الجليد يعرقل حركة السير في المناطق

أشجار ومنازل مازالت ترزح تحت التراكمات الثلجية المتجمدة (شوقي الحاج)
أشجار ومنازل مازالت ترزح تحت التراكمات الثلجية المتجمدة (شوقي الحاج)


أدى الجليد وتدني درجات الحرارة بشكل كبير إلى وقوع حوادث سير بالجملة في مدينة طرابلس، خصوصاً عند مستديرة السلام وطلعة جامعة المنار في أبي سمراء. كما أدى الجليد إلى انقلاب سيارة دفع رباعي .

وحضرت عناصر من قوى الأمن الداخلي وعملت على تأمين مرور السيارات وتحذير المواطنين من القيادة بسرعة خصوصاً في الأماكن التي تتجمع فيها المياه.

وفي عكار، لا يزال الطقس الجليدي متحكماً بمجمل المناطق الجبلية والوسطية وحتى الساحلية حيث بلغت درجة الحرارة واحد تحت الصفر في بلدة حلبا ومحيطها، وهو أمر يندر حدوثه.

واستفاق الأهالي على طبقة من الجليد تغطي مجاري المياه الضحلة وأسطح البيوت الزراعية في مختلف قرى وبلدات سهل عكار التي اصيبت بنكبة كبيرة جراء إتلاف موجة الصقيع للمزروعات الخضرية العشبية الشتوية وللمزروعات داخل البيوت المحمية التي احترقت النباتات الزراعية فيها كما اهترأت الثمار بفعل الجليد، بحسب ما أوضح رئيس اتحاد بلديات سهل عكار خالد الخالد، مشدداً على أن "ما حدث الكارثة تحلّ على المزارع العكاري".

وناشد الخالد "المسؤولين المعنيين معاينة الواقع على الأرض والتعويض على المزارعين خسائرهم الكبيرة".

وتعذر السير صباحاً في عكار على مختلف الطرق الجبلية منها والوسطية وكان رؤساء الاتحادات البلدية والبلديات قد نصحوا السكان بعدم التجوال بسياراتهم ليلاً وفي ساعات الصباح الأولى وحتى بزوغ الشمس مخافة الانزلاقات والتسبب بحوادث سير.

ولا تزال الطرق الجبلية بدءاً من ارتفاع 800 متر وما فوق مقطوعة بسبب الجليد. وأشار الأهالي إلى أن "المياه تجمدت في شبكات مياه الشرب وفي الخزانات، لاسيما في البلدات والقرى الجبلية من أكروم إلى القبيات ومنطقة الجومة وجرد القيطع، وقد رسم الجليد لوحات طبيعية على الأشجار والنباتات وتدلت مسلات المياه المتجمدة من على الأسطح والجدران".

وفي راشيا (شوقي الحاج)، تستمر موجة الصقيع الحادة فارضة سيطرتها على القرى والمناطق الجبلية في البقاع الغربي وراشيا، مخلفة وراءها تشكيلات جليدية واسعة إكتسحت الطرق الرئيسية والداخلية.

وفرضت موجات الجليد حظر تجول قسري على القرويين الذين لازموا منازلهم وتفادوا التنقل أو الخروج إلا عند الضرورة. كما تسببت بأضرار مادية جسيمة، حيث تفجرت قساطل جر مياه الشفة وسط الأحياء السكنية وداخل المنازل.

ولم تنج مزارع الماشية من شدة الصقيع، حيث أدى البرد القارص إلى نفوق العشرات من رؤوس الماعز، ولاسيما في مزارع الفاقعة وحمى المشتى والنصب لأصحابها آل فايق وأسامة وطلال وسميح حمدان ووهيب وحسين غزالي.

كما تضررت عشرات قفران النحل، التي أصيبت بالهلاك بسبب التدني الحاد لدرجات الحرارة التي وصلت ليلا ً إلى حدود الدرجتين تحت الصفر. وتعود ملكية هذه القفران إلى جريس الجنى ومحمود القاضي وسهيل القضماني.

وأكد الشيخ أبو منير خير أن "الثلوج التي إجتاحت المنطقة هي الرافد الأساس لملء الخزانات الجوفية بالمياه وأهميتها تكمن في القضاء على بعض الحشرات والقوارض المضرة بالمزروعات الشتوية"، لافتاً الإنتباه إلى أن "موجة الصقيع التي اعقبتها تسببت بأضرار مادية في الكثير من القطاعات التجارية والإنتاجية".

وفي مرجعيون، بلغت درجات الحرارة أدنى مستواها هذا الأسبوع حيث وصلت إلى ما دون الصفر ليلاً، ما أدى إلى تجمّد المياه في بعض القساطل وتشكيل طبقات من الجليد على بعض الطرق.

وقررت بعض المدارس إقفال أبوابها لصفوف الروضات فيما أبقت على المراحل الأخرى.

وفي شبعا (طارق أبو حمدان)، أدت موجة الصقيع إلى تجمد البرك المنتشرة في تلال شبعا وكفرشوبا، في ظاهرة بدت غريبة عن طبيعة، ومنها بركة النقار غربي بلدة شبعا، بركة جنعم شرقي شبعا، بركة بعثائيل شمالي بلدة كفرشوبا، بحيث تراوحت سماكة طبقة الجليد بين حدود الـ30 والـ50 سم. ما سمح للعديد من الشبان المغامرين بممارسة هواية التزلج قبل أن تعمل الشمس على إذابة الجليد خلال ساعات بعد الضهر.

وفرضت موجة الجليد التي تضرب المنطقة منذ عدة أيام، حالة منع التجول في معظم قرى العرقوب، ولاسيما ما بين العاشرة ليلاً وحتى العاشرة صباحاً. كما تسبب الجليد بعدة حوادث سير على الطرق التي تربط حاصبيا بشبعا وكفرشوبا وراشيا، حيث اقتصرت أضرارها على الماديات.

إلى ذلك، تفقد وفد من "اليونيفيل" عناصر القوات الدولية العاملة في مرتفعات شبعا وكفرشوبا. وكان الوفد يجول فوق الخط الأزرق بواسطة مروحية دولية، هبطت داخل موقع الكتيبة الهندية لفترة ربع ساعة، اطلع خلالها الوفد على وضع الجنود الذين حوصروا بالثلوج على مدى الأيام القليلة الماضية.

وفي إقليم الخروب، وقوع حادث سير منذ ساعات الصباح الأولى بسبب تكون الجليد على طرق، حيث انزلقت حافلة تابعة للجيش اللبناني وسيارات أخرى على طريق عام بلدة شحيم فتسببت بقطع الطريق وبزحمة سير خانقة في الإتجاهين.

الأمر حال إلى منع الموظفين وطلاب المدارس والجامعات من الوصول إلى مراكز عملهم في صيدا وبيروت، حيث عملت الأجهزة الأمنية والجهات المختصة على إعادة فتح الطريق.

وفي زغرتا، عملت فصيلة مخفر اردة في قوى الأمن الداخلي على قطع الطريق الرئيسية عند مستديرة البلدة، ومنعت السيارات من العبور باتجاه منطقة وادي الريحان على طريق عام طرابلس ـ الضنية، بسبب تشكل الجليد عليها ووقوع حوادث سير عديدة، وتحويل السير إلى طريق اردة ـ حوارة مستديرة مهنية زغرتا.

وتسبب ذلك بازدحام السير على الطريق المذكورة التي تشكل الجليد عليها ايضاً، ولكن بشكل أقل، وصولاً إلى مستديرة مجدليا ومدخل طرابلس الشرقي لجهة زغرتا، الذي تشكل الجليد عليه، بعد تدني درجة الحراة ليلاً إلى حدود الصفر، ودفع السائقين إلى قيادة سياراتهم بحذر خشية وقوع حوادث سير.

وفي الكورة، توقف حركة السير صباح اليوم في ضهر العين من جهة وادي هاب بسبب تكون الجليد على الطرق وخطورة القيادة، خصوصاً أن أصحاب السيارات في هذه المناطق لا يستعملون السلاسل معدنية.

***

موجة البرد تنحسر

فيما يسيطر الجليد على معظم المناطق اللبنانية منذ أيام، توقعت مصلحة الأرصاد الجوية في المديرية العامة للطيران المدني أن يكون طقس الخميس غائماً جزئياً مع درجات حرارة متدنية وجليد على الطرق التي تعلو عن 700م وما دون في الشمال.

وأشارت إلى أن "كتلاً هوائية شديدة البرودة تسيطر على الحوض الشرقي للمتوسط، تنحسر تدريجيا بدءا من الجمعة، حيث يتحول الطقس إلى غائم جزئياً مع ضباب على المرتفعات وارتفاع محدود بدرجات الحرارة".

إلى ذلك، أدى تدني درجات الحرارة في بلدة شبعا ومحيطها إلى ما دون الصفر ليلاً، إلى تشكيل طبقات من الجليد رسمت لوحات فنية خلابة. في حين، لا تزال مدارس المنطقة مقفلة أبوابها بسبب الجليد والبرد.

في عكار (نجلة حمود) فاقمت العاصفة الأخيرة مشاكل المزارعين والصيادين في عكار، فالرياح القوية خلفت أضرارا متعددة في بنيان السنسول البحري في مرفأ العبدة الذي يعاني اصلا من تصدعات تفاقمت وباتت تهدد بانهياره وجرفه كليا.

وتركت الأنواء آثارها في الشباك التي تمزقت، والمراكب التي تكسر بعضها وبات اصلاحها مستحيلا مما زاد من تراكم الديون والأعباء على الصيادين.

ويؤكد الصيادون في العبدة ان خطرا يحدق بهم في حال تعرض جدار المرفأ الى الانهيار بسبب العواصف المتكررة والرياح القوية التي تضرب المرفأ، لافتين الى ان السنسول الغربي مهدد نتيجة الفجوات التي بدأت تظهر في الصخور وتتسرب عبرها المياه الى داخل حوض المرفأ.

يتفق الصياديون على توصيف الاوضاع المأساوية التي يعانون منها جراء غياب الاهتمام الكلي بقطاع الصيد، ان كان من السلطة المحلية أو من الوزارات المعنية، مطالبين بحماية مصدر رزقهم الوحيد، ومعالجة المرفأ وتطويره وتحسينه.

ويتحدث رئيس "تعاونية صيادي الأسماك" في العبدة عبد الرزاق حافظة عن "الأوضاع الصعبة للصيادين وتراجع الانتاج منذ بدء الحرب السورية، إذ بات من المستحيل دخول المياه الاقليمية على الحدود اللبنانية السورية بسبب خطر خفر السواحل وإطلاق النار المتكررعلى المراكب وبالتالي تراج الانتاج حوالي النصف".

ولفت حافظة الانتباه الى "ان الرصيف في المرفأ بات مهدد بالانهيار وعلى وزير الأشغال الالتفات الى المنطقة، ووضعها على الخريطة الانمائية للمنطقة".

وأكد الصياد خالد محمود طالب "أن العاصفة خلفت أضرارا كبيرة في الشباك، ونحن عاجزون عن اصلاحها، خصوصا أننا لا نعمل كل الأيام بل حسب وضع البحر".

ويستغرب الصياد خضر عيد لامبالاة وزارة الاشغال والنقل في الحكومة الحالية، بالؤغم من مطابتنا المتكررة بالحفاظ على لقمة عيشنا".

وتساءل هل "هناك مؤامرة تستهدف الصيادين في عكار بهدف استيراد كميات من السمك التركي والمصري".

وتفاجأ المزارعون المنتشرون في مختلف البلدات الساحلية بالخسائر الكبيرة التي منيوا بها بسبب الجليد، حيث تسبب الانخفاض الملحوظ في درجات الحرارة الى ما تحت الصفر في مناطق حلبا وسهل عكار الى اتلاف المزروعات الشتوية في البيوت البلاستيكية، وإلحاق خسائر في قفران النحل حيث اتلفت العشرات منها.

الخسائر المتفاقمة دفعت بالنقابات الزراعية الى الدعوة لعقد إجتماع لها لتقييم الخسائر الناتجة عن العاصفة في مختلف المواسم وتحديدا الحمضيات والزراعات الخضرية.

وأوضح رئيس تعاونية مزاريعي الخضار في عكار مصطفى الصالح "أنه سوف يطلب من المزارعين اعداد لوائح دقيقة ليتم رفعها الى المعنيين، ومطالبة الهيئة العليا للاغاثة دفع التعويضات للمزارعين".

ولفت المزارع عمر قدور الى "أن خسارته تفوق الـ 50 مليون ليرة جراء تضرر البيوت البلاستيكية واتلاف موسم البندورة والخيار والكوسا والحشائش، مشددا أنه من الصعب إعادة زرع الموسم، خصوصا أن الكثير من الفواتير يجب تسديدها ومن المستحيل إعادة الاستدانة، بسبب تراكم الديون في الثلاث سنوات الأخيرة".

وأضاف: "في كل عام نقوم بإحصاء الخسائر ورفها الى الوزارات المعنية من دون الجصول على أي نتيجة تذكر، إذ أن كل المناطق اللبنانية تحصل على تعويضات باستثناء مزارع عكار".

وفي الضنية (عمر ابراهيم) حالت موجة الصقيع من عودة الطلاب الى مدارسهم في منطقة الضنية، في وقت تواصلت فيه عملية فتح الطرقات التي كانت قطعت بسبب تراكم الثلوج، وتحديدا في القرى التي يزيد ارتفاعها عن 1000 متر.

وادى الجليد على طريق الضنية الرئيسي الى تعذر عبور السيارات عليها قبل الساعة العاشرة من صباح امس، خصوصا في المناطق التي يزيد إرتفاعها على 900 مترا فوق سطح البحر، بعد تدني درجة الحرارة ليلا إلى 3 درجات تحت الصفر في المناطق الوسطى.

ووجهت البلديات واتحاد بلديات الضنية والدفاع المدني نصائح إلى المواطنين بعدم التوجه صعودا نحو المناطق الجبلية إلا للضرورة، وأمام السيارات المجهزة بسلاسل معدنية أو سيارات الدفع الرباعي، والقيادة بحذر.

في راشيا (شوقي الحاج) لم تكد العاصفة الثلجية تنحسر، حتى أخلت مكانها لموجة أقسى وأصعب، تمثلت بموجة الصقيع الحاد، الناجمة عن تدني درجات الحرارة إلى حدود الثلاث درجات تحت الصفر، ما جعل السكان القرويين، الذين يعيشون في القرى الجبلية، التي يزيد ارتفاعها على 1400 متر يلازمون منازلهم، مع الإبقاء على ترك وسائل التدفئة مشتعلة ليلا ً .

وامتنع القرويون عن الخروج من منازلهم في ساعات الصباح ، إلا في الحالات الضرورية ، نتيجة التشكلات الجليدية، التي اجتاحت كل الطرقات والأمكنة .

وقد أدى الجليد إلى إعاقة حركة السير على الطرقات الجبلية ، في حين أبقت بعض المدارس أبوابها مقفلة ، تخوفا ً من الانزلاقات .

وفي العرقوب (طارق أبو حمدان) تدنت درجات الحرارة إلى حدود الـ3 درجات تحت الصفر ليلاً، خاصة في المناطق التي ترتفع 650 متراً وما فوق عن سطح البحر. وتحولت معظم الطرق إلى قطع من الجليد حدت من حركة السير حتى حوالي الساعة العاشرة من صباح الأربعاء، كما ضرب الجليد المواسم الزراعية إضافة إلى إلحاقه أضراراً بالثروة الحيوانية وخصوصاً قطاع النحل.

في حوض الحاصباني وحقول الوزاني وسردة والماري، تسببت موجة الصقيع بتكون طبقة سميكة من الجليد غطت الحقول المزروعة بالخضار ما أدى إلى تلف نسبة قدرت بأكثر من 70 في المئة من المساحات المزروعة. كما ضرب الصقيع والرياح الشمالية الباردة بساتين الليمون والحمضيات فأصابت الثمار والبراعم التي ذبلت، ما يهدد أعداداً كبيرة من الأشجار باليباس.

أما قفران النحل، فقد نفق النحل فيها بكميات كبيرة قُدرت بنسبة بلغت نحو 60 في المئة.

وأشار نائب رئيس التعاونية للزراعة البعلية والشتول وتربية النحل نهاد ابو حمدان إلى أن "الأضرار في القطاع الحيواني فاقت الأضرار الزراعية، حيث سجل نفق بالنحل وبقطعان الماشية، ناهيك عن الضرر بقطاع تربية الدواجن ولاسيما الدجاج".

إلى ذلك، جمدت موجة الصقيع بركة النقارالمحاذية للسياج الحدودي الشائك عند البوابة الشرقية لمزارع شبعا المحتلة، حيث عملت الجرافات التابعة لوزارة الأشغال واتحاد بلديات العرقوب على فتح الطرقات بين شبعا وكفرشوبا وحاصبيا.

ولا تزال أبواب المدارس كافة في حاصبيا والعرقوب الرسمية منها والخاصة مقفلة بعدما تعذر وصول الطلاب والأساتذة إليها.









تعليقات: