بري في ذكرى تغييب الصدر: الإرهاب ليس مسألة أمنية بل وطنية

الرئيس بري يلقي كلمته امس في ذكرى الامام الصدر. (ح. أ.)
الرئيس بري يلقي كلمته امس في ذكرى الامام الصدر. (ح. أ.)


ولا خوف على لبنان وسيعود ليكون واحة الديموقراطية في الشرق وسيبقى حديقة الحرية

وجه رئيس مجلس النواب نبيه بري، كلمة الى اللبنانيين في الذكرى 36 لتغييب الإمام السيد موسى الصدر، في حضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان، عائلة الإمام الصدر، قيادة حركة أمل، رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ، نقيبي الصحافة والمحررين محمد بعلبكي والياس عون، المدير العام لوزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة، وحشد من رؤساء ومديري التحرير ومراسلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة.

وقال بري: "ها نحن كما في كل عام، نأتي الى مواسمك، الى قمح يديك، وعنب عينيك وحواكير تينك وزيتونك، والى مواسم شعبك العظيم المقيم والمغترب. انها حكايتنا معك يا سيدي، حكاية الحنين عن الزمان، حكايتنا التي ابتدأت مع الظلم والحرمان، مع الارهاب والعدوان، حكاية الغربة في الوطن والغربة من الوطن، حكاية التهميش وعدم الاكتراث، حكاية احتكار الضوء في شريط ساحلي ضيق، وحرمان الجنوب والبقاع وعكار والضنية واعالي كسروان وجبيل، وضواحي المدن وحكاية العدوان، حكاية الاجتياحات والمجازر المتنقلة من حانين، الى كفرشوبا وكونين وقانا ويارين وعيتا الشعب وسوق بنت جبيل والخيام".

أضاف "انها حكايتنا منذ عهود الاستعمار والانتداب والاستقلال ومعاناتنا يا وحدنا يا وحدنا. انها حكايات ادهم وصادق والمصري ورفاقهم، حكاية الاستقلال الذي قام على كتفنا، وحكاية الدولة التي قامت على حسابنا دون اي كشف حساب، ووقوعنا بين مطرقة العدوان وسندان الحرمان طيلة عهود، الى ان بدأت مسيرتك على طول الحدود تواسي الجراحات والعذابات بمواجهة ليل الارهاب الرسمي الاسرائيلي اليومي، مبشرا بالمقاومة لردع العدوان على حدود الوطن، والى ان بدأت مسارك مبشرا بالمقاومة على حدود المجتمع في سبيل تحقيق المشاركة والتعايش والحوار والوفاق ورفع الغبن".

وتابع "وكانت يا سيدي ولادة امل على يديك، هذه الحركة الوطنية الشريفة التي اخذت على عاتقها صون كرامة لبنان ورد العدوان الاسرائيلي، وكان شهداؤها محمد سعد وخليل جرادي وبلال فحص وحسن قصير واحمد قصير والشيخ راغب حرب، وكل شهدائها الذين عبروا عن نداء كل طفل وامرأة وكبير ان هبوا للدفاع عن لبنان ومنعوا العدو من ان يدنس ارض وطنهم. انها حكايتنا معك يا سيدي. بل انك انت أنت حكايتنا".

وأردف "لك نحن. لك شهقة فرحنا بأننا ننتمي الى لبنان الوطن النهائي، لك ما نغزله من غربة جذلى في احزاننا على الذين يقعون على الموت من على سرير الغيم ضحايا الطائرات، التي تقلهم من مواقع حرمانهم في الغربة، والذين يقعون صرعى الاغتيالات او الذين يرتفعون شهداء دفاعا عن الوطن وحدوده. لك احرف فلسطين التي تهدل كالحمام واوجاعها الكارثية المنتصرة في غزة، ولك بطولات الفلسطينيين المؤمنين الذين لن تتحرر القدس الا على ايديهم. ولك قلوبنا التي لا تبارحكم حتى في الحلم".

وتوجه إلى اللبنانيين "وبعد...فإنني ايها اللبنانيون، ايتها الاخوات والاخوة الامهات والاباء، أيها الإعلاميون الكرام: اقف على منبر الوفاء للامام الصدر كما دائما كمسؤول امامكم لا عنكم، لاقدم لكم اولا كشف الوقائع المرتبطة بقضية الامام ورفيقيه، ولنرتب معا اولوياتنا الوطنية والعربية:

اولا: في قضية الامام ورفيقيه:

1 - فقد تم تشكيل لجنة متابعة رسمية بقرار من مجلس الوزراء، وهي لم توفر جهدا في اي مكان وعلى اي صعيد، وقد انطلقت هذه اللجنة في عملها من ثوابت وقواعد اهمها:

أ - العمل لتحرير الامام ورفيقيه كي يعودوا الى ارض وطنهم وساحة جهادهم.

ب - ارسل سفير الى ليبيا ليكون بكل وضوح وخصوصا سفير قضية الامام.

ج - لا محل للتطبيع مع ليبيا قبل تعاون الجانب الليبي في هذه القضية وإنهائها.

د - مطالبة الاعلام بالمواكبة الدقيقة والمسؤولة مع كل الحرص على حريته، كما قال الامام: "الحرية لا تصان الا بالحرية"

ه - التأكيد ان هذه القضية لبنانية عربية اسلامية انسانية شريفة ومقدسة، ولذا فإن الوسائل المعتمدة في متابعتها هي دائما شرعية وقانونية، ولا محل هنا للمساومات والمآرب الخاصة، ولا للتورط في الصراعات والحسابات الفئوية، لا سيما ان الامام مفكر وحدوي وشخصية عالمية وقضيته قضية حق.

2 - لقد زارت اللجنة ليبيا مرارا بعد سقوط الطاغية حتى في احلك الظروف، كما زارت دولا اخرى عديدة حيث تمت مقابلة شخصيات تملك معلومات عن القضية. لقد كانت المتابعات تحصل ساعة بساعة بمواكبة مني شخصيا، وبتنسيق تام مع عائلة الامام الصدر، ولكن لا بد من لفت العناية الى اننا نتعامل غالبا من دولة الى دولة، لأننا رأينا في ذلك فائدة اكبر للقضية، كما ان الاستماع الى اشخاص مقيمين في تلك الدول، لا يتم الا وفق خيارات لا تتيح اجراء تحقيق بكل ما في الكلمة من معنى.

3 - اننا وبعد جهود مضنية على مدار عامين كاملين، اوفدت مع الوفد الرسمي موفدا خاصا الى رئيس مؤتمر العام الليبي، وتم توقيع مذكرة تفاهم اثر ذلك بين الدولتين اللبنانية والليبية بخصوص هذه القضية واهم ما تضمنته المذكرة:

أ - اعتراف الجانب الليبي رسميا، بحصول جريمة الخطف في ليبيا من قبل نظام معمر القذافي، وبالتالي الإدعاء بأنه سافر الى ايطاليا هو محص افتراء.

ب - الاقرار بحق المنسق القضائي اللبناني حضور التحقيقات وتقديم الاقتراحات والحصول على المعلومات والمستندات ذات الصلة.

ج - تعهد الجانب الليبي بفتح ابواب التعاون في هذه القضية بشكل اكثر جدية وفعالية، واتخاذ كل الاجراءات في التحقيقات والتفتيش عن اماكن احتجاز محتملة، وتسريع الخطى لأن عامل الوقت ثمين جدا في قضايا الاخفاء القسري".

وقال: "لكن وللاسف، فما ان تم توقيع المذكرة في الحادي عشر من اذار 2014، حتى انهارت الاوضاع في ليبيا، وهكذا كان لا بد من وضع خطة للبقاء على اهبة الاستعداد وترقب الامور واقتناص الفرص للمتابعة والعمل. كما اننا درسنا، ونطبق خططا بديلة، ولا يمكن لنا ان نقف مكتوفي الايدي حيال هذه القضية المقدسة لدى كل انسان حر".

أضاف "اما على الصعيد القضائي الوطني، فإن القضية لا تزال قيد النظر في شق منها امام المجلس العدلي، وهو اعلى محكمة في لبنان، ويتألف من خمسة من كبار القضاة المشهود لهم بالكفاءة والمناقبية برئاسة رئيس مجلس القضاء الاعلى. كما تم تقديم ادعاء شخصي بوجه مدعى عليهم جدد من كبار واهم اركان نظام معمر القذافي مع الادلة التي تدينهم امام المحقق العدلي، الذي عين مؤخرا بعد مرض ووفاة القاضي الشجاع المرحوم سميح الحاج".

وتابع "ويهمني لفت عناية جميع المعنيين، انه في قضية الاختطاف يتم التركيز على التحقيقات الجديدة امام المحقق العدلي، أما اثبات وفاة معمر القذافي فليس له اي فائدة او معنى، اللهم الا للسير في مطالب لا تليق بالقضية".

ونوه ب"عائلة الامام، التي حرصا منها على اضفاء الطابع السامي على القضية لم تطالب بتعويض الا بتعويض رمزي مقداره ليرة لبنانية واحدة، فأهل المخطوف عادة يطالبون الخاطف بتحريره اولا، دون الالتفات الى مطالب اخرى تحت حجة الضغط وما شابه ذلك".

ووجه التحية "للاعلام اللبناني، وللجمهورية الاسلامية الايرانية التي تتابع هذه القضية بذات الروحية التي تتابع فيها كل قضية وطنية واسلامية رائدة"، كما وجه التحية أيضا "لأخي الكبير سماحة الشيخ عبد الأمير قبلان والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الذي سيفتتح بعد أربعة أيام في الرابع من أيلول فرع الجامعة الإسلامية في كلياتها المتعددة في بعلبك باسم الإمام موسى الصدر، وكنا قد وضعنا حجر اساسها منذ أعوام"، مغتنما "الفرصة في هذا المجال لأوجه التحية والتقدير الى فريق وكلاء الادعاء الشخصي عن عائلة الامام، الذي يضم خيرة محامين من مختلف المشارب".

وأكد أنه "منذ ان حملنا الامانة وتولينا المسؤولية في قيادة حركة امل، ومن ثم رئاسة المجلس النيابي، لم نتوان عن متابعة هذه القضية بمختلف الوسائل السياسية والقضائية والدبلوماسية والاعلامية والامنية والدولية والاهلية، وكنا لا نترك مناسبة دون اثارة القضية في اي محفل، ولم ندخر وسيلة للضغط على معمر القذافي حتى لقي حتفه على يد شعبه المقهور. ومع ليبيا الثورة لم يكن لنا هم الا الامام وقضيته وما زلنا على العهد"، معاهدا "ربي اشهد اننا سنبقى كموج البحر لا يهدأ لنا بال ولن ننام ملء جفوننا حتى تحقيق هذا العهد".

ثانيا: على الصعيد الوطني:

قال: "إننا في حركة أمل نرى ان انجاز الاستحقاق الرئاسي سيبقى يحتل موقع الاولوية، لأن الدولة لا يمكن لها السير دون رأس، ولأن ثقة المواطن بالدولة وثقة العالم بلبنان ستبقى مهتزة اذا استمر العجز عن انجاز انتخابات الرئاسة. ونحن نرى كما رأى الامام الصدر في ايار عام 1976 ان فصلا" جديدا" من حياة الوطن والمواطن يبدأ مع انتخاب رئيس للجمهورية يمكنه ان يكون الخيط الابيض من فجر الامل وبداية النهاية من ليلتنا الظالمة المظلمة".

أضاف "ان اتمام انتخابات الرئاسة امر سيعبر عن قوة وحدتنا، ورسوخ نظامنا وسيفتح الباب لانجاز مختلف الاستحقاقات، التي تدق على الابواب، ومنها الانتخابات النيابية، مما يعيد الى لبنان بهاء نظامه البرلماني الديموقراطي، ويطلق عملية سياسية نحن احوج اليها لمواجهة استحقاقات وتهديدات الارهاب العابر للحدود والدول، وهي تهديدات طرقت ابوابنا وشعرنا بها طورا على شكل ازمة نازحين، وتارة على شكل معتقلين وتفجيرات واجتياحات كما حدث لعرسال، وجولات لحروب صغيرة كتلك التي شهدتها طرابلس وصيدا".

ورأى أنه "آن الاوان لكي نهب جميعا لتوحيد الصفوف ونضع حدا لكل صراع وشقاق، ونثبت اننا اقوى من الفتن، ونحفظ بلدنا انموذجا لتلاقي الحضارات، وصيغة العيش المشترك في هذه القرية الكونية، ونثبت امكانية حفظ التنوع في الوحدة، ونؤكد ان السير في مشروع المواطنة هو الذي يؤسس لاكثرية وطنية واحدة".

واعتبر ان "الوحدة الوطنية الآن، وفي كل آن تشكل ضرورة وطنية في سبيل مواجهة الارهاب كما كانت سلاحنا الامضى بمواجهة العدوان الاسرائيلي عام 2006. وان مواجهة الارهاب ليست مسألة امنية او عسكرية فقط، انها مسألة تفكيرية تثقيفية وطنية تحتاج الى تعبئة وطنية والى ثقافة وطنية راسخة، والى تحصين البيئة الوطنية بمواجهة فكر التكفير والتعصب. وان التصدي للارهاب التكفيري ليس مسؤولية السنة في لبنان، كما ان التصدي للعدوان الاسرائيلي ليس مسؤولية الشيعة، والتصدي لتهجير الاقليات ليست مسؤولية المسيحيين. ان التصدي للارهاب والعدوان والتهجير هو مسؤولية وطنية مشتركة تعبر عنه الدولة الواحدة، ومن الضرورة بمكان ان يكون مسؤولية عربية ودولية مشتركة".

وقال: "إنني هنا أوجه عناية الجميع إلى السكوت إلى حد الخرس الذي جرى عن تطور حركة الارهاب لتصبح تشكيلات منظمة وتجتاح أراضي بحجم دول، وتصل إلى حد تهديد جميع كيانات المنطقة وتتحول إلى تهديد عابر لكل الحدود وتصدر المخاوف منها الى كل العالم".

وبعدما سأل: "كيف؟"، أردف: "ان الصمت المريب والتأخر في اتخاذ القرار الدولي الأخير 2170 الذي قصد تجفيف بعض منابع الارهاب المادية والبشرية، لكن بخفر وبدون أسنان وكذلك عدم اتخاذ مواقف دولية حازمة هو السبب الذي ادى وسيؤدي الى حصول ما حصل من كوارث ومصائب.

ان الجيوش الاجنبية التي تنضم إلى عناوين الارهاب في غير موقع وبلد عربي، باتت تهدد الآن أمن غير بلد عربي منها لبنان وبلدان الخليج والأردن، وطبعا وأساسا سوريا وتستدعي ضبط حركة المسلحين والسلاح عبر المطارات والدول".

ورأى أن "المطلوب دوليا ليس مواجهة مجزأة للارهاب واتخاذ قرارات لدعم جغرافية اقاليم عرقية او طائفية او مذهبية أو حتى قومية. ان المطلوب قرارات بدعم سيادة الدول ووحدة اراضيها ومؤسساتها وشعوبها وتكويناتها لتأكيد انحياز العالم الى نظام المنطقة".

أما المطلوب وطنيا فهو "تأكيد الاستثمار على زيادة قوة الردع الوطنية التي تميز الجيش اللبناني، وزيادة عديده وتحديث عتاده وانجاز ايصال المعدات المطلوبة للجيش من فرنسا بموجب المكرمة السعودية الأولى، وتوظيف المكرمة الثانية وبالسرعة المطلوبة، والانتباه إلى ضرورة تنويع مصادر الأسلحة خصوصا وان دولا عديدة عرضت ولا تزال تعرض تقديم سلاح حديث للجيش".

أضاف: "إن ما يحدث في العراق أو سورية او اليمن او ليبيا او تونس وما يتهدد دائما الشقيقة الكبرى مصر، أمر يعني لبنان، لأن لبنان هو مرآة الشرق، وما يحدث في انحاء الامة انما يصيب مقتلا فيه، فكيف اذا كان الامر هو التعدي على المسيحيين واستباحة مدنهم وسلبهم وتهجيرهم كما حدث في العراق مؤخرا".

وشدد على "ان لبنان يجب ان يكون محامي التعايش الذي شكل عنوانا لهذا الشرق العربي العظيم، ويجب ان لا نألو جهدا في قرع الأجراس وتنبيه العالم إلى خطورة العدوان التكفيري على حق الحياة وحق السكن لمجموعات شكلت منذ فجر التاريخ جزءا هاما من تاريخ المنطقة".

تابع: "لقد سار مجلس النواب اللبناني منذ جلسته المنعقدة بتاريخ 19 آب، خطوات بإتجاه ادانة العدوان الارهابي الاسرائيلي على غزة والعدوان الارهابي التكفيري على الموصل ومنطقتها والمحاولة المستمرة لتفريغها من المسيحيين، وعقدت لجنة حقوق الانسان النيابية اجتماعا مع منظمات حقوق الانسان اللبنانية والفلسطينية واتخذت التوصيات المناسبة، كما قامت بمراسلة لجان حقوق الانسان في مختلف المنظمات الدولية والاسلامية والقارية والجهوية واللغوية".

واستطرد قائلا: "وأؤكد من على منبر الامام الصدر الذي في لحظة حرجة من لحظات الحرب الأهلية اللبنانية قد افتدى القاع ودير الأحمر بنفسه ومنع الاعتداء عليهما، اؤكد انحيازنا في حركة أمل إلى المقررات التي اتخذها أصحاب الغبطة بطاركة الكنائس الشرقية في اجتماعهم الذي انعقد في الديمان بتاريخ السابع من آب 2014 وبالأمس القريب في 27 آب في بكركي، ودعوتهم الى مكافحة آفة التطرف الديني والمذهبي، باعتبار التطرف داء يهدد منطقة الشرق بكل مكوناته، ونضم جهودنا إلى المساعي التي تدعو المسلمين والمسيحيين ومراجعهم جميعا لتجنيب منطقتنا هذه الويلات بنشر الوعي في العقول والضمائر حول خطر التطرف والتعصب، والدعوة الى التزام أصول الدين وجوهره بعيدا عن كل استغلال له من أجل مآرب شخصية وتحقيق مصالح اقليمية ودولية.

إننا في حركة أمل نؤكد على نهجنا الثابت الذي رسمه الامام القائد السيد موسى الصدر، في اعتبار ان الطائفية هي سياسة وليست دينا، والطوائف هي الدين".

وقال: "انني دائما، وكما الامام الصدر، استدعي ان تكون عيوننا مفتوحة بإتجاه الجنوب وان تتوحد على ان اسرائيل هي التي تمثل التهديد الوجودي للبنان، وان لبنان التعايش بالنسبة لها يمثل نقيضها العنصري وانه كان ولازال يمثل منافسها المصرفي والسياحي والتجاري في نظام المنطقة، وهي بهذه الصفات إضافة الى حروبها ضد لبنان تمثل الشر المطلق، وهو الأمر الذي يستدعي ان نتوحد على ان من كانت اسرائيل عدوه فهو عدو كاف، وان نأخذ بعين الاعتبار ان أي عدوان اسرائيلي سيضعف لبنان وليس فئة او جهة في لبنان".

وذكر بأنه "في الحوار عام 2006، اتفقنا على أشياء عديدة ولكن لم نتوصل الى استراتيجية دفاعية واحدة، لماذا؟ كلمة مختصرة: بسبب عدم الشعور الواحد آنذاك ازاء الخطر الإسرائيلي وكيفية التصدي له، هل بالديبلوماسية أم بالمقاومة؟ واليوم بعد ان اصبحت كل حدود الوطن مهددة جنوبا وبحرا من اسرائيل، وبقية الحدود من الارهاب التكفيري، أصبح الاتفاق على استراتيجية دفاعية وتعميم المقاومة إلى جانب الجيش في كل اتجاه، امرا وطنيا لازما بل ضرورة وطنية بديهية. ألا يكفي ما يحيط بنا لكي نتوحد؟ وهل نبقى موحدين ونحن نذهب إلى تقسيم المقسم؟".

وأردف: "وعلى الصعيد الوطني كذلك، لقد آن الاوان من أجل ضخ الحياة في مشروع الدولة والعبور فعليا إلى الدولة ورسم خريطة طريق إلى ذلك يلتزم خلالها الجميع بتنفيذ كامل لاتفاق الطائف بشقيه الدستوري والاصلاحي لا التلاعب استنسابيا بتنفيذه".

وشدد على "ان العبور الى الدولة يستدعي التزام الجميع بالدستور ووقف سياسة تعطيل مؤسسات الدولة لحساب او على حساب مؤسسة أخرى جرى فيها شغور او استقالة، لأن الواقع الراهن يعبر عن اننا وبدلا من سد العطل دستوريا نمارس التعطيل عضويا، "إذا واحد وجعو راسو منقطعلو ايديه ورجليه؟"، ولعل المثل البارز ما حصل بالنسبة الى سلسلة الرتب والرواتب.

إنني لا اريد شرح مسيرة هذه السلسلة منذ الحكومة السابقة إلى اليوم في مجلس النواب، والمباحثات التي جرت والتي لم تترك بابا الا وطرقته ولم تترك امرا إلا وبحثته، وقد توصلنا الى تفاهمات كثيرة بشأنها وانجزنا اقرار العديد من مواد قانونها بإنتظار استكمال اقرارها، الا ان الامر توقف عند فيتو لا نعرف أسبابه سوى اننا لمسنا انه بقصد تعطيل دور المجلس التشريعي كما في كل مرة ولأسباب ليست دستورية".

وتابع: "إنني في كل الحالات، وكما كنت على الدوام أؤكد لكم ثبات ورسوخ استقرار النظامين الأمني والنقدي رغم بعض الاهتزازات، وأقول للجميع رغم كل ذلك لا خوف على هذا البلد. لبنان أكبر من كل أمر يدبر في ليل. لبنان سيعود ليكون واحة الديموقراطية في هذا الشرق وسيبقى حديقة الحرية".

وقال: "حذرت وما زلت أحذر، من ان ما يوصف بالفوضى البناءة التي تضرب منطقتنا، ستؤدي الى تقسيم المقسم وجعل الكيانات الراهنة فيدراليات وكونفدراليات. ان المانع الرئيسي أمام قيام اسرائيليات جديدة وأمام تشكيل "الدولة الداعشية" ككيان أمر واقع هو انطلاق العملية السياسية بعد انجاز كل الاستحقاقات في العراق".

أضاف: "لقد انطلقت التجزئة أصلا من انقسام الموقف الفلسطيني ومن قيام سلطة في الضفة وسلطة في غزة، ورهاني اليوم هو على وحدة الموقف الفلسطيني الذي عاد بأبهى صوره خلال مواجهات غزة وخلال مفاوضات القاهرة. ان ضعف القوة التي اثبتها العدوان الاسرائيلي على غزة، يجب ان يؤدي بنا جميعا الى العودة الى مشروع فلسطين والى الاصطفاف خلف هذه القضية المركزية، والى تأكيد انحيازنا جميعا الى الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في تحرير أرضه وتقرير مصيره وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس".

ورأى ان "كبح الارهاب التكفيري كما العدوانية الاسرائيلية، يعتمد على وحدة الموقف والادوار في اطار برنامج عربي لمواجهة هذا الارهاب. لقد آن الاوان لاعتراف الجميع ان الحل السياسي هو السبيل لحل المسألة السورية واليمنية والليبية ومنع وقوع تونس ضحية العنف، وانه لا بد من عمل عربي موحد واستراتيجية عربية موحدة لمواجهة الارهاب، وان هذه المواجهة ليست أمنية وعسكرية فحسب، بل هي ثقافية وتستدعي دور المرجعيات الاسلامية لنشر مبادىء الدين الحنيف والتصدي لتشويه الدين".

وختم بالقول: "أخيرا لك الوعد والعهد يا سيدي الامام الصدر ورفيقيك فضيلة الشيخ محمد يعقوب والاعلامي عباس بدر الدين، ان نواصل مسيرتنا لتحريرك من الظلم وظلام النظام الذي تهاوى، وان نواصل الالتزام بخطك ونهجك وصولا إلى استقرار لبنان والدولة في لبنان وازدهار الانسان في لبنان.

عشتم، عاش الامام الصدر، عاش لبنان".

بري وقبلان ورباب الصدر في الذكرى 36 لتغييب الإمام (عباس سلمان)
بري وقبلان ورباب الصدر في الذكرى 36 لتغييب الإمام (عباس سلمان)


تعليقات: