائية، وإستثمارها بين مصر ولبنان. على سبيل المثال، قال سيّد مكاوي إنّها «موهبة خطيرة»، ويجب أن تأتي إلى القاهرة «علشان نسمعها كويس ونقدملها حاجة كبيرة تليق بها». أما الموسيقار بليغ حمدي، فأثنى بدوره على موهبتها وصرّح بأنّه «جاهز للتفرغ لها فوراً».

الفنانة اللبنانية التي أتت من «طينة الكبار» كما وصفها الموسيقار محمد سلطان، لم تسعفها ظروفها الفنية على وجه الخصوص مع غياب أي إدارة أعمال خاصة بها، وشركات إنتاج تحتضن موهبتها. هكذا، غيبت الحرب في منتصف السبعينيات أحلام منى مرعشلي، وأخذت معها كل أحلامها، وأحبطت عزيمتها على الإستمرار. إلا أنّ الملاحظ في سيرة الراحلة أنّ من كانوا معها أضحوا نجوماً على الساحة حتى اليوم، منهم وليد توفيق، وغسان صليبا، وماجدة الرومي، بينما لم تحظ هي بفرصتها المناسبة.

حيك الكثير عن إعتزالها للفن، وإرتدائها الحجاب، خصوصاً في الفترات الطويلة التي ابتعدت فيها عن الساحة الفنية، غير أنّها كانت تعود بمجموعة أغاني أشهرها «شمس المغارب» (كلمات محمد عجمي، ألحان نور الملاح) و«ارتكني نسالي إسمي»، (كلمات زياد الرحباني وألحان فيلمون وهبي). إلى أن أثقل الإنتاج كاهلها لأنّها كانت تصدرها على حسابها الخاص. تجدر الإشارة إلى أنّها أدّت أغنية قصيرة بعنوان «دا فيلم أميركي طويل»، مقلّدة أم كلثوم في مسرحية «فيلم أميركي طويل» (إخراج زياد الرحباني).

لم تستطع منى مرعشلي كما باقي الفنانين الكبار التعايش مع ما وصل إليه الفن من تسطيح وإعطاء أهمية للصورة وللشكل الخارجي على حساب الصوت الجميل. رفضت الدخول في هذا البازار حتى على حساب دفعها لضريبة الشهرة، وغيابها عن جمهورها. ومع ذلك، كانت على ثقة بأن الفن الأصيل سيبقى وأنّه له جمهوره المتعطش. ويكفي الإستشهاد بمقابلة لها مع صحيفة «الحياة» تعود إلى 2013، لنؤكد هذا الأمر، إذ قالت: «يكفي أن أطل غداً ليرى الجميع ماذا يمكن أن يحصل. اللون الغنائي الذي أقدمه محبوب ومطلوب، والكل يعرف أنّني غنيت الطرب الشعبي من خلال «شمس المغارب» التي كسّرت الدنيا، و«لك شوق عندنا»، و«علشان عيونك» و«سألت كل مسافر» وغيرها».

تغيب اليوم منى مرعشلي بعدما غابت صوتاً على مسارح لبنان والعالم العربي. ترحل بصمت لتطوي صفحة من الزمن الجميل الذي خذلتها ظروفه، لكن بقيت في ذاكرة الأجيال، مع صغر سن رحيلها وعدد أعمالها المتواضع أيضاً (19 أغنية).

تعليقات: