تلوث مجرى الحاصباني يفاقم مشكلة زيبار الزيتون الآتية

غدير من المياة الآسنة في مجرى الحاصباني (طارق ابو حمدان)
غدير من المياة الآسنة في مجرى الحاصباني (طارق ابو حمدان)


مع انخفاض منسوب مياه نهر الحاصباني، ونتيجة لتسرب المياه الآسنة من القرى المحيطة الى مجراه، تحول النهر الى غدران وبرك سوداء داكنة، تسرح وتمرح فيها مختلف انواع الزواحف والحشرات السامة وتنبعث منها الروائح الكريهة. كما بات مجرى النهر مصدرا رئيسيا للتلوث البيئي، يطال بضرره، المواسم الزراعية وبعض المنتزهات والمعامل على ضفتيه، من دون ان تبدو في الأفق القريب اي محاولات جادة، لرفع هذا التلوث او الحد من خطره، والمتجه بسرعة الى التفاقم مع مطلع الشهر القادم، حيث سيبدأ موسم عصر الزيتون، وما يتبعه من تسرب الزيبار جنبا الى جنب مع المياه المبتذلة، الى مجرى النهر، ما سيضاعف هذه الكارثة البيئية القاتلة.

حوالي 3 كلم من المجرى أصبحت مستنقعات للمياه الآسنة، الصادرة عن محطات تكرير المياه المبتذلة، والتي يزيد تعدادها عن 30، أكثريتها معطلة او متوقفة عن العمل، بسبب صعوبة تشغيلها وعجز البلديات عن تحمل كلفتها المرتفعة.

فشل المسؤولين والمحطات

الجهات المعنية في حاصبيا والقرى المحيطة، التي اعترفت بفشلها في معالجة هذه الظاهرة المتكررة عاما بعد عام، اشارت الى ان تسرب المياه المبتذلة، يأتي من محطات تكرير حاصبيا وكوكبا وعين قنيا والقرى المحيطة. فهناك عدة سواق تنطلق من هذه القرى الى مجرى البصيص الذي يصب بدوره في مجرى الحاصباني. كما هناك قسطل بقياس 4 انشات، ركز في محطة تكرير كوكبا لينقل المياه الآسنة الى مجرى النهر شرقي البلدة.

قائمقام حاصبيا وليد الغفير والمكلف برئاسة بلدية حاصبيا بعد استقالتها منذ فترة، اشار الى «ان عطلا لحق بمحطة تكرير حاصبيا منذ فترة، بعد تلف بعض معداتها، وقد أناطت البلدية بورشة لإصلاحها، وتأخر ذلك عائد الى عدم وجود قطع للغيار، نسعى لتأمينها، على امل اعادة وضع المحطة قيد العمل في أقرب وقت»، علما بان رئيس بلدية حاصبيا السابق الشيخ غسان خير الدين كان قد عمل على تشغيل المحطة، بكلفة بسيطة وطيلة فترة توليه رئاسة البلدية، من دون ان تبدو اية عقبات تحول دون ذلك، وتمكن معها من حماية الحاصباني وبنسبة مرتفعة.

رئيس اتحاد بلديات الحاصباني منير جبر، رد تسرب المياه المبتذلة لمجرى النهر، الى الأعطال الحاصلة في معظم محطات التكرير المقامة عند محيط القرى، وقال: «سعينا مع العديد من رؤساء البلديات، للعمل على إصلاحها، وقد تذرع معظمهم بعدم القدرة على اصلاحها وتشغيلها بسبب الكلفة العالية المترتبة عن ذلك». وشدد جبر على ضرورة التزام البلديات في القرى المحيطة، بتوجيهات مختلف الجهات المعنية لرفع الضرر عن الحاصباني، لكن ذلك لم يحصل الا بنسبة محدودة وعلى الجهات البيئة المعنية ملاحقة هذا الموضوع بشكل جدي.

التحضير لتحرك شعبي

هذا الاعتداء الموسمي على نهر الحاصباني، دفع بعشرات المزارعين والسكان المحليين القاطنين في محيطه، لتوجيه نداءات عاجلة الى كافة الجهات المعنية في وزارتي البيئة والصحة، للتدخل وايجاد حل لهذا الوضع الكارثي المزمن، والذي سيصل حتما الى انتشار الأمراض، في ظل هذه الروائح الكريهة المنبعثة، ناهيك عن قتل الحياة المائية، والأضرار التي يمكن ان تلحق بالمواسم الزراعية، علما بان حالات مرضية كانت قد سجلت خلال الأعوام الماضية نتيجة لهذا التلوث. الناشط البيئي غسان شميس الحمر، اعتبر ما يحصل من تلوث في هذا النهر كارثة حقيقية، في ظل تجاهل شبه تام للجهات المعنية، ودعا الى اكبر حملة شبابية لانقاذ الحاصباني من هذه الكارثة الموسمية، التي باتت خطرا فعليا على صحة الإنسان والبيئة في حوضه، وقال: «ان المياه المبتذلة وزيبار الزيتون القادم الى النهر بعد أيام، تعمل على قتل الحياة المائية بشكل عام، فالسمك نفق بنسبة 95% حتى الآن وما بقي منه منهك وفي طريقه الى الهلاك، كذلك بتنا نخاف على صحة المواطنين القاطنين على ضفتيه، وإننا نضع هذه المشكلة في عهدة الأجهزة الأمنية والقضائية»، كاشفا ان تحركا شعبيا ضد هذا التلوث سينشط في الحاصباني خلال الفترة القليلة القادمة لعلنا نحث الجميع على انقاذ هذه المنطقة من كارثة محتومة.

تعليقات: