ترامب يفجّرها مرّة جديدة.... إنتظروا دخولي البيت الأبيض!


 

يبدو ان الوعود التي أطلقها الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية واعتبر البعض أن تطبيقها مستحيل، بدأت تسلك طريق التنفيذ، رغم خطورتها، في بعض الاحيان. فبعد التصريحات النارية التي أطلقها الرئيس المنتخب دونالد ترامب منذ ايام قليلة حول المهاجرين وطردهم من الولايات المتحدة بعد ساعات قليلة من تولّيه السلطة، ها هو يفجّر مفاجأة جديدة بإعلانه انسحاب بلاده من اتفاقية "الشراكة عبر المحيط الهادئ" في اليوم الاول من ولايته الرئاسية التي تبدأ في 20 كانون الثاني المقبل. وهو أحد الاجراءات الستة التي أعلن عنها في اطار اعتماد برنامج "اميركا اولا".

اتفاقية "الشراكة عبر المحيط الهادئ"

مطلع شهر شباط من العام الحالي، وقّعت 12 دولة اتفافية "الشراكة عبر المحيط الهادئ"، في خطوة اعتبرها الكثيرون محاولة أميركية لـ"إعادة التوازن" الاقتصادي إلى آسيا ووقف تعاظم دور الصين هناك. ووقعت الاتفاقية أستراليا، وبروناي، وكندا، وتشيلي، واليابان، وماليزيا، والمكسيك، ونيوزيلندا، والبيرو، وسنغافورة، والولايات المتحدة، وفيتنام. وترمي هذه الاتفاقية إلى كسر الحواجز أمام التجارة والاستثمار بين 12 دولة تشكل حوالى 40% من الاقتصاد العالمي، ولكن يعارض هذه الاتفاقية المتخوّفون من تداعياتها على الوظائف والسيادة الوطنية. يومها رحّب الرئيس الاميركي باراك اوباما بتوقيع هذه الاتفاقية، مؤكدا أنها "ستعزّز القيادة الاميركية في الخارج وستدعم الوظائف في الولايات المتحدة". وتنص الاتفاقية على تخفيض أو إلغاء معظم الرسوم الضريبية على كل المنتجات، من لحوم البقر، ومنتجات الألبان، والنبيذ، والسكر، والأرز، والمزروعات، والمأكولات البحرية، وصولا إلى المنتجات المصنعة والموارد والطاقة.

كما تشمل أيضا مجالات كتبادل المعلومات والملكية الفكرية، التي لم تكن تشملها الاتفاقات السابقة المتعددة الأطراف. وبحسب المؤيدين، هذه الاتفاقية ستسمح بتأمين وصول أفضل إلى السلع والخدمات، لأكثر من 800 مليون شخص في دول الشركة عبر المحيط الهادئ التي تمثل 36% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي. فيما اعتبر العديد من المراقبين أن هذه الاتفاقية، التي تضم عددا من دول القارة الآسيوية، تهدف إلى وقف تعاظم دور الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. أما الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب فيسعى بعد إلغاء هذه الاتفاقية، إلى التفاوض حول اتفاقيات "ثنائية" يرى انها "ستعيد الوظائف والصناعة الى الارض الاميركية، في الوقت الذي اعتبر فيه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ان "اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ لن يكون لها معنى بلا الولايات المتحدة، معتبرا انه من المستحيل اعادة التفاوض حول الاتفاقية، ففي هذه الحالة سيؤدي ذلك الى زعزعة التوازن الاساسي للمصالح.

لكي تصبح الاتفاقية سارية المفعول يتعين على البرلمانات في الدول الأعضاء أن تصدق عليها في غضون عامين، وخصوصا الكونغرس الأميركي حيث تلقى معارضة متزايدة خصوصا في خضم الحمى السياسية المتصاعدة بسبب حملة الانتخابات الرئاسية. وحض أوباما الكونغرس على التصديق على هذه الاتفاقية في أسرع وقت ممكن، فيما يثير التشكيك فيها قلق دول هذه المنطقة التي شكلت اولوية جيو-استراتيجية واقتصادية للادارة الديموقراطية.

تصريحات الرئيس الاميركي الجديد أججت مرة جديدة المخاوف حيال العلاقات التجارية والاقتصادية بين الولايات المتحدة وشركائها في الخارج. وبالفعل، وفي تصريح مسجل، أوضح ترامب الذي انتخب بناء على مقترحات مضادة للعولمة الاجراءات الستة الاساسية التي سيتخذها في اول مئة يوم في السلطة، مؤكدا انها تعتمد كلها على "مبدأ اساسي: اميركا اولا". وتتعلق هذه الاجراءات "بإصلاح" الطبقة السياسية و"اعادة بناء الطبقة الوسطى" و"جعل اميركا افضل للجميع".

وبالاضافة الى إلغاء اتفاقية الشركة عبر المحيط الهادئ، وفي ما يتعلق بالهجرة، قال الرئيس دونالد ترامب الذي عيّن السناتور جيف سيشنز المتشدد وزيرا للعدل إنه ينوي التحقيق في المخالفات في برامج منح التأشيرات لتجنّب تضرر العامل الاميركي. وفي ملف الأمن القومي، أكّد ترامب الذي اختار الجنرال السابق مايكل فلين المعادي بشدّة للتطرف الاسلامي والمتسامح حيال روسيا، انه سيطلب من وزارة الدفاع ورئيس الأركان وضع خطة شاملة لحماية البنية التحتية الحيوية للولايات المتحدة من الهجمات الإلكترونية والهجمات الأخرى بكل أشكالها". وبشأن الطاقة، أشار ترامب المحاط بمسؤولين مشككين في قضية المناخ، إلى أنه سيلغي القيود التي تقضي على امكانية توفير الوظائف في مجال إنتاج الطاقة الاميركية، بما في ذلك الغاز والنفط الصخري والفحم النظيف، لافتا إلى أن من شأن ذلك "خلق ملايين فرص العمل بأجور جيدة". اما الاجراءان الخامس والسادس واللذان يحتلان اولوية، فهما وعد بمكافحة البيروقراطية، ووضع قواعد اخلاق سياسية جديدة عبر منع انتقال اي عضو في السلطة التنفيذية الى القطاع الخاص قبل مرور خمس سنوات.

والملف في تصريحات دونالد ترامب الاخير وعدم تضمنها أي إشارة الى مقترحات سابقة كانت أثارت جدلا في الاسابيع الماضية ومنها التصريحات حول بناء جدار على الحدود المكسيكية - الاميركية، وطرد ملايين المهاجرين غير الشرعيين، والحد من دخول المسلمين وإلغاء نظام الضمان الصحّي المعروف بالـ "اوباماكير".

أبرز نقاط خطة ترامب الاقتصادية

وكان الرئيس الجديد للولايات المتحدة الجمهوري دونالد ترامب طرح ضمن حملته الانتخابية خطة اقتصادية سيسعى إلى تنفيذها خلال عهده. وفي ما يلي أبرز ملامح الخطة التي تضاف الى الانسحاب من معاهدة الشركة عبر المحيط الهادئ، وبعض النقاط التي أثارها ترامب في حديثه المتلفز الاخير.

- إلغاء العديد من اللوائح التنظيمية الاتحادية، مع فرض تعليق مؤقت على اصدار قواعد اتحادية جديدة.

- إعادة تمويل الديون الأميركية الطويلة الأجل لدفع مقابل تطوير البنية التحتية.

- وعد ترامب بتحفيز النشاط الاقتصادي وتحقيق معدلات نمو بين 3.5% و 4% (مقارنة بمعدل 1.8% المتوقع لسنة 2016).

- تبسيط اللوائح الضريبية الاميركية.

- خفض اضافي لتكلفة رعاية الأطفال. وتوجد حالياً إعفاءات ضريبية لرعاية الأطفال والقاصرين تتحدد بناء على الدخل بثلاثة آلاف دولار للشخص، وستة آلاف دولار للشخصين.

- خفض ضرائب الشركات لتحفيز التوظيف من 35% إلى 15%.

- اقترح ترامب خفض الضرائب على كل الشرائح في الولايات المتحدة من ضمنها الأغنياء. ويقترح في هذا السياق خفض ضريبة الدخل للشريحة الأكثر ثراء في البلاد من 39.6% إلى 33%، وتقليل عدد شرائح المعاملة الضريبية من سبع إلى ثلاث. وفي ايلول الماضي، اقترح ايضاً خفض عدد الشرائح التي تحدد قيمة ضريبة الدخل من سبع إلى أربع. وعاد واقترح ترامب ثلاث شرائح من 12 و25 و33%، مقابل نسبة قصوى من 39,6% معتمدة اليوم.

- معارضة رفع أسعار الفائدة حماية للشركات الاميركية.

- إعادة النظر بكل المعاهدات والاتفاقات التجارية الدولية التي تشارك فيها الولايات المتحدة. وأعلن ترامب صراحة عداءه لاتفاقات التجارة الحرة بما فيها اتفاق "نافتا" اي اتفاق التجارة الحرة لأميركا الشمالية. وأقرّ هذا الاتفاق بقانون صدر عام 1994 خلال عهد الرئيس السابق بيل كلينتون زوج هيلاري، ويُلقي منتقدوه باللوم على ذلك الاتفاق في فقدان الوظائف الأميركية.

- إعادة النظر بالعلاقات التجارية الثانية بين الولايات المتحدة وعدد من الدول على رأسها الصين.

- إمكان وقف استيراد النفط من السعودية ما لم تشارك الاخيرة بجيشها في قتال تنظيم "الدولة الاسلامية" او تعوّض الولايات المتحدة عن الجهود التي تبذلها في محاربة التنظيم.

- السعي للتوصل إلى اتفاق جيد مع الصين من شأنه مساعدة الشركات والموظفين الأميركيين على المنافسة.

- وعد ترامب بإعادة الاستثمار في البنى التحتية.

- اقترح فرض رسوم جمركية بنسبة 35% على المنتجات المكسيكية التي تدخل الولايات المتحدة وبنسبة 45% على المنتجات الصينية. منتقدو هذه الخطوة يعتبرون انها ستؤدي إلى حرب تجارية وتحدٍّ من القدرة التنافسية الأميركية على المستوى العالمي.

- إجبار الصين على الاعتراف بالتلاعب بعملتها ووضع نهاية لدعم الصادرات الصينية، والتخفيف من وطأة المعايير البيئية والعمالية. وتُظهر أحدث الأرقام الصادرة من الحكومة الاميركية أن عجز الميزان التجاري مع الصين بلغ مستوى غير مسبوق ليصل إلى 365.7 مليار دولار في العام 2015.

تعليقات: