اعتداءات على نازحين بقاعاً.. بحجّة الثأر للجيش

يغير بعض النازحين مكان سكنهم هرباً من الاعتداءات (سامر الحسيني)
يغير بعض النازحين مكان سكنهم هرباً من الاعتداءات (سامر الحسيني)


130 ألف سوري في سبعمئة تجمّع عشوائي

لا تخلو سجلات القوى الأمنية من تسجيل اعتداءات يومية تطال النازحين السوريين في مختلف القرى البقاعية، بينما تتصدر منطقة البقاع الشمالي الحملة على النازحين السوريين، من اعتداءات بالضرب الى الاحتجاز والتشليح والسرقة وحرق الخيم وممتلكاتهم وسلبهم دراجاتهم النارية. ويسرد عشرات النازحين السوريين مأساتهم اليومية، التي حوّلتهم إلى أهداف مشرّعة يوميا للاعتداء والضرب، من جانب بعض الأفراد الذين يستغلّون حجّة التضامن مع الجيش والانتقام لأفراده العسكريين.

وتلاحظ تقارير «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، أخيراً، ارتكاب اعتداءات عدة بحق بعض تجمعات السوريين في مختلف مناطق البقاع، الأمر الذي فرض على عشرات من النازحين النزوح مرة اخرى الى منطقة قد تعتبر آمنة بالنسبة إليهم، وان كان هذا الأمان مؤقتاً وفق تجربة أغلب النازحين السوريين، ومنهم سامي الذي يشير إلى أنه نقل سكنه مرات عدة بسبب بعض المضايقات والاعتداءات.

وتفيد أرقام المفوضية أن عدد النازحين المسجلين في البقاع قد تجاوز رقم 450 ألف نازح، منهم أكثر من 130 ألفاً موزعين على نحو سبعمئة تجمّع عشوائي، تُعتبر الأكثر عرضة للاعتداءات التي تكاثرت في الأسابيع الماضية القليلة، من خلال حرق الخيم وتعرض عشرات من النازحين في أماكن عملهم الى الضرب والإهانة.

وبعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً من الإقامة في منطقة رياق في قضاء زحلة، حزم خالد الزغناف أمتعته ورحل مع بعض أقاربه وحط رحاله في سهل حوش الحريمة في البقاع الغربي. غادر خالد، وهو سوري مسجل في قيود «مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين» مكان سكنه في رياق، اثر تعرضه وأقاربه لتهديدات متنوعة، من جانب أفراد يطلق عليهم تسمية «الزعران»، الذين حاولوا استغلال أحداث عرسال وما تلاها من قضية اختطاف العسكريين، إذ قاموا باعتداءات طالت تجمعات السوريين تحت حجة الانتقام والتضامن مع العسكريين، فيما لم تكن هذه الاعتداءات «سوى محاولات سرقة وابتزاز مالي»، وفق ما خلصت اليه المتابعة الأمنية.

في المقابل، يرفض البقاعيون هذه الاعتداءات التي تطال النازحين، ويقولون إن «الواقع لم يعد من الممكن تحمله والتكيف معه، بسبب اكتظاظ المئات والآلاف من النازحين السوريين داخل قراهم، التي تحولت الى حارات سورية وشامية، حتى ان البعض يستنسخ بعض الأحياء الداخلية في القرى البقاعية أسماء لأحياء سورية».

وتتصدر بلدة بر الياس التجمع الاكبر للنازحين السوريين في البقاعين الاوسط والغربي، ويُطلق عليها توصيف عاصمة النزوح السوري في البقاع الذي يتجاوز حدود 70 الف نازح مقابل 50 الفا من السكان المحليين. ويعتبر سعيد سلوم، وهو من فعاليات البلدة، أن «هذا الاكتظاظ مخيف، وسببه العشوائية الرسمية في التعاطي مع النازحين السوريين، فالتجمعات العشوائية تتكاثر، وكلها ليست تحت الرقابة الأمنية أو البلدية في الحد الادنى، علماً أن يوميات النازحين السورين لا تخلو من الاحتكاكات في ما بينهم، على غرار ما حصل منذ أيام حين قتل شاب سوري في بر الياس على يد أحد أقاربه».

ويقول أفراد من فعاليات بر الياس انه «يجب على البلدية ان تقوم بتنظيم هذه التجمعات، وان تعمل في الوقت نفسه على منع الاعتداء على أي نازح سوري، لأنه من المحرم ان يدفع البعض أخطاء لا علاقة لهم فيها».

وفي الآونة الأخيرة، رصدت الأجهزة الأمنية ومفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبعض البلديات، انتقال العشرات من النازحين من قرى إلى اخرى، وكانت حصة قضاء راشيا الاكبر من هذا الانتقال، وفق أرقام المفوضية التي تتبلغ يومياً من النازحين عن تعرضهم لحالات ضرب وسرقة، ما يجبرهم على هذا الانتقال أو النزوج الجديد.

وأصدرت معظم البلديات في البقاع، أخيراً، تعاميم تتشابه الى حد كبير مع «خريطة طريق» للنازحين السوريين، وجرى تبليغها لسكان المخيمات السورية من خلال القيمين عليها، وهم يُعرفون باسم «شاويش المخيم». التعاميم المذكورة «تحرم على النازحين السوريين الانجرار وراء الاحداث السورية، والقيام بعمليات مخلة بالامن والقانون أو اقتناء سلاح حربي والاتجار به، كل مخالفة لأي بند من هذه البنود يجعل كامل سكان المخيم السوري غير مرحب بهم ووجب عليهم الرحيل»، بالاضافة الى «ضرورة تقيدهم بمواعيد التجول، التي تبدأ عند الساعة السابعة صباحاً وتنتهي عند الثامنة مساء».

تعليقات: