تونس تكرّم المؤرخ والمحلل السياسي اللبناني سيسل حوراني إبن جديدة مرجعيون

أن تحتفل تونس باليوبيل الذهبي لإنشاء المسرح ليس بالخبر الذي يعني اللبنانيين، ولكن قد يكتسب أهمية اذا ما عرفنا أنّ مؤسّسه هو اللبناني الم
أن تحتفل تونس باليوبيل الذهبي لإنشاء المسرح ليس بالخبر الذي يعني اللبنانيين، ولكن قد يكتسب أهمية اذا ما عرفنا أنّ مؤسّسه هو اللبناني الم


سيسل حوراني مؤسّس المركز الثقافي الدولي" في تونس مكرّما في احتفال اليوبيل الذهبي

أن تحتفل تونس باليوبيل الذهبي لإنشاء المسرح في مدينة الحمّامات ليس بالخبر الذي يعني اللبنانيين، ولكن قد يكتسب أهمية واهتماما اذا ما عرفنا أنّ مؤسّسه هو اللبناني المرجعيوني سيسل فضلو حوراني، المؤرخ والمحلل السياسي اللبناني الذي كان مستشارا لعدد من الرؤساء والملوك العرب من بينهم الرئيس التونسي الأسبق حبيب بو رقيبة الذي عيّنه مستشاره الخاص و"سفيرا فوق العادة" إبان تسلّمه الرئاسة عام 1957 بعد نيل بلاده الاستقلال. واكب حوراني تأسيس الدولة الحديثة مشاركا في اتّخاذ قرارات سياسية واقتصادية وثقافية مدّة أحد عشر عاما، من بينها تأسيس "المركز الثقافي الدولي" في الحمّامات ومبنى المسرح المفتوح على الطراز الحديث، اضافة الى مهرجان سنوي لمختلف الفنون.

شارك حوراني(97 عاما) باحتفالية اليوبيل بناء على دعوة تونسية رسمية، وتمّ تكريمه ضمن باقة من الذين كانت لهم يد في تأسيس المسرح الذي كان أبرز نتاجات المركز الثقافي الذي يتذكّره حوراني بكثير من الفخر والاعتزاز...

"النهار" التقته في منزله في جديدة مرجعيون بعد عودته من تونس، وسافرت معه بالذاكرة البعيدة الى ظروف نشأة المسرح منذ نصف قرن والذاكرة القريبة الى وقائع الاحتفال، عن تلك الحقبة يقول: "بعد اختياري من قبل بو رقيبة مستشارا سياسيا وثقافيا وسفيرا فوق العادة عام 1956، بدأنا سويا مسيرة بناء الدولة في كلّ مستوياتها، وعام 1962 بلغني أنّ مواطنا رومانيا يقيم في "فيلا سيباستيان" في مدينة الحمامات عازم على بيعها، وهي نموذج للنمط التونسي القديم أي الحيطان البيضاء والعقد والشبابيك الزرقاء. وفي حينها، كانت الفيلا ذائعة الصيت خصوصا بين الأجانب، اذ أصبحت مقرّا لشخصيات عالمية خلال زيارتها لتونس بينها تشرشل ورومل، وكانت ستتحوّل فندقا. فاقترحت على الدولة التونسية شراءها وتحويلها مقرا عاما للمؤتمرات والنشاطات العلمية والثقافية وتأسيس لجنة من رجال العلم والثقافة للإشراف عليه، وبالفعل اقتنع بو رقيبة بوجهة نظري وعيّنني رئيسا لهذه اللجنة. وبدأت حينها مسيرة البحث عن خلق أفكار ثقافية جديدة وتطويرها، ولمّا كان المسرح في تونس إرثا تاريخيا له أهميّته منذ القرن الثامن عشر بسبب الجالية الايطالية التي كانت تعرض مسرحيات وحفلات موسيقية خصوصا في العاصمة، كان اختيار مشروع بناء مسرح مفتوح في مدينة الحمامات، وطلبت أن يتم ذلك في باحة فيلا "سيباستيان" قبالة البحر، فكان لي ما اردت". ويذكر حوارني انّه التقى وزير الثقافة الفرنسي حينها اندريه مالرو الذي اقترح عليه اسم المهندس المعماري بول شيميتوف لتصميم المسرح وتنفيذه وكان في بداية مسيرته المهنية، مشيرا الى أن أبرز مميزّات هذا المسرح هو تقنيات بنائه أي الباطون ذات الكلفة البسيطة والاضاءة والصوت على الطراز الحديث، والأهم هو وجود طابق سفلي يتألّف من 20 غرفة منامة لاستضافة الفنّانين وهو الأوّل من نوعه في كلّ العالم. ويضيف: "كان أقرب الى المسارح البريطانية خلال القرن الثامن عشر> يتّسع لألف شخص ولم تتعدّى كلفته حينها المئة ألف دولار، دفعت نصفها الدولة التونسية فيما أكملت مؤسّسة "غولبانكيان" النصف الآخر، وأُنجز المسرح خلال ستّة أشهر وهو رقم قياسي، وتمّ تدشينه في الأوّل من تمّوز عام 1964".

نتج عن المسرح تأسيس "المدرسة المسرحية" التي قدّمت ثلاث مهرجانات ميّزها دمج فنانين من تونس مع آخرين من باقي الدول العربية في عمل فني مسرحي جامع تكون فيه اللغة مفهومة للجميع، "كانت تجربة فريدة من نوعها لكنّها حقّقت نجاحا في وقتها" على حد قوله، مشيرا الى تجربة أخرى هي اشراك راقصين تونسيين مع راقصين أجنبيين في عرض للباليه الكلاسيكي نال ايضا اعجابا كبيرا في حينها.....

خمس سنوات قضاها حوراني مديرا للمسرح حقّق خلالها نجاحا بارزا، استحقّ بعد خمسين عاما تكريما من قبل وزير الثقافة مراد صقلي الى جانب المهندس بول شيميتوف وشريف خزنادر الذي عمل عمله في تأسيس المسرح وأسّس لاحقا "بيت الثقافة" في فرنسا والفنانة اللبنانية نضال الأشقر التي كانت احدى تلميذات المدرسة المسرحية، خلال احتفال تضمّن معرضا للنشاطات التي حقّقها المركز ومن ضمنه المسرح وبعض الأشغال اليدوية التي كانت نتاج أطفال مشرّدين ساعدهم المركز ضمن مشغل خاص لتعليمهم مهنا واشغالا كانت تُعرض في عدّة دول، ومُنح المكرّمون دروعا لمساهمتهم في انجاز مستوى ثقافي رفيع في تونس. وفي كلمته شكر حوراني كلّ من ساهم معه في انجاز المسرح داعيا الى اطلاق حملة لإعادة تأهيله وصيانته كي تبقى مدينة الحمامات منارة مشعّة على الخارج كما كانت دوما، وفي كلامه مسؤولية جديدة ألقاها على عاتقه الوزير صقلي الذي قال له: "je compte sur vous" لجهة تأمين التمويل اللازم كم فعل منذ خمسين عاما!





تعليقات: