سهول الوزاني: التصدير البحري آخر أمل


يأتي قرار الحكومة بدعم التصدير البحري بعد أشهرٍ طويلة من المعاناة، وبعدما وصل المزارعون إلى الصفر، ولم يعد أمامهم سوى تلف محاصيلهم، إذ لم يعد الوقت يسعفهم للانتظار، ولم تعد المحاصيل تحتمل أكثر. إنما يأمل هؤلاء أن يسهم قرار الحكومة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المحاصيل والفاكهة الصيفية.

فمزارعو سهول المنطقة الحدودية خاب املهم بموسم واعد، مع الوفرة بتساقط الأمطار هذا العام، فجاء الكساد وعدم تصريف الانتاج، وندرة اليد العاملة، كلها عوامل سلبية، دفعت بمزارعي سهول الوزاني وسردة والمجيدية، الى تلف مواسمهم وتركها علفا لقطعان الماشية من ماعز وغنم وابقار، بدل بقائها تذبل وتهتري، امام عيونهم.

عشرات العمال والعديد من الجرارات الزراعية، الموزعة في هذه السهول، اتجهت الى اقتلاع وتلف وتنظيف آلاف الدونمات المزروعة بالمقتة والخيار والشمام والبطيخ والبطاطا، اضافة الى الخس ومختلف انواع الخضار، «في منظر مؤلم وحزين»، كما يشير سمير احد المشرفين الزراعيين في هذه السهول، والذي وصف ما يحدث «بكارثة زراعية حقيقية غير مسبوقة، في مثل هذه الفترة من العام، والتي تأتي في عز المواسم الصيفية، بحيث لم يبق امامنا وللتخفيف من الخسائر، سوى تلف الشتول ومحصولها، انه قرار قاس لا بد منه، اتخذه المزارعون هنا، ليتكبدوا معه خسائر بمئات آلاف الدولارات».

غياب اليد العاملة

الضربة الموجعة لمزارعي الشريط الحدودي، كما يشير المزارع ابو جورج من البقاع الغربي، الذي يستثمر منذ العام 2000 مساحات واسعة من سهول سردة والوزاني، «جاءت كنتيحة مباشرة لتقلص اليد العاملة السورية التي غابت عن السهول بنسبة 50 الى 60 في المئة، بعد قرار الحكومة اللبنانية المتعلق بتنظيم وجود النازحين السوريين في لبنان، واجراءات الكفالة، ومعاملاتها المعقدة والمكلفة ماديا، والتي دفعت بمئات العمّال السوريين، الى مغادرة السهول خوفا من الملاحقة، والتزام مراكز تجمعاتهم ومخيماتهم، مما أثّر سلبا على القطاع الزراعي في هذه المنطقة، التي شهدت في اعقاب التحرير، هجمة غير عادية للمستثمرين الزراعيين، بسبب خصوبة الارض ودفء الطقس وغزارة المياه». ويعتبر ابو جورج ايضا ان «إقفال المعابر الحدودية ووقف التصدير إلى الخارج زاد من نسبة الكساد، وبالتالي من خسائر المستثمرين الذين باتوا عاجزين عن سداد الديون للمصارف والتجار».

نديم مهندس زراعي يستثمر بحدود الـ 1000 دونم في سهل الوزاني وسردة، يرى أن «قرار الحكومة بتطبيق مبدأ الكفالة على العمال السوريين، ادى الى انخفاض عدد عماله من 400 الى 100عامل، وهذا العدد لا يكفي لقطف كامل الموسم، ما أدى إلى الكساد وبالتالي إلى انخفاض الأسعار، فأصبح النقل الى الأسواق يسبّب خسائر مالية اضافية. اكثر من 50 دونماً من المقتة، بدأنا باقتلاعها مع ثمارها، إلى جانب حقــول واسعة من البطيخ والبندورة والبطاطا».

«الى جانب كارثة الخضار هناك ايضا كارثة الأشجار المثمرة، كالمشمش والدراق والخوخ التي سقطت ثمارها أرضاً بعدما تخلفنا عن قطافها وبيعها» هذا ما يقوله المزارع ابو محمد العلي الذي وصف موسم هذا العام «بكبير الخسائر وندرة اليد العاملة وإقفال المعابر الحدودية التي كان عبرها يتمّ التصدير للدول العربية، وقرار الحكومة الأخير المتعلّق بنظام الكفالة، كلها عوامل ادت الى ضرب الموسم، على امل ان يعي المسؤولون خطورة هذا الواقع وانعكاساته على الواقع الزراعي، وضرورة معالجته في ضوء المعطيات الواقعية، بما يوازي بين التدابير القانونية ومصلحة القطاع الزراعي».

احد كبار المزارعين في المنطقة الحدودية عادل يونس، أطلق صرخة مدوّية علّها تصل الى آذان المسؤولين، مناشداً اياهم «إيجاد حلول سريعة للعمال السوريين، التي تقوم زراعتنا على سواعدهم، فمنذ 15عاما ونحن نعمل في هذه السهول، متكلين على العمال السوريين، واذا كانوا لا يريدون عمّالاً سوريين فليجدوا حلاً بديلاً».

ويضيف: «كل أشجار الفاكهة التي تنتج حالياً سقطت ثمارها ارضاً والخسائر كبيرة. في السنوات الماضية كان لديّ نحو 300 عامل لم يبقَ منهم هذا العام الا 50، فمن يقطف المحصول؟».

تعليقات: