ألا يحق للسيد نصرالله وضع العدو الصهيوني ضمن الجهات المحتملة وراء الاغتــيالات والتفــجيرات؟

معن بشور
معن بشور


لا يحتاج قائد المقاومة المجاهدة السيد حسن نصر الله الى من يدافع عن مواقــفه وأفـكاره وسياساته، ففي سيرة الرجل وجهاده وإنجازات المقاومة التي يقودها، ما هو كفيل أن يعـطي كل كلمة يقولها مصداقية يشهد لها العدو قبل الصديق.

كما لا يستطيع أي منا أن يضيف الكثير في الرد على حملة التجني الكبيرة التي انطلقت ضد أمين عام «حزب الله» (إثر خطابه في يوم القدس العالمي)، فلقد كتب وقيل في هذه ما شمل كل الجوانب، لا سيما مقالة الأستاذ طلال سلمان الشافية والوافية التي امتزج فيها الوجدان الصادق بالعقل الثاقب، والوطنية العريقة بالأخلاقية الأصيلة.

لكن أسئلة عدة تطرح نفســها في هذا المجـال ولقـد لف الاستغــراب، حتى لا نقــول ما هو أكثر من الاستغراب، العديد ممن أذهلتهم تلك الضراوة التي استخدمت في الحــملة على خطاب السيد نصر الله، خصوصاً أن في الخطاب كلاماً شجاعاً وواعياً ووحدوياً ومستقبلياً لم يعد الكثير من المسؤولين في المنطقة كلها يمتلكون الجرأة على قوله.

أول الأسئلة ألا يحق لسماحة السيد نصر الله أن يضع العدو الصهيوني في لائحة الجهات التي يحتمل أن تكون وراء الاغتــيالات والتفــجيرات التي يشهدها لبنان، وهو المهدد كل لحــظة بالاغتيال من العدو الصهيوني، بل هو الذي بات أميناً عاماً لحزب الله إثر عملية اغتيال طالت سلفه الشهيد الكبير السيد عباس الموسوي وزوجته وطفله، ناهيك عن عملية الاغتيال والتدمير الجماعي التي نفذها العدو الصهيوني بحق آلاف اللبنانيين في الصيف الفائت، حتى لا نستعيد عملية اغتيال شهيدي آل المجذوب في صيدا، وعمليات اغتيال قادة وكوادر في حزب الله على مدى سنوات وسنوات؟

وثاني الأسئلة ألــيس في تاريخ العدو الصهيوني ما يجعل احتمال تورطـه في اغتــيالات داخل لبنان وخارجه أمراً يستحق التــوقف عنده، والتأكد من صحته، ومتابعة تداعيــاته، أم أن سجل هذا العدو نظيف الى الدرجة التي لا تسمح لأحد بالشــك فيه كــأحد الاحتــمالات الرئيــسية في ارتكاب الجرائم النكراء التي شهدها لبنان؟

لقد ذكر الكثير عن أسلوب المخابرات الصهيونية في ارتكاب جرائم غامضة لتحقيق أهداف واضحة، وهنا نذكّر أيضاً بفضيحة (لافون) في مصر حيث استهدف يهود، كما استهدف أكثر من كنيس يهودي بمتفجرات صهيونية، لإجبار يهود مصر على مغادرتها.

ثالث الأسئلة هل يستطــيع لبنــاني واحد، أياً كان رأيه، أن ينكر أن العــدو الصــهيوني كان أكثر المستفيدين من سلسـلة الاغتيالات والتفجيرات التي شهدها لبنان، أياً كانت الجهة التي تقف وراءها، بل هل ينكر أحد أن كل ما يهز أمن لبنان واستقراره ويضرب وحدته ويحاصر مقاومته ويضرب علاقته بأشقائه العرب، وفي مقدمهم سوريا، يصب مباشرة في مصـلحة العدو الصهيوني؟

وإذا كان العدو مستفيداً من هذه الجــرائم، فلماذا لا ندرس احتمال أن يكون هو أيضاً مــرتكبها، انطلاقاً من النظرية الجنائية التي تسأل عمن المستفيد من الجريمة لتضعه في خانة المشتبه فيهم؟

رابع الأسئلة ألم تكن في حياة بعض المجنى عليهم من شهداء الوطن، وفي مقدمهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري، من المواقف والتحركات والمبادرات ما يجعله أيضاً هدفاً للعـدو الصــهيوني، بالإضافــة الى الشــهيد جورج حاوي الذي كان من أبرز قادة المقاومة الوطنية اللبــنانية التي احتفلنا قبل أيام بذكرى مرور ربع قرن على انطلاقها؟

هل ينسى العدو مثلاً في تحركات الشهيد الحريري الدولية خلال عملية عناقيد الغضب ومجزرة قانا الأولى، دوره في «تفاهم نيسان» عام ,1996 جنباً إلى جنب مع الرئيس الراحل حافظ الأسد، ووزير خارجية فرنسا دو شاريت، الذي بقي في المنطقة أياماً طويلة، رغم انزعاج تل أبيب وواشنطن منه، حتى نجح الراحلان، الأسد والحريري، في فرض باريس كطرف رئيسي في ذلك التفاهم؟

وهل ينسى العدو أيضاً محاولات الرئيس الحريري لإنشاء لوبي لبناني وعربي داخل الولايات المتحدة الأميركية، يمكن أن يشكل مع الوقت منافساً، ولو صغيراً، للوبي الصهيوني، الواسع التأثير والنفوذ؟

وهل ينسى العدو الصهيوني أيضاً الحوارات الطويلة بين الحريري وأمين عام حزب الله والتي كان عنوانها إيجاد الصيغة المــناسبة لصون المقاومة وحماية لبنان وأمنه واستقراره، خصوصاً بعد الدور الهام الذي لعبه الحريري نفسه الى جانب حزب الله في إتمام صفقة تبادل الأسرى عام 2002؟

تبقى المسألة الأخــرى التي أثــارت كل هذا الغبار، وهي مسـألة العودة الى الشــعب في مسألة الاستحقاق الرئاسي فيما لو تعذر التوافق، الذي أصرّ السيد نصر الله عليه.

هل وصل التعسف الفكـري والسياسي بنا إلى حد منع أي قائد لبناني من أن يــفكر مع شركائه في الوطن في مخارج لاستحقاق داهم يتفق اللبنانيون جميعاً على أن تعطيل التوافق حوله يدخل البلاد في الفراغ المجهول؟

وإذا كان الفــريق الحـاكم يتــمسك باللـجوء الى انتخاب النصف زائداً واحداً، أي الأكثرية النيابية، فيما لو تعذر التوافق (وهو بالمناسبة مخرج لم يوافق عليه حتى بعض أبرز شخصيات الفريق الأكثري ذات الوزن السياسي والقانوني والتاريخــي)، فما الجــريمة في أن يقــترح الفريق المعارض اللجوء إلى الانتخابات المباشرة (لمرة واحدة فقط) أي إلى الأكثرية الشعبية، كمخرج من الأزمة، خصوصاً أن الشعب مصدر كل السلطات؟

أسئلة نطرحها كل يوم وكلنا حرص على أن تستمر مساعي التوافق التي يقــودها الرئيس بري، لكي يخرج وطــننا موحداً بــكل أبنائه، ولكي نبني مستقبلنا بهمة كل الشــركاء في الوطن.

وختاماً أستذكر الآن كلاماً سمــعته قبــل أسابيع من شخصـية عربـية بارزة: «غــريب أمركم في لبــنان، فــلو كان في دول العــالم الراقية مثيل لنصــر الله لوضعــوه في مرتبــة الأبــطال والرمــوز التاريخــية بعد كل مــا أنجــزه مع حزبه وشعبه لمصلحة لبنان، فكيف يستسهل بعضكم التطاول عليه والنيل من مكانته؟».

تعليقات: