التغطية الصحية لمن هم فوق الـ 64: فشل على فشل




مليونا ليرة لبنانية دفعهما ابراهيم رمضان، الفلاح ابن السبعين عاماً وغير المشمول بأي ضمان صحي، بدل «فروقات» وزارة الصحة لمستشفى الشيخ راغب حرب. مبلغ دفعه الرجل... برعاية مشروع «التغطية الصحية الشاملة لمن هم فوق الـ 64 عاماً» الذي دخل حيز التنفيذ قبل شهر والذي يفترض أن يعفي من هم بلا حول ولا قوة من «جشع» المستشفيات، ولكنه لم يفعل

لم يكد يمرّ «شهر العسل»، حتى بدأ «النكد». فبعد أقل من أربعة أسابيع على دخول مشروع «التغطية الصحية الشاملة لمن هم فوق الـ 64 عاماً»، بدأت الشكاوى ترد إلى «صندوق» وزارة الصحّة عن استغلال بعض المستشفيات للمرضى، المشمولين بالتغطية، عبر المطالبة بدفع «فروقات» الوزارة...

وإلا احتجازهم، ضاربة عرض الحائط، وعن سابق تصوّر وتصميم، بأمل المحرومين في ضمان شيخوختهم والحصول على حقهم بالطبابة المجانية. هذا الحق الذي يكفله القانون والذي لا يبدو أن المستشفيات تأبه له في ظلّ جشعها. ولكنها، ليست مسؤوليتها وحدها، فهي أيضاً مسؤولية الدولة العاطلة، التي اكتفت بمهرجان إطلاق مشروع التغطية، تاركة المرضى في مواجهة المستشفيات، إذ كان من الحري بوزارة الصحة، على الأقل، «تعميم» آلية الاستفادة من التغطية الصحية الشاملة. لكنها، لم تفعل. وقد يكون ما حصل قبل ستة أيام مع المواطن ابراهيم رمضان النموذج الأول للفشل في البرنامج الجديد القائم على علاجات موضعية.

تكتفي الوزارة

بالقول إن «كل فرنك تدفعونه للمستشفى هو سرقة واستغلال»

قد تكون قصّة ابراهيم رمضان، الفلاح ابن السبعين عاماً الذي اضطر إلى دفع «مليوني ليرة لبنانية فروقات وزارة» لمستشفى الشيخ راغب حرب، هي الجواب عن سؤال: كيف يطبّق مشروع التغطية الصحية الشاملة لمن هم فوق الـ 64 سنة على الأرض؟

قبل أيام، نُقل رمضان إلى طوارئ مستشفى حرب. قبل أن يقرّر الأطباء حالته، «الحرجة أصلاً»، حسب ما يقول ابنه حسين رمضان، قررت إدارة المستشفى أن دخوله إليها يحتاج إلى دفع بدل تأمين، قدّرته بألف دولار أميركي. غير أن العائلة لم تفعل «لعلمنا بمشروع التغطية الشاملة، إذ تواصلت مع وزارة الصحة وأخبرتها بما جرى، وعلى ما يبدو أن الوزير وائل أبو فاعور تحدث مع إدارة المستشفى، بدليل أنهم أدخلوا والدي من دون السؤال عن التأمين»، يتابع حسين.

دخل ابراهيم ومكث هناك 6 أيام، وعندما حان موعد الخروج، طلبت إدارة المستشفى من العائلة تسديد «مليونين و900 ألف ليرة لبنانية». عندها واجه حسين، ابن المريض، المستشفى ببطاقة هوية والده التي تثبت أنه تخطى الـ 64 عاماً، لكن كان جواب المستشفى «رح نشلّك 900 ألف إذا الوزارة بتغطّي ميّة بالميّة»! هكذا، قرر المستشفى أن يمارس «الشطارة» ويجبر عائلة الرجل على دفع مليوني ليرة «لأن وضعه الصحي لا يحتمل وكان علينا أخذه إلى مستشفى آخر لإجراء عملية عاجلة في القلب». وقد برر المستشفى دفع هذا المبلغ بأنّ «الوصل المعطى لنا من الوزارة فيه موافقة على طبابة ليومين، فيما والدي مكث في المستشفى 6 أيام».

قد تكون هذه العائلة قادرة على دفع هذه الملايين، لكن ماذا عمن لا يقدر على الدفع؟ عن السيّدة الوحيدة التي تبلغ من العمر 66 عاماً والتي كان جيرانها يجمعون المال من أجل دفع بدل التأمين للمستشفى نفسها؟

كل ذلك يحدث، فيما الوزارة تكتفي بالقول إن «كل فرنك تدفعونه للمستشفى هو سرقة واستغلال»، حسبما قال مستشار وزير الصحة لحسين رمضان. اعتراف يبقى مجتزأً، وخصوصاً أنّ «الوزارة تتركنا للكماشة»، يقول حسين، متابعاً «المطلوب أن تقول الوزارة للمستشفى ممنوع استيفاء مبالغ ليس من حقها، لا أن تضعني أمام خيار صحّة والدك وحياته».

لكن، إلى الآن، لا شيء من هذا يحصل، باستثناء علاجات موضعية «أي أن وزير الصحة يتحرك بناء على شكوى»، حيث سيجري استدعاء مدير المستشفى للتحقيق معه في المخالفة. وهو ما ليس مطلوباً. المطلوب هو أن تصبح طبابة من هم فوق الـ 64 عاماً تلقائية «بمجرد إبراز بطاقة الهوية». أما ما يحصل اليوم، وما حصل مع ابراهيم رمضان أن عائلته اضطرت إلى النزول من الجنوب إلى بيروت للحصول على «وصل موافقة اللجنة الطبية في وزارة الصحة على تغطية تكاليف العلاج ومدته». لم تفعل الوزارة أقل الواجب، وهو تنظيم الآلية التي على أساسها سيحصل من تخطى الـ 64 عاماً، والمحروم تالياً من أي نوع من الضمان، على التغطية الصحية الشاملة. فهل اكتفت بمهرجان الإطلاق، تاركة ما تبقى «على الله»؟

تعليقات: