لماذا لم يُنفّذ حكم الإعدام بالعميل محمود رافع لغاية الآن؟!

الوالدة خالدية الأتب المجذوب وتحمل صورة فلذتَيْ كبدها: نحن أمهات الشهداء.. ودماء أولادنا ليست رخيصة
الوالدة خالدية الأتب المجذوب وتحمل صورة فلذتَيْ كبدها: نحن أمهات الشهداء.. ودماء أولادنا ليست رخيصة


9 أعوام على اغتيال محمود ونضال المجذوب في صيدا

ما زالت نار الحزن المتّشح بالسواد تلف الحاجّة خالدية الأتب المجذوب، ويشتعل قلبها حرقة وألماً منذ 9 سنوات مَضَتْ، حين اغتال العدو الصهيوني بواسطة عملائه، نجليها الشهيدين عضو قيادة «حركة الجهاد الإسلامي» في لبنان محمود وشقيقه نضال المجذوب، بواسطة سيارة مفخّخة في حي «البستان الكبير» في صيدا يوم الجمعة في 26 أيار 2006...

هذا الحزن يزداد مع كل يوم يمضي، خاصة أنّه جرى توقيف رأس شبكة «الموساد» العميل محمود رافع، الذي جهّز السيارة ووضعها قرب منزل الشهيد محمود المجذوب في حي الوسطاني - صيدا، ونفّذ التفجير مع الضابط الإسرائيلي «جورج»، وبمساعدة العميل الفار حسين خطّاب، وقد صدر بحق رافع وجاهياً حكم الإعدام عن «المحكمة العسكرية الدائمة» في بيروت برئاسة العميد الركن نزار خليل بتاريخ 18 شباط 2010، لكن الحكم لم يُنفّذ بعد...

في الذكرى السنوية التاسعة، تصبُّ أم الشهيدين المجذوب جام غضبها على الدولة التي تقف عاجزة عن تنفيذ حكم الإعدام بعميل، وتناشد الرأي العام اللبناني أنْ يجعل الأمر قضيّته، لأنّها على قناعة بأنّه لو تم تنفيذ حكم الإعدام بأوّل عميل لكان كثيرون منهم تراجعوا وتابوا، ولم تُسفك دماء المقاومين...

«لـواء صيدا والجنوب» زار الحاجة خالدية الأتب المجذوب في منزلها بصيدا لمناسبة الذكرى السنوية التاسعة لاستشهاد نجليها محمود ونضال...

ذكرى... ودموع

ما زال الصبر واللون الأسود يلازمان «أم الشهيدين» محمود ونضال المجذوب، الحاجّة خالدية الأتب المجذوب، لا يمكنها أنْ تنسى ذلك اليوم الأسود، حين فقدت فلذتَيْ كبدها دفعة واحدة، وقد كانت لهما الأم والأخت والمرشدة والداعمة لفكرهما المقاوم.

عند دخولك إلى منزل «أم الشهيدين» المجذوب، ترى صورهما في كل أرجاء المنزل... وكأنّ الزمن لم يتغيّر إلا التاريخ من 26 أيار 2006 إلى أيار 2015، كل شي كما هو... الحنين والذكريات والدموع ولوعة الفراق.

لحظات من التنهّد والتأمّل تأخذها «أم الشهيدين» المجذوب، وكأنّها تستعيد الحادثة مجدّداً، وتقول: ولداي استشهدا معاً، ذهب جسدهما، لكن طيفهما وروحيهما ورائحتيهما ما زالت تعيش معي...  اشتقت إليهما كثيراً... آهٍ! كيف مرّت عليَّ الأيام، تأتي الأعياد والمناسبات لكن ولداي فلذتا كبدي، لا يجلسان معي، صحيح في قلبي غصّة لكن عندما أرى أولادهما يخفّف عليَّ ذلك».

وأضافت، وهي تمسح دموعها وتنظر إلى صور ولديها الشهيدين محمود ونضال: «في الذكرى السنوية لاستشهادهما، فإن ذلك اليوم الأسود لم يفارقني... كأنّ الفاجعة حصلت الآن، لم أنسَ تلك اللحظات القاسية.. لكن للأسف رغم إلقاء القبض على العميل والقاتل محمود رافع وإصدار حكم الإعدام عليه، إلا أنّ الحكم لم يُنفّذ حتى الآن، لأنّه لا توجد دولة في لبنان تحمينا وتأخذ حقنا من العملاء... أو يمكن أنّ الدولة أيضاً تخاف من عملاء «الموساد» المنتشرين في كل أرجاء لبنان، وهل هم حاكمو هذه الدولة؟... فنحن فوّضنا أمرنا إلى رب العالمين، والقاتل يُقتل ولو بعد حين، لكن إذا الدولة لم تنفّذ حكم الإعدام، فنحن سوف ننفّذه لأنّ دماء أولادنا ليست رخيصة.. ويا ليت مثلما هناك دولة اهتمت بالمحكمة الدولية لكشف قتلة الرئيس رفيق الحريري تهتم بنا نحن أيضا كلبنانيين، لينال الجناة عقابهم، وتهدأ نار قلوبنا نحن أمهات الشهداء والمقاومين، اللواتي قدّمنا فلذات أكبادنا رخيصة في سبيل المقاومة وتحرير الأرض ودحر الاحتلال».

وعود... كاذبة

تابعت الحاجة «أم محمود»: «لقد قمنا بتحرّكات كثيرة، نحن وممثّل «حركة الجهاد الإسلامي» في لبنان الحاج أبو عماد الرفاعي باتجاه كل المسؤولين والشخصيات... وللأسف كان جوابهم وعود كاذبة، لأنّه لا يوجد مسؤولون لدينا، فدولتنا فاشلة... وضعيفة وليس لها قرار إلا على الضعيف، لو أُعدِمَ أوّل عميل لكان أكثر العملاء تراجعوا وتابوا عن التعامل مع العدو الإسرائيلي، وعندما تكون هناك دولة قوية يكون هناك حق قوي، والأصعب أنْ تكون أحكام العملاء مخفّفة مثل السرقة والسرعة وهذا عار وعيب كبيران».

توقّفت قليلاً وواصلت: «أنا فخورة  باستشهاد ولداي، لأنهما استشهدا في سبيل قضية فلسطين ولبنان... لأجل ذلك بعث الله لي الصبر، فأنا مقاوِمة وكنتُ أساند ولداي وأشجعهما لأن عزّتنا هي كرامتنا، وأنْ نحافظ على وطننا وأرضنا وأنْ نقاوم الاحتلال... فكيف أنام وغيري مظلوم؟، وكيف أتناول الطعام والشراب وهناك الكثير محرومون... للأسف أصبحنا في زمن الأخ يقتل أخيه... فنحن بحاجة إلى التوعية خصوصاً بوجود تنظيم «داعش» وما يزرعونه في عقول أولادنا عن الإسلام الغلط».

وبحسرة قالت: «كيف أناشد مَنْ ليس له ضمير، فليس هناك مَنْ يسمع صوتي، لأنّهم ينظرون إلى القضية على أنّها باتت قديمة عندهم، لكنها بالنسبة لي كأنّها حصلت اليوم، وما زالت ذكراها تؤلمني في كل حين ولحظة، فنحن المسلمون يجب أنْ نكون إخوة، ويداً واحدة مترابطة، لكن للأسف أتى مَنْ فرّقنا وشرّدنا عن بعضنا البعض، حتى لا تكون عندنا دولة قوية تدافع عن شعبها».

إعدامهم... حق

وتنهّدت الحاجّة «أم محمود» وقالت: «لقد تركا أطفالهما وراءهما، الذين أصبحوا شباباً اليوم، ولم يُنفّذ حكم الإعدام بالقاتل لغاية الآن؟ فأين العدالة؟!.. فالشهيد محمود لديه أربعة أولاد، أكبرهم محمد 24 سنة، وهو حامل الفكر ومنهاج المقاومة، إنّه إبن أبيه... أما الشهيد نضال فلديه صبي وبنت، وعندما استشهد كانت ابنته عمرها أيام فقط باتت اليوم تسع سنوات، ما يؤلمني أنّ الأولاد يسألون دائماً عنهما ويردّدون ما مصير هذا العميل القاتل؟ ولماذا لا تتحرّك الدولة لإنزال القصاص طالما إن الجرم واضح، والاعتراف صريح والحكم قد صدر... فهل يريدون منا أن نأخذ حقنا بيدينا؟!».

وختمت الحاجة «أم محمود»: «كلمتي الأخيرة هي للرأي العام... إذا كان هناك رأي في لبنان، أنا امرأة لبنانية ولداي استشهدا والقاتل معروف بالإسم، لذلك أطلب من الرأي العام أنْ يعطيني حقي بإعدام هؤلاء العملاء المجرمين فوراً دون أي تأخير، حي يكونوا عبرة لغيرهم».

العملاء المتورّطون

- العميل محمود قاسم رافع (مواليد 1949 - حاصبيا): جرى توقيفه من قِبل مخابرات الجيش اللبناني في 7 حزيران 2006 في منطقة حاصبيا، وأصدرت «المحكمة العسكرية الدائمة» في بيروت برئاسة العميد الركن نزار خليل بحقه حكماً وجاهياً بالإعدام بتاريخ 18 شباط 2010، لكن الحكم لم يُنفّذ بعد...

- العميل حسين سليمان خطاب (مواليد 1965 - عين الحلوة): شارك في عملية الاغتيال مع رافع، وتمكّن من الفرار ومغادرة لبنان.

- العميل أديب أعد العلم (مواليد العام 1942 - رميش، متقاعد من جهاز الأمن العام) وزوجته حيات قزحيا الصالومي: وقام بدور إجلاء الضابط الإسرائيلي «جورج» الذي شارك في الاغتيال، أوقفا بتاريخ 11 نيسان 2009، وصدر بحقه حكم بالأشغال الشاقة 15 سنة عن «المحكمة العسكرية الدائمة» في بيروت برئاسة العميد الركن الطيار خليل إبراهيم بتاريخ 20 حزيران 2013.

- أمين إبراهيم البابا (مواليد 1967 - صيدا): اعترف بأنّه كُلّف من قِبل الإسرائيليين بمراقبة المجذوب، أوقف بتاريخ 2 آذار 2007، وصدر بحقه حكم بالإعدام عن «المحكمة العسكرية الدائمة» في بيروت برئاسة العميد الركن نزار خليل بتاريخ 17 شباط 2011، لكن الحكم لم يُنفّذ بعد...

- الضابط الإسرائيلي «جورج»: نقله رافع، وشارك بالتفجير، قبل أنْ يتم إجلاءه من قِبل الإسرائيليين عبر نقطة قريبة من «مطعم الشاطئ الأزرق» على ساحل جبيل.

- هذا فضلاً عن آخرين شاركوا في هذه الجريمة لم تتمكن التحقيقات التوصل إلى هوياتهم.

تعليقات: