كيف تستغل المصارف اللبنانية مقترضيها؟

الاقتراض بالنسبة إلى المواطن هو عالي الكلفة بشكل غير منطقي (محمود الطويل)
الاقتراض بالنسبة إلى المواطن هو عالي الكلفة بشكل غير منطقي (محمود الطويل)


لا يوفر قياديو القطاع المصرفي مناسبة، ولاسيما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إلا ويشدّدون على ضرورة تسهيل وتشجيع الاقراض عموماً وبالليرة اللبنانية خصوصاً. ولطالما سمعنا خلال السنوات الماضية عن حملات تشجيعية قادها مصرف لبنان لحثّ المصارف على توفير القروض الميسرة بفوائد متدنية، للأفراد أو المؤسسات الصغيرة، بهدف مساعدتهم على تحسين أوضاعهم المعيشية وتطوير مشاريعهم الخاصة.

ونظراً إلى كثافه الحملات الإعلانية للمصارف التي تحاول تشجيع المواطنين على الاقتراض، واعتمادها شتى الوسائل لجذب مقترضين، (حتى أن بعض المصارف وصلت إلى مرحلة الاتصال أو إرسال رسائل مباشرة لتقديم عروض خصوصاً للموظفين وعموم المواطنين)، فإن ذلك يوحي للمواطن بتقديمات مغرية أو ذات مميزات تشجيعية، فيعمد الساعي للاقتراض إلى البحث عن العرض الأفضل لجهة انخفاض الفائدة.

وغالباً ما يُفاجأ المقترض بسداده سندات تفوق قيمتها بكثير قيمة القرض وأضعاف الفائدة (المتدنية) التي جذبته للاقتراض، فكيف يتم احتساب القروض وفوائدها؟ وهل يتعرّض المواطن اللبناني لعملية استغلال من قبل المصارف؟

إذا أخذنا مثالاً عرضاً خاصاً يطرحه أحد المصارف، وهو قرض بقيمة 15 مليون ليرة أي 10 آلاف دولار لمدة 5 سنوات على أن يكون القسط الشهري 350 ألف ليرة، تكون النتيجة 21 مليون ليرة. أي أن فارق المبلغ (القرض) بلغ 6 ملايين ليرة أي نحو 4 آلاف دولار. وإذا احتسبنا قيمة الفارق من حجم القرض تكون نسبتها 40 في المئة. ما يعني أن الفائدة (بنظر المقترض) التي سيتم سدادها في هذه الحالة هي 40 في المئة من حجم القرض، فيما يصر المصرف على أن فائدة القرض لا تتجاوز 12 في المئة.

وفي حال اعتبرنا أن الفائدة هي 12 في المئة فقط (بحسب البنك)، فذلك يعني أن 15 مليون ليرة يجب أن يتم سدادها 15 مليون ليرة، إضافة إلى حجم الفائدة وهي 1 مليون و800 ألف ليرة أي 10 آلاف دولار إضافة إلى 1200 دولار فقط، إنما الواقع أن المبلغ المُستحق على المقترض هو 4 آلاف دولار إضافة إلى أصل القرض أي 10 آلاف دولار، فمن أين أتى المبلغ الإضافي ولماذا لم يُبلغ الزبون به قبل الاقتراض؟

يوضح موظف في أحد المصارف أن معظم المصارف تعتمد الأسلوب ذاته في عمليات الإقراض وهو "إخفاء" أو عدم تقديم شروحات مفصلة للزبون عن عملية القرض. ويشرح، في حديث إلى "المدن"، أن أخطر ما يجهله المواطن المقترض أن سعر الفائدة المدوّن على إعلانات المصارف هي الفائدة السنوية، أي أن المصرف سيتقاضى من المقترض فائدة على المبلغ (القرض) عن كل سنة من سنوات سداد القرض، أي في حال قرض 15 مليون ليرة (المثال) فالفائدة هي فعلاً 12 في المئة، لكن المصرف سيتقاضاها خلال السنة الأولى من القرض ويستمر بتقاضي فوائد جديدة على القرض نفسه خلال السنوات الأربع اللاحقة وإنما بشكل تناقصي (أي أن الفائدة تتراجع من عام لآخر إلى حين سداد المبلغ، وربما تكون الفائدة ثابتة).

كما أن المصارف بغالبيتها، وربما جميعها، وفق الموظف الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، تورد في عقود الاقراض لديها عبارات ملتبسة لا يطلب المقترض توضيحها، ولا يوضحها المصرف، مثل: "سعر الفائدة سنوية، هي ليست معدل الربح السنوي، والدفع الشهري يأخذ في الاعتبار الرسوم والتكاليف الأخرى المرتبطة مع المنتج أي القرض"، وذلك يعني أن هناك تكاليف إضافية عبارة عن ربح سنوي للمصرف منفصل عن الفائدة، إضافة إلى رسوم وتكاليف غير محددة، وهي في الواقع عبارة عن بدل أتعاب الموظفين في المصرف والمعاملات والتقنيات وغيرها وللمصرف طبعاً الحرية التامة في تحديد قيمتها.

أياً تكن تلك المصاريف والعمولات ومهما كانت الفوائد متدنية، فإن الإقتراض بالنسبة إلى المواطن هو عالي الكلفة بشكل غير منطقي، إذ تراوح قيمة "الإضافات على القروض" ومن ضمنها الفوائد، بين 35 في المئة و60 في المئة، ما يجعل من حملات تشجيع الاقتراض، مجرد حملات لاستغلال حاجة المواطن واستنزافاً لأمواله.

* عن المدن

تعليقات: