من ينصف الشهيد جرجي حداد؟

بيار عطالله: من ينصف الشهيد جرجي حداد ومن يدمر الذاكرة الجماعية لدى اللبنانيين؟
بيار عطالله: من ينصف الشهيد جرجي حداد ومن يدمر الذاكرة الجماعية لدى اللبنانيين؟


لم تنتهي قضية تغيير أسم شارع الشهيد جرجي حداد الحداد واستبدالها بتسمية شارع ريمون أده (مع حفظ الالقاب)، فالمسألة لا تزال في بداياتها وتدمير الذاكرة الجماعية لدى اللبنانيين ليس بالامر السهل ولا يمكن أن يمر مرور الكرام، وخصوصاً بعد الاحتفالات الضخمة الحزينة التي نظمها الارمن في كل أنحاء العالم ولبنان خصوصاً في ذكرى مئوية الابادة الارمنية ومواجهة رفض الدولة التركية تحمل مسؤولياتها الادبية في هذا المجال.

وتقول أوساط بيروتية معنية بمتابعة الملف، ان قرار المجلس البلدي في بيروت ورئيسه بلال حمد المستهجن، ولا يمكن تبريره بأي شكل. وبرأيهم أن تغيير أسم شارع الشهيد جرجي فندي الحداد المولود في زحلة والمسيحي الارثوذكسي المؤمن بالعروبة، والذي نشط في مناهضة الاحتلال العثماني ودعا الى التحرر منه، فكان ان القي القبض عليه وحكم بالاعدام شنقاً في بيروت مع مجموعات الشهداء عام 1916 . والرأي أن المجلس البلدي عمد الى تنفيذ خطة ذكية وممنهجة من خلال طرح استبدال التسمية بأسم كبير للبناني لامع هو العميد الراحل ريمون أده من أجل أستيعاب الضجة التي كان يمكن ان تثار على تغيير الاسم أو بالاحرى طمسه وتغييب ذكرى شهيد بحجم قامة جرجي الحداد العربي المناضل ضد الاتراك.

الهدف حسب الناشطين هو الحرص على الحقبة العثمانية - التركية سواء في وسائل الاعلام أم عبر تغيير جملة من الوقائع التاريخية وحرفها عن مسارها، ويقدم الناشطون ما جرى في حديقة الصنائع نموذجاً عن "محاباة المرحلة العثمانية" حيث تدخلت السفارة التركية بكل قواها لأعادة نافورة مياه السلطان عبد الحميد عند أعادة تأهيل الحديقة المعروفة باسم حديقة الرئيس رينيه معوض. والمغزى الاهم أن هناك من يعمل عن سابق تصور وتصميم على تدمير الذاكرة الجماعية لدى اللبنانيين وتشويه صفحات التاريخ اللبناني والعربي من خلال العمل الدؤوب والموجّه على تجميل فترة الحكم العثماني على لبنان والشرق، والتي أستمرت حوالى 400 عام بقوة الحديد والنار والقمع وأثارة الفتن ما تسبب بخراب دول الشرق الاوسط وتدمير مجتمعاتها وخصوصياتها ووقف عجلة التطور والنمو فيها، وصولاً الى الحرب العالمية الاولى ومجازر "السفربلك" ضد سكان جبل لبنان والتي أظهرت الوثائق أنها أدت الى "قتل" نصف سكان لبنان جوعاً بعدما أحكم جمال باشا السفاح حصاره على اقضية جبل لبنان ومنع عنها امدادات الغذاء.

يؤكد الناشطون من أجل قضية شارع الشهيد جرجي الحداد، أن الغاء الاحتفالات بذكرى الشهداء في 6 ايار ليس بعيداً عن الغاء أسماء الشوارع التي تحمل أسماء الشهداء والتستر باسماء كبيرة لتغيير هوية هذه الطرق واسمائها. حجة الناشطين المدوية والتي يشهرونها في وجه المجلس البلدي في بيروت، أن المجازر التي وقعت في جبل لبنان وحرب الابادة بالتجويع والحصار لم تعد سراً ولا رواية في كتب التاريخ بل اثبتتها الوقائع التاريخية والشهادات والصور والافلام الموثقة وأخرها معرض الجامعة اليسوعية، وأن هذه الوقائع تفرض على المجلس البلدي ورئيسه الكف عن سياسة التلاعب بالذاكرة الجماعية لبيروت ولبنان.

تعليقات: