اتحاد بلديات جبل عامل تجربة نموذجية تستحق أن تُعمَّم


مرجعيون –

فرض اتّحاد بلديات جبل عامل نفسه على الخريطة الانمائية والاجتماعية، متخطّيا حدوده الجغرافية في قضاء مرجعيون طامحا ليكون من الاتحادات النموذجية في لبنان.

منذ تأسيسه عام 2006 منطلقا بـ11 بلدية، وضع الاتحاد خطّة انمائية متكاملة انطلاقا من مشروع الإرث الثقافي والبيئي والسياحي، مرورا بتأهيل البنى الاجتماعية والصحية والنهوض بالقطاع الزراعي، وصولا الى استكمال تأهيل البنى التحية في قرى الاتحاد. وها هو اليوم يوسّع افراد عائلته ليضمّ 16 بلدية هي: الطيبة – عديسة – ربثلاثين – مركبا – حولا – طلوسة – بني حيان – بليدا – ميس الجبل – قبريخا – الصوانة – تولين – مجدل سلم – القنطرة – عدشيت القصير ودير سريان، ويبلغ عدد سكانه نحو 139000(يقيم منهم شتاء نحو 42000 وصيفا 60000 فيما الباقي يقيم في بلاد الاغتراب).

قلّة هي البلديات او اتحادات البلديات التي تولي التنمية البشرية اهتماما، فالاتحاد سار عكس التيار، هادفا الى تنمية البشر كما الحجر بشكل متواز للنهوض بالمجتمع على مختلف المستويات والمجالات ومنافسة باقي المجتمعات اللبنانية وحتى الغربية. تسعة اعوام والاتحاد في طور النمو المستمر تطبيقا للخطة الانمائية التي وضعها منذ تأسيسه محقّقا انجازات لاقت ثقة الجهات المانحة الدولية كما المحلية. لا يكتفي الاتحاد بالميزانية المستحقة له اي ميلياري ليرة لبنانية سنويا، فالطموحات والتطلّعات كثيرة، لذا كان الانفتاح على كل الجمعيات والمؤسسات المحلية الدولية التي وجدت ثقة في تنفيذ المشاريع التي يطلبها الاتحاد.

"النهار" التقت رئيس الاتحاد علي الزين في مقر الاتحاد في بلدة الطيبة للحديث عن أبرز ما حقّقه وأنجزه خلال السنوات الماضية.

لا شكّ ان الخلفية الثقافية والعلمية التي يتمّع بها الزين لجهة دراسته ادارة الاعمال وممارسته للتنمية على كلّ المستويات سواء الفردية أم العملية لها دور اساس في "منهجة" عمل الاتحاد، اضافة الى الباع الطويل في الدراسة والمتابعة للوصول الى الأهداف المرجوة. شاشة صغيرة على مكتبه كفيلة بنقله الى اي مكان في العالم للافادة من تجاربه وخبراته في مجال التنمية بهدف تطبيقها في قرى الاتحاد، والتواصل معه بهدف تمويلها ايضا.

ينطلق الزين من مقولة ان "التنمية هي الفرد" لتفسير الاهتمام اللافت بالتنمية البشرية والانطلاق منها نحو التنمية الشاملة، فحاجات الفرد، على حد قوله، تجسّد حاجات المجتمع للنهوض به وتقدّمه. استلم رئاسة الاتحاد عام 2010 واضعا خطّة استراتيجية ثم مخطّطا توجيهياً يشمل تصورّه لقرى الاتحاد لسنوات عدة. شملت الاستراتيجية ثلاث نقاط هي موازنة الاتحاد ووضع مخطط يُنفّذ وفق رؤية محددة، والتواصل مع المؤسسات والجمعيات الدولية، والتواصل مع مؤسسات الدولة اللبنانية عبر المتابعة وملاحقة المشاريع المطلوبة بعد مسح الحاجات.

أنشأ الاتحاد بنك المعلومات المركزي الذي يتضمّن خريطة مفصّلة عن كل قرى الاتحاد بكلّ مكوّناتها ومعالمها وطرقها وشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء ومنافذ المياه وغيرها... بما يسهّل العمل بنظرة شاملة ودقيقة.

انجازات الاتحاد

عمل الاتحاد منذ عامه الأول على بناء جسور الثقة مع ابناء منطقته، فكل نشاط أو دورة كان يقترن بمساعدات عينية، وتمويل المشاريع كان يأتي سريعا من قبل الجهات المانحة بفضل التنظيم في تقديم الاقتراحات والمتابعة. ومن المشاريع التي تمّ انجازها حتى الساعة بالتعاون مع المنظمات والجمعيات انشاء مخطّط استراتيجي للطاقة والنفايات مع ART GOLD بكلفة 300 الف دولار وصيانة شبكات المياه تحت الارض بكلفة 45 الف دولار، وثلاثة مشاريع مع UNDP-سيدرو للطاقة الشمسة وانارة مدرسة قبريخا وبلدية القنطرة والمكتبة العامة في الطيبة بكلفة 60 الف دولار، وانشاء محمية وادي الحجير بالتعاون مع UNDP والاتحاد الاوروبي للمحافظة على التربة من الانجراف. اما بالنسبة للوزارات فقد تمّ تنفيذ ست طرق رئيسية بالتعاون مع وزارة الاشغال العامة بقيمة 16 مليار ليرة، وتمّ انجاز نحو 30 محطة كهرباء في 16 بلدة بالتعاون مع وزارة الطاقة والمياه ومجلس الجنوب وشركة كهرباء لبنان، وقد تمّ معالجة جزء كبير من أزمة الكهرباء في المنطقة، اضافة الى 70 الف متر انابيب مياه بالتعاون مع وزارة الطاقة والمياه وجمعية CISP، وانشاء ثلاث آبار ارتوازية ومتابعة مسألة المرامل التي تؤثّر في مياه الليطاني مع وزارة البيئة والسلطات المعنية.

وذكر الزين ان كل هذه المشاريع تتم بالتعاون مع نواب المنطقة الذين يتابعون القضايا التي يلقي عليها الاتحاد الضوء.

التنمية البشرية

كما ذكرنا سابقا، فللتنمية البشرية مكانة خاصة في مشاريع الاتحاد، اولها قضية التربية وتفعيل القطاع المدرسي في قرى الاتحاد(14 مدرسة رسمية بينها 3 ثانويات)، وفي هذا الاطار لفت الزين الى ان المدرسة الرسمية كانت تعاني عدم ثقة وتراجعا في عدد التلامذة خصوصا في الروضات والابتدائية، وكانت النتيجة قرارا باقفال عدد منها مثل بليدا وحولا ومركبا، وقال: "بدأنا تنفيذ دورات تقوية للأساتذة ودراسة حاجات هذه المدارس وتعزيز الارشاد التربوي والدورات التدريبية والتواصل مع ادارات المدارس ووزارة التربية بهدف استعادة الثقة، وتوصلنا الى اعادة فتحها من جديد وتعزيز قدرات باقي المدارس الرسمية، اذ وجدنا ان احد أهم اسباب الاقفال هي عدم توافر تلامذة للروضات واللغة الانكليزية فعملنا على معالجتها، والنتيجة انّه خلال السنوات الثلاث الماضية ارتفع عدد تلامذة الروضات بنسبة 15% رغمّ ان المعدّل العام في المدارس الرسمية الى تناقص.

وبهذه الخطوة نكون قد أسّسنا لجيل جديد يساهم في اعادة النهوض بالمدرسة الرسمية، ومثالا على ذلك مدرسة قبريخا الرسمية التي أُقفلت لسنوات طويلة، وها هي اليوم مدرسة نموذجية تضمّ 400 تلميذ. وبموازاة ذلك نعزّز مجالس الأهل ونقيم دورات تدريبية لهم حول كيفية التعاطي مع ابنائهم، اضافة الى متابعة التلامذة وتحضيرهم للامتحانات الرسمية ومساعدتهم على اكتشاف قدراتهم لاختيار اختصاص المستقبل، وحثّهم على المشاركة في النشاطات الرياضية عبر اجراء دورات رياضية ومسابقات". وفي هذا الاطار أكّد الزين على ان هذه الخطّة التربوية تتمّ برعاية القوى السياسية والحزبية بعد التوافق على عدم التدخّل في شؤون التلامذة حتى ولو كانوا على حق، مشيرا الى ان الاتحاد توصّل أخيراً الى اتفاق مع جهة يابانية لتمويل مشروع بقيمة 180 الف دولار يشمل اعادة تأهيل المرافق الصحية في المدارس الرسمية.

انطلاقا من مقولة "نحن أم الصبي" لا يترك الاتحاد جانبا انسانيا او اجتماعيا او بيئيا او انمائيا الا ويوليه اهتماما خاصا كالمعوّقين وذوي الحاجات الخاصة والمسنين والنساء ومراكز الدفاع المدني والهيئة الصحية والمزارعين ومربّي النحل والشباب... فالمرأة عنصر اساس في موضوع التنمية وافاد العديد من النساء من دورات محو الأمية وصناعة المأكولات والحلويات والاشغال اليدوية والتأطير والخياطة والكمبيوتر وغيرها، بكلفة نحو 400 الف دولار، ما مكّن بعضهنّ ايجاد فرص عمل عبر تأسيس مصالح خاصة بهنّ.

وفي القطاع الزراعي، تمكّن الاتحاد من زرع نحو 70 الف شجرة حرجية ومثمرة خلال السنوات الخمسة الماضية، اضافة الى معالجة بعض المشكلات التي يعانيها قطاع الزيتون وتشجيع انواع جديدة من الزراعات بواسطة تقنيات حديثة كالزراعة بالأنفاق، اضافة الى تشجيع مربّي النحل عبر توزيع نحل لـ 165 نحّالا وتدريبهم. وأكّد الزين ان الاتحاد يسعى لاستعادة ثقافة الزراعة في المنطقة لما في ذلك من تعلّق بالأرض وتنمية المنطقة.

محمية وادي الحجير

وتبقى محمية وادي الحجير الشغل الشاغل للاتحاد والنائب علي فياض بهدف وضعها على الخريطة السياحية والبيئية في لبنان، كونها من الاكبر مساحة(16 الف متر مربع) والأكثر أهمية لجهة الثروة الحرجية الفريدة وطبيعتها الجميلة وموقعها الاستراتيجي. فقد تمّ انشاء ادارة خاصة بها يترأسها الزين ويجري العمل حاليا على رفع كل التعديات والمخالفات اضافة الى مد شبكات وبناء خزانات مياه في حال حصول اي حريق.

يشكّل مشروع المحمية أهمية كبيرة ويُعوّل عليه في انعاش المنطقة سياحيا وبيئيا، ويتابع الاتحاد والنائب فياض كل الامور الادارية والتقنية المتعلّقة بها للمحافظة عليها وحمايتها وتوفير التمويل اللازم لها.

على صعيد آخر، لم يغفل الاتحاد مسألة سلامة الغذاء بالتعاون مع وزارة الصحة، اذ يقوم مراقبون من قبله بالكشف الميداني على المؤسسات والمحال التجارية ويتابعها للتأكّد من التحسينات المطلوبة، وهو بصدد انشاء مسلخ في المنطقة بتمويل من الاتحاد الاوروبي ومجلس الجنوب.

وللجانب الثقافي دور ايضا في روزنامة الاتحاد، ولعلّ أبرزها تنظيم مؤتمرات سنوية عدة تتناول شخصايات من المنطقة كانت لها بصمات ادبية او تاريخية، فضلا عن اللقاءات الأدبية والشعرية...

لا شكّ في ان تجربة اتحاد بلديات جبل عامل خطوة متقدّمة في العمل البلدي والانمائي تستحق ان تُعمّم في لبنان في ظلّ غياب الاهتمام السلطات الرسمية المعنية في حاجات القرى والبلدات.




تعليقات: