منظمة العفو الدولية: إنتهاكات خطيرة تُرتكب بحق الفلسطينيين في البارد

إحدى الشتائم التي وجدها العائدون إلى «نهر البارد» على جدران مخيّمهم
إحدى الشتائم التي وجدها العائدون إلى «نهر البارد» على جدران مخيّمهم


«العفو الدوليّة» تتابع «انتهاكات الجيش» في البارد

أكدت منظمة العفو الدولية في حديث خاص مع «الأخبار» أنها استمعت خلال الأيام القليلة الماضية إلى عشرات الشهادات الفلسطينية واللبنانية التي تعرض ما يصفه المواطنون بالانتهاكات الخطيرة التي ارتكبها الجيش اللبناني خلال معركته ضد تنظيم فتح الإسلام وبعدها.

وقال نيل ساموندز المتخصص بالشؤون اللبنانية في الأمانة الدولية للمنظمة، إنهم ما زالوا يجمعون المعلومات ويوثقون ما يتوفر لهم من أدلة على انتهاكات كهذه، وسيقومون قريباً بجولة على المسؤولين لنقاشها وخصوصاً مع وزير الدفاع. ورأى ساموندز أن عدم تضمّن تقريرهم الذي أذاعوه أمس في نقابة الصحافة ويتعلق بواقع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إشارة واضحة إلى هذه الانتهاكات، مردّه إلى كون التقرير نتاج دراسة استغرقت أكثر من أربعة أعوام تعرض الواقع الفلسطيني في لبنان عامة، وتضع أهدافاً واضحة تطالب الرأي العام اللبناني الشعبي والرسمي باحترامها. مؤكداً أن عدم اثارة التقرير لهذا الموضوع لا يعني بأي شكل من الأشكال تلكؤ المنظمة عن إثارته لاحقاً والمطالبة بإنشاء لجنة تحقيق مستقلة لمعرفة ماذا حصل في مخيم نهر البارد.

بدوره، رأى أحمد كرعود، رئيس المكتب الإقليمي للمنظمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بيروت، أنه ليس للفلسطينيين فعلياً أي أمل في المستقبل المنظور بالسماح لهم بالعودة إلى منازلهم وأراضيهم الواقعة عموماً في ما يشكل اليوم اسرائيل، رغم تمتعهم بحق راسخ في العودة بموجب القانون الدولي. مستغرباً كيف تخضعهم الدولة اللبنانية المضيفة لقيود كثيرة، وتحرمهم من التمتع بالمجموعة الكاملة من حقوق الانسان رغم أن غالبيتهم ولدوا وترعرعوا في لبنان. متوقفاً عند تعرض الآلاف منهم للتهجير حتى داخل منفاهم اللبناني، مشيراً إلى نحو «30000 فلسطيني يعيشون اليوم في وضع مهجرين جدد نتيجة للمصادمات الأخيرة بين الجيش وفتح الإسلام».

وتوقف أهل «العفو الدولية» عند تعرض أمن السكان المحليين للخطر نتيجة هذه المواجهة، وقتل أكثر من 23 مدنياً فلسطينياً وجرح العشرات غيرهم في الأيام الاثني عشر الأولى من القتال، الذي شهد بحسب المنظمة قصفاً من الجيش بالمدفعية الثقيلة، وبطريقة عشوائية ربما. معتبرين أن تشرد العائلات الفلسطينية بسبب النزاع، ولجوءهم إلى المدارس والحوانيت الفارغة والمباني المهجورة في مخيم البداوي أدبا إلى مزيد من الاكتظاظ في البداوي، ووضعا ضغوطاً اضافية على بنيته التحتية. وأكدت المنظمة تلقيها أثناء الأسابيع الأولى من القتال عشرات الشهادات عن تهديدات للفلسطينيين المدنيين وإساءات بسبب هويتهم من عسكريين كانوا يرابطون على حواجز التفتيش. وأدّت الخشية من التعرض للمضايقة إلى ثني الفلسطينيين عن الانتقال إلى أماكن عملهم أو إلى أماكن أخرى، الأمر الذي زاد من تردّي مستواهم المعيشي، السيئ أصلاً.

على صعيد آخر، أشاد ساموندز ببعض الإنجازات التي حققتها الحكومة اللبنانية خلال السنتين الماضيتين فيما يتعلق بتوفير بعض الحقوق للفلسطينيين وخصوصاً تلك المتعلقة بإدخال مواد البناء والسماح بممارسة بعض المهن. لكنه سرعان ما استدرك هذه الاشادة بتوضيحه أن تأثير هذه الايجابية بقي محدود جداً. مشيراً إلى أن أرقام وزارة العمل تشير إلى حصول الفلسطينيين على 278 اجازة عمل في الوظائف التي كانت محرمة عليهم، عام 2005، و39 اجازة فقط عام 2006 مقابل اعطاء الوزارة 109 آلاف اجازة عمل عام 2005 للعمال الأجانب.

وأشار التقرير أيضاً إلى أن جزءاً كبيراً من المعاملة القائمة على التمييز التي يواجهها الفلسطينيون تعود إلى كونهم عديمي الجنسية. لافتاً إلى أن السلطات اللبنانية بدل التخفيف من وطأة هذا الأمر، عمدت إلى استخدام هذا الأمر لحرمانهم من المساواة ليس فقط مع الشعب اللبناني، بل أيضاً مع المقيمين الأجانب الآخرين في لبنان. وفي موضوع الحق في البناء أو التملك، استغرب تقرير المنظمة بقاء مساحة الأراضي المخصصة للمخيمات الفلسطينية الاثني عشر على حالها دون تغيير يذكر منذ عام 1948 رغم ازدياد عدد اللاجئين الفلسطينيين من نحو 100000 عام 1949 إلى نحو 400000 اليوم. والحصيلة، اكتظاظ مزمن يتفاقم يومياً، وغرف ضيقة تضم الواحدة منها في بعض الحالات أكثر من 10 أشخاص.

تعليقات: