المرأة قبل الإسلام وبعده - الجزء الثاني عشر والأخير‎ (باب الطلاق)


باب الطلاق

قبل أن ندخل في قضايا الطلاق نورد قولا للإمام محمد الباقر عليه السلام، وربما نؤسس عليه موضوعنا:

قال : "من كان عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقاً على الإمام أن يفرق بينهما".

أسباب الطلاق كثيرة وقد يكون عدم المعرفة بالواجبات والحقوق لكلا الزوجين، فمثلا على الزوجة أن تطيع زوجها وعدم الخروج من البيت إلا بإذنه إلا في فريضة الحج الواجبة عليها، وأن لا تتصدق في ماله إلا بإذنه وأن لا تمانعه في فراشه وإلا تكون ناشزاً.

وأما حقوقها عليه أن يقوم بكسوتها والإنفاق عليها بالطعام والشراب مما يأكل ويشرب، والإسكان في دار يناسبها، وإذا كانت مما تخدم وجب عليه أن يجعل لها خادماً.

الطلاق أبغض الحلال عند الله، ولكن هناك ظروف قد تستدعي معها طلب الطلاق من اي من الزوجين، فإذا كان الزوج من طلب الطلاق فيرسل للزوجة ورقة الطلاق بالبريد، او إرسالها باليد، وإذا ما أرادت الزوجة المطالبة بحقوقها نتيجة هذا الطلاق الظالم ، يجب عليها إقامة دعوى للمطالبة بمؤخر الصداق والنفقة وحتى يتكرم سيادة القاضي الفصل في هذه الحقوق يحتاج الى مدة لا تقل عن السنتين ، هذا اذا تكرّم!..

اما إذا كانت الزوجة هي طالبة الطلاق لأي سبب من الأسباب ألذي ذكرناها في الجزء الحادي عشر فتبقى في المحاكم الى ما شاء الله ذهاباً واياباً دون الحصول على نتيجة، والقاضي هنا غير آبه بالنص الإلهي الآية ( 229 البقرة) وهنا يتبادر الى الذهن السؤال أين العدالة ؟.. والجواب في ذمة القاضي!.. وفي التأخير بعدم الفصل يشجع الزوج على إلصاق التهم بالزوجة وهي بريئة منها وكل هذا حتى تتنازل عن حقوقها لتفتدي نفسها .

إذاً الرجل هو الطرف الأقوى في عقد لا يحق لأحد طرفيه فسخه إلا اذا ثبت قصور من الطرف الآخر بعدم الإلتزام بأحد شروطه، والمسؤولية هنا تقع على القاضي الذي حكم بطلاق الزوجة دون سماع أقوالها.

الطلاق مشكلة العصر وكما هو سائد ومتداول بين العامة بأن الطلاق لا يخضع للنصوص بل يخضع لمركز الزوج او الزوجة او والد اي منهما سواء كان من الناحية الإجتماعية او المالية ، والأمثال كثيرة في هذا الشأن ومنها :

زوجة طلبت الطلاق لأذى لحق بها من زوجها وقدمت اثباتاً لذلك تقارير طبية من أطباء معتمدين ومن أطباء شرعيين ما لحق بها من كدمات في وجهها وفي أنحاء آخرى من جسدها لكن القاضي لم يلتفت لهذا كله تعاطفا مع الزوج لمركزه الأجتماعي او المالي كما سبق او بتوصية من رجل سياسي تاركا كما أسلفنا النصوص والقواعد التي أرساها الرسول ( ص ) في تطبيق عقد الزواج في هذا الشأن .

اذا كان لا بد من الطلاق من جهة الزوج فلنطبق أمر الله علينا بأن : "اذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فأمسكوهن بمعروف او سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا " ( البقرة 231 ) ، وهذا يعني بأن ندع المطلقة وشأنها ولا نمسك بها بقصد الإيذاء والأعتداء كما يفعل السفهاء .

وفي قوله تعالى : " يا أيها الذين أمنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا ان يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى ان تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً " ( النساء 19 ) وفي هذه الآية عدم معاملة المرأة معاملة المتاع والحيوان بأخذها على سبيل الميراث كما كان عليه الجاهلية ، وبعدم التضييق عليهن وعدم الأساءة لهن ، ولا يحل لنا ان نسيء الى الزوجة لتفتدي نفسها منه بصداقها كلاً او بعضاً ، وعدم إلحاق الضرر بهن .

وفي كثير من الآيات يأمرنا الله عز وجل بمعاملة المرأة معاملة حسنة وأن لا نأخذ شيئاً مما أعطيناه لها ولو كان قنطاراً إلا عن طيب نفس من الزوجة ، ولا ننسب اليها ما هي بريئة منه .. أين نحن امام القضاء من هذا؟..

وللأمانة أورد هنا حادثتين :

الأولى : زوجة طلبت الطلاق من زوجها ودياً لسوء معاملته ، رفض الزوج الطلاق بدون مقابل ، والد الزوجة معروف وله صداقات ، اتصل بشخصية لها مكانتها في المجتمع ، وتم الطلاق بهاتف وبأقل من نصف ساعة وبدون تحديد جلسة ووثق الطلاق في المحاكم٠

الثانية : زوج اتهم زوجته بأنها ثيب وأثبتت التقارير الطبية والطبيب الشرعي بأن الزوجة ما زالت بكراً، والقاضي أصر على عدم التفريق والتطليق إلا بتنازل المرأة عن صداقها بضغط من أقرباء الزوج لوجود صلة بينهم وبين القاضي .

والحالة التي دعتني للكتابة عن المرأة قبل الإسلام وبعده وعن حقوقها سمعت بقصتها اثناء سهرة عائلية وهي من طلبت الطلاق لإساءة زوجها لها ولضربها، إلا ان القاضي لم يستجب لدعواها بالرغم من تقديم المستندات الدالة على وجوب التطليق، وسأترك لكم الحكم من قرأة القصة من خلال الرسالة التي أرسلتها الى شخصية دينية لها علاقة بالقضاء واعتذر عن ذكر الأسماء واليكم نص الرسالة:

سماحة الشيخ،

ارغب في أن أكون صريحا معك الى ابعد الحدود وأرجو ان تكون على خطى سيدنا ونبينا ورسولنا محمد بن عبدالله ( ص ) وعلى آلِ بيته الأطهار ، وأن تكون واسع الصدر .

سماحة الشيخ انا - استغفر الله من كلمة انا - منذ كان عمري 16 سنة لا أواطن المشايخ لأني رأيت تصرفاتهم خلاف أقوالهم ، ولكنني أجل واحترم وأقدر مجتهدينا وجميع المقلدين .

طبعا لك الحق بأن تستغرب طالما انا على هذا الطريق ، ولماذا اخترتك لأشرح لك مآساة امرأة.. وطالما لا أحب المشايخ .

في شهر رمضان المبارك كنت أتابع حلقاتك على محطة فضائية ، ولفت انتباهي ردك على سؤال .. غداً سارد عليك لأنني الآن غير متأكد من الجواب الصحيح ، ومن ثم موعظتك للذين يعيشون في كندا بأن علينا ان نحترم هذا البلد الذي آوانا في محنتنا ، ولا يجوز وحرام ان نتبع طرق ملتوية للكسب المادي من الدولة الكندية ، هذين الموقوفين من سماحتكم جعلني اقدم لسماحتكم كل تقدير واحترام .

سماحة الشيخ انت الأعلم بأن مسألة الطلاق من اصعب المشاكل الذي تعاني منها المسلمات والضحية دائماً الزوجة ، لأن لا أنصاف عند اكثر قضاتنا في هذه المسألة خاصة في لبنان ، واسمح لي بأن استعمل كلمة فساد في القضاء ، وكما طلبت منك آمل ان تكون واسع الصدر ، انا شخصيا لم اقدم في حياتي على الطلاق ولكن اسمع قصصا غريبة ولا تمت للشرع بصلة وإحداها كما رواها لي اخ عزيز بأن ابنته كانت تعذب وتضرب من زوجها ولديها تقارير طبية بذلك والقاضي يؤجل البت في القضية متعمداً إذلالها واهانتها لأنه على علاقة وطيدة مع الزوج لا بل احيانا كانا يسهران سويا.

أب هذه الزوجة مؤمن واعرفه تماماً ولما تبين له هذا اتصل يومها في سماحة الشيخ ....؟ هاتفيا وقال له انا ذاهب الى البطرك ....؟ لأطلب طلاق ابنتي عنده ، وبعد ان استمع الى القصة طلب منه الذهاب الى سماحة القاضي الشيخ .....؟ ، وقام الشيخ بالإتصال بسماحة القاضي، وبجلسة واحدة تم الطلاق بعد اطلاع سماحة القاضي على الملف .

لقد سقت هذا الموضوع كمقدمة للقضية العالقة ، وانا لا اريد الدخول مع سماحتكم في شرح الحقوق لأني مهما قدمت سأبقى صغيرا امام علومكم وفقهكم .

طبعا الطلاق اما ان يكون عدم التكافؤ او عدم القدرة على الإستمرار في الحياة الزوجية لأسباب عدة

خاصة اذا استمرت الإهانات من الزوج للزوجة ووقع الضرر عليها ، ( واذا طلقتم النساء .. الى ان

.. فأمسكوهن بمعروف او سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا .. ) .

سماحة الشيخ هناك خلاف بين زوجة وزوجها طلبت الزوجة الطلاق فرفض الزوج تقدمت الى المحكمة طالبة الطلاق وما زالت تعاني من سلطة القاضي .. الزوج قريب للأسف الى شيخ .....؟ الذي كنا نجله ونحترمه ، ذهبت أم الزوجة قاصدة الشيخ ....؟ تستنجد مساعدته لتفاجئ انه طلب منها مبلغا من المال ليتم الطلاق ، ماذا فعلت هذه الأم المفجوعة من القضاء ومن الشيخ . .. ؟ قالت له امام الأشخاص اللذين كانوا موجودين ، سأذهب الى برنامج للنشر واحكي كل شيئ على الهواء واذا احتاج الأمر سأعلن وعائلتي التخلي عن دين الإسلام ونعلن الإنتماء الى النصرانية وبذلك يتم الطلاق قسراً ويكون هذا في رقبة القضاء وذمته والقائمين عليه ، إلا ان البعض من تنظيم معين هدأ الأمر ليتدخل لحل المشكلة ، ولم تحل لتاريخه.

اذا أردتم سماحة الشيخ اسم الزوجة عندي ،وانا عرفت القصة اثناء سهرة عائلية ، وانا مقيم في الكويت وأخذت من الحضور عنوان الزوجة البريدي وتواصلت معها وأكدت لي ذلك .

سماحة الشيخ هل هذا يرضيكم ، ولماذا لا يتم اولا فسخ عقد الزواج وهو عقد كباقي العقود ومن بعد الفسخ يطالب المضرور بالتعويض عن الضرر الذي وقع عليه ، وعندها الزوجة تتخلص من الظلم الواقع عليها .

اسمح لي يا سماحة الشيخ بأن أقول لسماحتكم أينما وجد القاضي اللبناني توجد المشاكل ، ولدي قضية شائكة كانت ستقع جريمة لولا لطف الله ، وعندما عرض الموضوع على القضاء ازدادت تعقيداًعلماً بأن كل التقارير من الطب الشرعي لصالح الزوجة وان شاء الله سأرسل تفاصيلها لسماحتكم .

انتظرت طويلاً رد سماحته على الرسالة إلا انني لم استلم منه اي رد ، وأخيراً تم الطلاق بعد تدخل أشخاص لهم سلطة على الزوج .

انني أتقدم بجزيل الشكر الى حضرة الشيخ الذي أرسلت له الرسالة بالرغم من عدم رده وأهماله للرسالة وشكري هذا جاء نتيجة التأكيد على نظريتي بأن أفعال رجال الدين غير أقوالهم .

الشكر للسيد المهندس اسعد رشيدي المشرف على الخيام دوت كوم والشكر أيضاً للقراء ألذين تابعونا طيلة الوقت الذي استغرقه نشر الأجزاء.

* الحاج صبحي القاعوري - الكويت

الجزء الأول من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء الثاني من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء الثالث من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء الرابع من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء الخامس من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء السادس من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء السابع من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء الثامن من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء التاسع من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء العاشر من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء الحادي عشر من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

تعليقات: