كمال البقاعي.. مقاوم من إبل السقي وعريس الخيام في النضال والحياة

المناضل كمال البقاعي وأغنار عواضة وأحبتهم
المناضل كمال البقاعي وأغنار عواضة وأحبتهم


أن تجتمع «أحزاب» الشيوعيين في لبنان حول المناضل كمال البقاعي، فهذا رصيد يستحقه الرجل وأكثر، لكن كيف يمكن صرفه، أقله وفق ما يشتهيه مقاوم تاريخي، لطالما كان ينظر إلى كل ثابت ومتحول من حوله، من منظار الحزب ـ القضية أولا؟

ها هو كمال يحاول هزيمة الوجع وآثار العملية الجراحية، ليقف منساب القامة والإطلالة والابتسامة الدافئة الهادئة التي تعتصر حزنا وفرحا لا يدركه إلا صاحبه.

بدا كمال لطيفا أكثر من أي وقت مضى. على مدى ثلاث ساعات، استعاد شريط عمره كله. فتى «الحرس الشعبي» يلبي نداء حزبه الشيوعي، فيكون من أوائل الملتحقين بـ«الحرس» دفاعا عن قرى الجنوب الحدودية الأمامية، جارات فلســطين المحتلة.

تقوده حماسته اليسارية الموروثة، للنزول من قريته ابل السقي الى جوار قرية الماري الحدودية، وهناك يلتقي برفيق له من الخيام، يمشيان سوية ناحية نهر الوزاني ويطلقان النار على الجنود الاسرائيليين. تلك الرصاصات شكلت بداية عمله كمقاوم في صفوف «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية»، ليصبح خلال أقل من سنة، قائدا لعملياتها في البقاع الغربي وحاصبيا والعرقوب.

يروي كمال كيف حاول اقناع الشهيد جمال ساطي بالتراجع عن فكرة تنفيذ عملية استشهادية ضد الاسرائيليين. تختلط الذكريات بالابتسامة والدمعة، محاولا أن يجيب على سؤال دائم حول صوابية اتخاذ القرار من عدمه، فيروي كيف حسم جمال ساطي، ابن قرية كامد اللوز، الجدال، قائلا له: «سوف افجر نفسي بمقر الحاكم العسكري في تلة برغز في حاصبيا». تقرر تأجيل العملية 24 ساعة، كانت فرصة لانتداب مجموعة من أصدقاء جمال لثنيه عن الامر، الا ان رفاق ساطي عادوا وقد اقتنعوا بفكرة العملية الاستشهادية!

تم شراء البغل من بلدة مشغرة، وجرى تفخيخه بعبوة ناسفة شديدة الانفجار، وتولى كمال وداع جمال الذي قاد البغل متنكرا بثياب رجل مسن باتجاه مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي في تلة برغز، وهناك فجر نفسه ودمر المقر وقتل من قتل وجرح من جرح من الجنود وبينهم ضباط كبار، لينعقد مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر ويتخذ سلسلة قرارات أمنية وعسكرية.

كمال البقاعي الذي كرمه الحزب الشيوعي بمباردة من اصدقائه ورفاقه المقاومين في «مطعم الجسر» بحضور اكثر من 250 شيوعيا من كوادر حاليين وسابقين وقياديين مقاومين واسرى محررين وجرحى، وبينهم وجوه من «اليسار الديموقراطي» و«الإنقاذ والتغيير» و«مؤسسة جورج حاوي» و«حركة الشعب» ...الخ، وجوه لم تلتق منذ سنوات جمعها كمال الذي تردد اسمه عشرات المرات في كلمة امين عام الحزب الشيوعي د.خالد حدادة الذي دعا على عتبة المؤتمر الحزبي المقبل الى عودة كل الشيوعيين الى الحزب وتناسي خلافاتهم لمصلحة قضية الحزب وأولوية مواجهة المشروع الاسرائيلي الأميركي التكفيري معطوفا على الدفع باتجاه التغيير الديموقراطي في الداخل.

كمال المسيحي الشيوعي الذى طلب في ليلة شتوية بقاعية عاصفة من شيوعي مسيحي آخر ان يقرأ القرآن الكريم بعد ان دخلا مطولا في نقاش عن الجن والانس، ليصبح «الآخر» لاحقا شيخا معمما (...)، يتعلق ببلدته ابل السقي وينسب اليها أولوية المقاومة والشهادة والزيتون والعطاء بلا حدود، فكيف الحال وقد صار صهرا لبلدة الخيام، تكلله رفيقة عمره اغنار عواضة، ولهما باقة (شابان وفتاة) وجدوا على مدارج الحياة ما يستهويهم من الاهتمامات، من دون أن يغادروا الحيرة والالتباس والأسئلة التي تراود والديهما كل يوم.

بلحيته الكثة السوداء والبيضاء، يرغب كمال ان يطيل اللقاء، ومع كل صورة مشتركة، كان يتمنى على رفاقه ان يحفظوا صورته على شاكلة الثوار. في المحصلة، اخذ كمال البقاعي من رفاقه المجتمعين افادة ولادة جديدة على امل ان يقهر المرض كما قهر العدو، وله مع الارادة تجربة لا تخيب.

* الأسير المحرر نبيه عواضة

موضوع ذات صلة:

كلمة عزت رشيدي: "قامة اكبر من جبل"

المناضل كمال البقاعي
المناضل كمال البقاعي


أغنار غلي عواضة، رفيقة عمر المناضل كمال البقاعي
أغنار غلي عواضة، رفيقة عمر المناضل كمال البقاعي


تعليقات: