إسرائيل تجدد الرهان على تغيير قواعد اللعبة

جنود الاحتلال الاسرائيلي خلال دورية في الجولان المحتل امس (ا ف ب)
جنود الاحتلال الاسرائيلي خلال دورية في الجولان المحتل امس (ا ف ب)


أنباء عن غارات على أسلحة لـ«حزب الله» في القلمون

أثارت الأنباء عن شن الطائرات الإسرائيلية عدة غارات، قيل إنها وجهت إلى قواعد عسكرية سورية ضد أسلحة موجهة إلى «حزب الله» مخاوف لدى عدد من المعلقين من احتمال تدهور الوضع على الحدود الشمالية.

وتعود هذه المخاوف إلى ما كان أعلنه الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله عن تغير قواعد اللعبة، والاستعداد للرد على كل عدوان إسرائيلي، سواء في سوريا أو لبنان. وتتعاظم المخاوف بعدما أشيع لاحقا عن أن الغارات لم توقع فقط أضراراً في المعدات، وإنما أسقطت شهداء، سوريين ولبنانيين.

ونقلت الصحف الإسرائيلية عن مصادر عربية قولها إن الغارات استهدفت ثلاثة مواقع، إحداها لواء الدفاع الجوي 93، وخصوصا اللواء 155 الذي يسيطر على أسلحة إستراتيجية وكان الهدف الثاني، فيما كان الهدف الثالث اللواء المدرع 65.

وقيل إن هدف الغارات هو الصواريخ بعيدة المدى المخزنة في اللواء 155، وخصوصا من طراز «سكود». وقالت إنه إذا كان مفهوما استهداف الدفاع الجوي «للتعمية»، والصواريخ بعيدة المدى لإزالة خطرها، فما هو الدافع لاستهداف اللواء المدرع. وقال بعض المعلقين إن «حزب الله» يستخدم الدبابات، وأن القاعدة نفسها تحوي صواريخ «سكود» و «فاتح 110».

وكتب المعلق العسكري لصحيفة «يديعوت احرونوت» أليكس فيشمان أنه «في كل مرة ينسب فيها لسلاح الجو الهجوم على منشآت للجيش السوري، يزعم بأنه يساعد الجهات المعارضة المركزية لحكم (الرئيس السوري بشار) الاسد: جبهة النصرة وداعش. يبدو هذا ليس صحيحاً، ولكن هذه هي الصيغة. لا توجد أعمال عسكرية حيادية في سوريا: فإذا أصبت جانباً عززت الآخر. هذه جيفة وتلك جثة، وعليه ينبغي أن يكون سبباً استثنائياً في خطورته، يعرض للخطر المباشر مصالح إسرائيل كي تنفذ ظاهراً خطوة عسكرية كفيلة بان تفيد الإسلاميين في سوريا».

وأضاف فيشمان «بالتأكيد إن قصف المنشآت السورية في نهاية الأسبوع كفيل بالتأثير على القتال في منطقة القلمون: فمنذ أكثر من أسبوع، والأطراف تستعد في ساحتين، جبل القلمون ودمشق، لما يبدو كمعركة حاسمة: تنظيم داعش الذي دحر عن مدينة كوباني الكردية يركز جهده حول دمشق. قسم من قواته منتشر على مسافة اقل من 30 كيلومتراً من مطار العاصمة السورية. قوات أخرى له منتشرة في الأحياء المحيطة بدمشق على مسافة اقل من 10 كيلومترات فقط من قلب المدينة. وفي القلمون أيضا توجد حشود لداعش للسيطرة على محور الحركة الاستراتيجي بين مطار دمشق ولبنان وشمال سوريا. وأوقف الجيش السوري ورجال حزب الله، الذين عملوا مؤخرا في جنوب هضبة الجولان في منطقة درعا الهجوم هناك، ونقلوا قواتهم إلى منطقة دمشق كي يخلقوا هناك حزاماً دفاعياً ضد الهجوم المقترب». وتساءل «إذن من بالضبط، من كل هذه العصبة، يوجد لإسرائيل مصلحة في إضعافه أو تعزيزه؟».

وفي كل حال، رأى المعلق العسكري لموقع «والا» الإخباري أمير بوحبوط أن الغارات على سوريا تضع على المحك صراع إسرائيل مع «حزب الله». وأوضح أن العلاقات الإسرائيلية مع «حزب الله» بنيت، بعد حرب لبنان الثانية، على مفهوم الردع، ثم على رسم «خطوط حمراء»، وشن غارات ضد قوافل أسلحة إستراتيجية من سوريا إلى لبنان. ولكن في 14 آذار العام 2014 نفد صبر «حزب الله» وقام بأعمال ثأرية تمثلت بزرع عبوات في مزارع شبعا وهو ما اعتبر تصعيداً. وكسر أمين عام الحزب الصمت بإعلانه أن الهدف من العملية هو ردع إسرائيل، ودفعها للتفكير مرتين قبل أي اعتداء على «حزب الله». وبعد غارات أخرى، شن مقاتلو الحزب هجوماً صاروخياً أيضاً قرب مزارع شبعا، قرر بعده السيد نصر الله خطاً أحمر جديداً لإسرائيل.

وأشار المعلق العسكري لـ «هآرتس» عاموس هارئيل إلى أن الغارات على سوريا جاءت بعد تصريحات لمسؤولين إسرائيليين حذروا فيها من تسلح «حزب الله». وأوضح أنه بعد اتفاقية الإطار النووية الإيرانية مع الدول العظمى صارت إسرائيل تركز على إمدادات السلاح الإيرانية إلى «حزب الله» عبر سوريا، وبلغ الأمر بمسؤولين إسرائيليين كبار اعتبار تسليح الحزب «المسألة الأشد إلحاحاً وحرجاً لدى إسرائيل». ويرى هارئيل أن تراجع احتمال الهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران أبرز أن صواريخ «حزب الله» صارت تحتل مكانة التحدي الأمني الأول.

ولاحظ هارئيل أن قواعد اللعبة ليست واضحة بين إسرائيل وكل من سوريا و «حزب الله»، الأمر الذي لا يوفر أجوبة شافية على تقدير الاحتمالات حول الرد. فقط «حزب الله» بادر للرد في محاولة لتكريس معادلة، وكانت آخر مرة قبل شهرين ونصف الشهر. ويعتقد هارئيل أن جرأة «حزب الله» في الرد تزايدت في مسعاه لإثبات أنه ليس مشلولاً جراء الخوف من إسرائيل، ولهذا من المنطقي الافتراض أن الجيش الإسرائيلي سيحتفظ بحالة تأهب عالية في الشمال.

أما المعلق العسكري في «إسرائيل اليوم» يؤآف ليمور فكتب أن الغارات الأخيرة المنسوبة لإسرائيل تعيد المعضلة إلى «حزب الله»، حيث صار مطلوباً منه أن يقرر الرد من عدمه. وأشار إلى تعهد الحزب سابقاً بالرد، حتى لو كان الأمر في الأراضي السورية، ما يجعل الرد محتملاً إن أراد «حزب الله» الوفاء بتعهده.

ومع ذلك قال ليمور إن ردود «حزب الله» حذرة ومدروسة، وقد يكون الحال هكذا هذه المرة، ولكن حتى لو كان الأمر كذلك لا يمكن تجاهل التوتر المتزايد في الجبهة الشمالية. وشدد على أن إسرائيل سبق والتزمت بعدم السماح بنقل أسلحة متطورة للحزب، ولكنه أفلح في نقل شحنات إلى لبنان، بينها صواريخ دقيقة ومنظومة مضادة للطائرات والسفن. وخلص إلى أن إسرائيل ستواصل سياستها و «حزب الله» سيواصل مساعيه لتطوير قدراته، ولكن ليس للطرفين حالياً مصلحة واضحة في التصعيد.

تعليقات: