«مافيا مولدات الكهرباء» تفرضُ سلطتها ولا تبالي بخفض أسعار المازوت

غالبية اصحاب المولدات الخاصة في العرقوب وحاصبيا ومرجعيون لم يكن جميعهم، ملتزمون خفض اسعار الإشتراك بعد التراجع اللافت في اسعار المحروقا
غالبية اصحاب المولدات الخاصة في العرقوب وحاصبيا ومرجعيون لم يكن جميعهم، ملتزمون خفض اسعار الإشتراك بعد التراجع اللافت في اسعار المحروقا


«المستقبل» تستطلع تداعيات هبوط أسعار المازوت على تسعيرة الاشتراك الخاصة

مناطق ـ

فيما تراجعت أسعار النفط العالمية نحو 30 في المئة، وانعكاس هذ الامر على أسعار المشتقات محلياً لا سيما مادة المازوت التي تراجعت الى ما يقارب الـ20 الفاً و500 ليرة، لم تعر «مافيا مولدات الكهرباء الخاصة« أيِّ اهتمام لما يحصلْ، مشكلةً «جمهوريةً» على حسابها ومن جيوب المواطنين، مستفيدةً من الواقعِ المريض لمؤسسة كهرباء لبنان، ومن غياب البلديات في معظمها عن التدخل.

فما معنى ان تصدر وزارة الطاقة تسعيرتها الشهرية، فيما صاحب المولد الخاص يرميها في أقرب سلة مهملات، ضارباً عرض الحائط بكل ما من شأنه أن يكبح جماح الأسعار.

إن سعر تكلفة الكيلوات ساعة الذي تنتجه مولدات الكهرباء الخاصة يباع للمواطن بأضعاف الثمن الذي تبيعه مؤسسة كهرباء لبنان. إضافة الى أن مئات الميغاوات التي تنتجها هذه المولدات خارجة عن نطاق الدولة وعن نطاق شركة كهرباء لبنان. وهي لا تدفع ضريبة على القيمة المضافة او ضريبة دخل، ولا توفر فرص عمل، وتفسد الأدوات الكهربائية في المنازل.. والسؤال هو ماذا تفعلُ وزارة الطاقة سوى تحديد أسعار الاشتراك فيما تغيب الرقابة عن التنفيذ؟ وما هو دور حماية المستهلك؟

«المستقبل» أجرت مسحاً شاملاً لأوضاع التعرفة في مولدات الكهرباء في المناطق اللبنانية، وهي تظهرُ جلياً تحدي هذه المافيا لقرارات الدولة وقوانينها:


حاصبيا: البلدية تحاول تمرير القطوع

يبدو ان غالبية اصحاب المولدات الخاصة في العرقوب وحاصبيا ومرجعيون (عمر يحيى)، ان لم يكن جميعهم، ملتزمون خفض اسعار الإشتراك بعد التراجع اللافت في اسعار المحروقات التي انخفضت نحو 40 في المئة، بشكل لم يشهد له مثيل، فيما هناك متابعة حثيثة من المخاتير والفعاليات بالتنسيق مع القائمقامين في حاصبيا ومرجعيون للإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة عن الشهر الفائت التي حددت بـ 330 ليرة، لكل ساعة دوران للمولد الخاص على 5 أمبيرات. وهذا الوضع أدى الى ارتياح وتخفيف للأعباء عن المواطنين الذي يشتركون مضطرين في تلك المولدات، آملين في ان يستمر هذا التراجع في المحروقات، خاصة المازوت الذي يعتبر مادة أساسية للتغذية بالتيار الكهربائي اضافة الى استعماله وقودا للتدفئة. فيما يشكو بعض اصحاب المولدات الخاصة من ان التسعيرة تأتي مع نهاية الشهر فيكونوا قد دفعوا «سعر المازوت اغلى مما كان عليه نهاية الشهر، اضافة الى تكلفة الصيانة وتجديد كابلات الإشتراك وغيرها من الأعباء المادية».

وفي غالبية قرى العرقوب، اخذت البلديات على عاتقها تشغيل مولدات خاصة، باسعار رمزية جدا تراوح بين 40 الف ليرة و 60 الفا لكل 5 امبير، وذلك لتغذية البلدات بالتيار الكهربائي عند انقطاع كهرباء الدولة، ويشير رئيس بلدية شبعا واتحاد بلديات العرقوب محمد صعب، الى ان «هذا الأمر يكلف البلدية اعباء مادية كبيرة وهي تنفق من صندوق البلدية لأجل ذلك بين 8 ملايين ليرة و10 ملايين شهريا«.

..


صيدا: توجه للجوء الى «الاقتصاد» والقضاء

لم تتأثر بورصة رسوم الاشتراك بالمولدات الخاصة في صيدا (رأفت نعيم)، وجوارها بانخفاض اسعار المازوت او بتحسن التغذية بالتيار الكهربائي، تأثرها السريع بارتفاع الأولى وتراجع الثانية !.فارتفاع اسعار المحروقات التي تشغل تلك المولدات مفعول رجعي يمتد لشهرين الى الأمام، وزيادة ساعات التقنين في كهرباء الدولة خلال شهر واحد تقابلها زيادة التعرفة بالمولدات الخاصة لأشهر ثلاثة لاحقة ولو تحسنت التغذية. .واقع يبدو فيه المواطن عالقا ومكهربا بفواتير كهرباء المولدات التي تعرف الارتفاع ولا تعرف الانخفاض وان انخفضت فبنسبة لا تذكر.

نحو مئة مولد للكهرباء منتشرة في صيدا وضواحيها وامتدادها الجغرافي والديمغرافي، يتقاسم اصحابها كل شهر ما بجيوب المشتركين من دون الالتزام باي ضوابط تحكم عمل هذه المولدات وتسعيرتها وما تخلفه من تلوث بيئي وسمعي وحتى بصري في معظم احياء المدينة، رغم ان هناك ثلاثة ضوابط يفترض ان تكون كافية لتردع بعض هؤلاء من التمادي في زيادة رسوم الاشتراك: تسعيرة الوزارة المعنية، جدول البلدية الشهري، وتحرك الجهات الأمنية والقضائية المختصة عند تبلغها باية مخالفة من هذا النوع. ومشكلة زيادة تعرفة المولدات في صيدا تقدمت مؤخرا الى الواجهة بعد تصاعد وتيرة الشكاوى من مواطنين وتجارا واصحاب مؤسسات من عدم التزام اصحابها بالتعرفة الرسمية، وفوجىء كثير من المشتركين في بعض احياء صيدا ومحيطها بعدم خفض اصحاب المولدات للتعرفة هذا الشهر، رغم تحسن التغذية من جهة وانخفاض اسعار المازوت من جهة ثانية ، حيث بلغت التعرفة في بعض الأحياء بالنسبة للـ5 امبير 180 الف ليرة وللـ10 امبير 360 الف ليرة، علما ان الجدول الشهري للتعرفة الذي يصدر عن البلدية يلحظ خفضا للتسعيرة لتصبح في اقصاها 138 الف ليرة للـ5 امبير و275 الفاً للـ10 امبير. وبلغت هذه الشكوى مسامع المسؤولين في محافظة الجنوب، حيث سيعقد اجتماع لهذه الغاية مع المحافظ ورئيس مصلحة الاقتصاد وممثلين عن القطاع الاقتصادي والأهلي، للبدء بتحرك لإلزام اصحاب المولدات بالتسعيرة الرسمية والتي تعتمد اساسا بناء لبرنامج التغذية بكهرباء الدولة.

وكشفت مصادر مطلعة ان هذا التحرك يشمل في خطوة لاحقة تحريك القضاء لجهة تسريع تنفيذ اجراءات ومحاضر الضبط بحق المخالفين وان لائحة بأسماء المخالفين سلمت الى الجهات القضائية المختصة لإجراء اللازم. اما في قرى شرق صيدا وبعض بلدت وقرى الزهراني فهناك طريقتان للاشتراك بالمولدات، الأولى بتركيب عداد ودفع تكلفته مرة واحدة ومن ثم دفع تكلفة ما يسجله العداد من استهلاك بعد الاتفاق على سعر الكيلووات والآن لا تعدى الـ700 ليرة . اما الطريقة الثانية فهي المقطوعة وتبلغ الآن 100 الف ليرة للـ5 امبير وضعفها للـ10 امبير.

..

عكار: أصحاب المولدات يفتكون بجيوب المواطنين

لم يؤثر الانخفاض الكبير في أسعار المحروقات، في أصحاب مولدات الكهرباء الخاصة في عكار (رسلان منصور). فاستمرت الأسعار على حالها، بحجة أن الخفض يحتاج الى توافق كل أصحاب المولدات.

وقد أمعنَ أصحاب المولدات فتكاً بجيوب المواطنين رغم الانخفاض الكبير الذي طرأ على جدول أسعار المازوت، بحيث ظل سعر الكيلو الواحد يرواح بين ثمانمائة وألف ليرة، على رغم الوعود التي كانت تقدم للمواطنين والمشتركين بأن أي انخفاض قد يحصل على سعر المازوت يعقبه حتما انخفاض اتوماتيكي في الفواتير الامر الذي لم يحصل البتة. ويؤكد أصحاب المولدات أن لا شأن لنا بالخفض ولا حتى بالتسعيرة باعتبار أننا ننفق الى جانب كميات المازوت مبالغ طائلة على تصليح الشبكات، اضافة الى قطع الغيار والفلاتر وسواها ، كما يؤكدون أنهم أبقوا على التسعيرة هي هي يوم ارتفع سعر المازوت، فلماذا الاحتجاج اليوم. ويؤكد رئيس بلدية عمار البيكات وليد قاسم أن بعض البلديات حلت هذه المشكلة بأن أخذت على عاتقها تركيب المولدات وتحديد السعر «مقطوعية» بما لا يضر بجيوب المستهلكين، وبما يؤمن الصيانة وصرف الوقود والعمال المشرفين. أما في القطاع الآخر أي حيث البلديات لا تتدخل فيشير الى أن هناك احتمالين: اما البلديات متواطئة بغاية الربحية أو تصمت لتمرير بعض الخطوط، وفي كلتا الحالتين يدفع الفقير الثمن.

..

اقليم الخروب: احتكار بغياب الدولة

استمرت اسعار الاشتراكات في مولدات الكهرباء في اقليم الخروب على ذاتها (خديجة الحجار)، رغم انخفاض اسعار المازوت، لتبدأ التساؤلات معها بالهدف من ذلك بان اصحاب هذه المولدات بدأوا باحتكار الاسعار في ظل غياب للدولة وللوزارة المسؤولة عن هذا الملف.

اصحاب المولدات الكهربائية او ما يعرف «بالاشتراك» لا يزالون يفرضون تسعيرتهم الخاصة بهم على الرغم من وضع وزارة الطاقة لتعرفة او تسعيرة تبقى حبرا على ورق.

..

البترون: البلدية تحدد الأسعار وتتدخل

يعتبر البترونيون أن المولدات الكهربائية الخاصة وجدت للمساهمة في حل مشكلات المواطن والتخفيف من معاناته واعبائه عند انقطاع التيار الكهربائي وليس إضافة أعباء ومصاريف غير منطقية. ويتطلع المواطن البتروني الى تحقيق تراجع فعلي في أسعار الاشتراكات بالمولدات الخاصة باعتبار أن تحديد بدل الاشتراك الشهري مرتبط باسعار المازوت. وتختلف آلية تحديد الاسعار بين بلدة وأخرى وبين القرى والمدينة عاصمة القضاء، حيث تحدد بلدية البترون الاسعار شهريا وفقا لسعر صفيحة المازوت مع المتابعة والمراقبة، للتأكد من الالتزام بالاسعار المحددة. كما يؤكد رئيس بلدية البترون مرسيلينو الحرك «نحن من يحدد الأسعار انطلاقا من سعر المازوت وكل شهر هناك سعر مختلف حسب حركة اسعار المشتقات النفطية واسعار المازوت. وعلى اصحاب المولدات الالتزام بالسعر الذي نحدده وممنوع مخالفة التعاميم التي نوزعها في المدينة للإعلان عن السعر الذي نحدده«. وتشهدُ مدينة البترون منافسة على مستوى المولدات التي اصبحت تابعة لشركات مساهمة وليس لأفراد، والمنافسة بين شركتين تؤمنان التيار للمنازل والمؤسسات خلال ساعات التقنين.

..

شتورة: أصحاب المولدات طغاة

نعتَ المشتركون في خدمة مولدات الكهرباء، أصحاب هذه المولدات بـ«الطغاة»، نظراً للاستغلال الذي يمارسه هؤلاء، إذ يستوفون ما بين 800 ليرة والف ليرة للكيلوات الواحد، وهذه التعرفة موثقة يضاف اليها عشرة الاف ليرة كاشتراك بالمولد. اي ان الوحدة السكنية المتواضعة، تدفع فاتورة قد تصل الى مئة الف ليرة شهريا لاشتراك خمسة امبير، وضعف هذا المبلغ اذا ما تجاوزت ساعات قطع التيار 12 ساعة يومياً.

وصاغ أصحاب المولدات اتفاقا شفهيا في ما بينهم يتجاوز التسعيرة الموحدة الى «تطويب« المشتركين، كأنهم ملكية خاصة سيارة قطعة أرض الخ، اذ اتفق أصحاب المولدات على معاقبة اي مشترك يحاول أو يفكر بنقل اشتراكه من مولد الى آخر، وفي حالات كثيرة عندما يحاول احد المواطنين ذلك، رغبة منه بتخفيف العبء المادي، يجابه بالرفض والجزر لمجرد التفكير بنقل اشتراكه.

أزمة بعض بلدات البقاع الغربي تتقاطع والبلدات الاخرى في زحلة او قب الياس او برالياس، حيث اصحاب المولدات لا يعيرون اي قيمة للتسعيرة الدورية التي تصدرها وزارة الطاقة. إلا انَّ بعض المجالس البلدية المحلية ومنها بلدية لالا في البقاع الغربي التي ابتاعت مولدات كهربائية على نفقتها، وشرعت بتوزيع اشتراكات على جميع اهالي البلدة بتكلفة لا تتجاوز 400 ليرة، الامر الذي ولد ارتياحا كبيرا لدى المواطنين، حيث تراوح تكلفة الوحدة السكنية بين 30 و50 الف ليرة لاشتراك خمسة أمبير، وهي تجربة وفرت على المستهلك، وامنت دخلا اضافيا للبلدية التي تستثمر عائدات المولدات الخاصة بها باعمال انمائية للبلدة.

..

بعلبك: مآسٍ بالجملة

رغم انخفاض اسعار المحروقات عالميا ومحليا لا سيما مادة المازوت (نضال صلح)، ما يزال اصحاب مولدات الكهرباء، يتاقضون بدلات الاشتراك كما في السابق من دون اي تخفيضات تذكر.

وقال جهاد الناعس وهو من اصحاب المولدات في بعلبك «من الصحيح ان سعر صفيحة المازوت بعد انخفاضها على مدى الاشهر الماضية حيث وصل الى 20700 ليرة، الا ان هذا لا يفترض ان يكون سببا في انخفاض بدل الاشتراك. وما نعانيه اكبر بكثير مما يتراءى للبعض. فالمشكلة الاساسية التي نعاني منها ترتبط مباشرة بشركة كهرباء لبنان حيث دائما تواجه الشركة اعطال تقنية على خطوط التوتر العالي كما في خطوط التغذية الداخلية ما يلزمنا بتأمين التيار الكهربائي الى المواطنين. وقد تصل ساعات التغذية عبر المولدات الى اكثر من 260 ساعة شهريا».

اما بالنسبة الى المشتركين وللمفاجأة فلم يتقدم اي منهم بطلب تخفيض بدل الاشتراك، لأنهم مقتنعون بأن مولدات الكهرباء تبقى اكثر ضمانة من كهرباء الدولة علما ان التغذية بالتيار الكهربائي في بعلبك استنسابية، حيث هناك بعض الاحياء التي يصل فيها التقنين كحد اقصى الى 5 ساعات فيما تصل في احياء اخرى الى اكثر من 12 ساعة.

تعليقات: