المتاجرة بالنازحين السوريين في عرسال


عاد فصل الشتاء بعواصفه ورياحه وثلوجه وصقيعه، وعادت معه نغمة التباكي على وضع اللاجئين السوريين المنتشرين في بلدة عرسال الحدودية. نغمة يعتمدها المتاجرون بقضية اللاجئين، من مشايخ وشخصيات تدّعي العمل في المجال الإنساني لتحقيق الأرباح من المنظمات الدولية التي تموّل مشاريع دعم النازحين والمهاجرين في العالم. نغمة تُشعر من يتابعها وكأن النازح السوري في عرسال يعاني من الصقيع والبرد ما لا يعاني منه أهالي عرسال الأصليون، أو كأن الإجرءات الأمنية التي يتخذها الجيش اللبناني في البلدة المحتلة بإعتراف وزير الداخلية نهاد المشنوق، وبهدف ضبط الأمن في بلدة يقطنها مئة ألف لاجئ سوري، تزعج النازحين حصراً ولا يتأثر بها العرساليون.

"هذه النغمة مفتعلة من قبل المتاجرين بقضية اللاجئين"، يقول مصدر أمني بارز، ويضيف "بقدر ما تكون صرخة هؤلاء المتاجرين قويّة، بقدر ما يحصلون على مزيد من المساعدات المالية وحافلات المواد الغذائية والطبية ومقومات الصمود الشتوية، علماً ان هذه الصرخة ليست في محلها ولا تعبر عن واقع الأمور لأن الإجراءات الأمنية المتخذة تطبق على جميع من يدخل عرسال ويعيش فيها أكان نازحاً سورياً أم من أهالي البلدة". وفي هذا السياق، تكشف المعلومات أن ما من تدابير جديدة متخذة بحق الجمعيات الإنسانية العاملة في بلدة عرسال كي يطلق المتاجرون الصرخة تلو الأخرى، وكي يعتمدوا الكذب والإشاعات، للإيحاء بأن القوى الأمنيّة والعسكريّة تتشدد بحق النازحين وتضيق الخناق الإنساني عليهم، وتمنع دخول المساعدات الى مخيماتهم، فما كان يُطبّق سابقاً لا يزال سارياً ومطبقاً اليوم، وما يمكن أن يصدر من إجراءات جديدة لن يصدر في السرّ وسيعمّم على الحواجز وعلى الأهالي وفعاليّات البلدة كما المنظمات الإنسانية، وبالتالي كل هذه الضجة التي تثار تحت شعارات تدعو الى إنقاذ النازحين في عرسال، ليست إلا ضجّة مفتعلة لتحقيق الأرباح والمتاجرة بالوضع الإنساني للنازحين السوريين.

"هذا التشدد الأمني في التعامل مع الجمعيات التي تعمل على مساعدة النازحين هو من باب الحيطة والحذر، خصوصاً أن حجم الحافلات التي تدخل البلدة يومياً كبير وضخم، ويمكن التهريب عبرها ما هو ممنوع وما قد يعكّر الأمن كالسلاح والمواد المتفجرة وغيرها"، يقول مصدر أمني. هذا التشدّد لم يأتِ تطبيقه من لا شيء، بل من كشف الأجهزة الأمنية منذ مدّة لجمعية لبنانية كانت تحاول إدخال المساعدات الغذائية الى عرسال على أساس أنها ستوزع على النازحين السوريين، ليتبيّن أن وجهة هذه المساعدات هي الجرود حيث تنتشر المجموعات الإرهابية في مناطق يقفل الجيش المعابر المؤدّية اليها منعاً لتسرب الإرهابيين الى داخل البلدة وإعادة عقارب الساعة الى الوراء.

إذاً الحياة في عرسال طبيعية، وما يفرض من إجراءات سببه الوضع الأمني الشاذ الذي فرضته الحرب السوريّة والأخطاء السياسية اللبنانية. المساعدات تصل للنازحين، وأهالي عرسال يدخلون البلدة ساعة يشاؤون بعد خضوعهم للتفتيش وكذلك بالنسبة الى خروجهم منها، ليس بالأمر من جديد إلا بعض الحملات المغرضة التي يسمح حبّ المال لأصحابها بإثارتها ولو أنهم على قناعة ذاتية بأنها غير صحيحة وتتضمّن ما تتضمنه من إفتراءات على الأجهزة الأمنية والعسكرية وعلى رأسها الجيش اللبناني.

تعليقات: