دكتاتورية الرأي المستبد‎


لقد كتبت خاطرة في حسابي على الفيسبوك بتاريخ 12 يوليو تحت عنوان " ديموقراطية الفرد الواحد " وكان محتواها الإستبداد الأمريكي .

ضمني وبطريق الصدفة مع مجموعة أشخاص في دار صديق لي اجتماع مصغر ( يطلقون عليه صبحية ) اي دردشة وقت الصباح اثناء احتساء فنجان القهوة .

دارت احاديث شتى وكلها تقريباً تتناول الأوضاع العامة في مجتمعاتنا العربية ( اقتصادية ، سياسية ، اجتماعية ) الى ما تفرع عنها من معيشية ، غلاء المواد الغذائية وما يتشعب عنها وعدم إمكانية المواطن على الشراء ، ومن بطالة والى ما هنالك من أقساط مدارس الخ...

انبرى احد الحاضرين ومن المؤيدين جداً للديموقراطية - كما فهمت منه مما دار من احاديث - انبرى مدافعاً عن الطقم السياسي الفاسد والذي أوصل البلاد والعباد الى ما نحن عليه من وضع سيء ، وكل ما جرى من آراء ونظريات كنت صامتاً أسمع من هذا وانظر الى ذاك .

سألت المستميت دفاعاً ،والذي تبين انه حائز على الدكتوراة في علم الإجتماع : تكلمت كثيراً عن الديموقراطية ، هل تسمح بأن تشرح وجهة نظرك في الديموقراطية ، أجاب : بلهجة الإستهزاء وكأنه من وضع علوم الكون ، الجواب لا يجهله الطفل . قلت : نعم ، ولكني اريد الجواب منك وليس من الأطفال الذين قد لا يدركون مفهوم الكبار قال: الديموقراطية الأخذ برأي الأكثرية . قلت : واذا لم يقر الفريق الآخر بالأكثرية ماذا تسميه ؟ قال : استبداداً . قلت : نحن هنا 7 أشخاص رأي 4 منهم ضد رأيك ، واذا ما أضفت رأي فيصبح المجموع 5 ضد 2 انت والشخص الآخر ، ولماذا تصر على رأيك ، أليس هذا دكتاتورية مستبدة ؟ . ومخالف لما تنادي به وللمبدأ الذي تحمله ؟

لنفترض ان رأيك صواب ، ورأي الأكثرية خطأ وتحاول إلغاؤها بعدم الأعتراف برأيها ، الآ تسمع بالأخطاء الشائعة ؟ قال : بلى . قلت : إليك هذا الخطأ الشائع : مبروك عيدك او مبروك عليك الشهر وهذا اصبح متداولاً بين الجميع طبعا الصحيح ( مبارك ) .

واليك الخطأ الثاني : شار فلان على فلان والصحيح هو ( أشار فلان على فلان ) والخطأ الثالث : انشأ الله والصحيح ( إن شاء الله ) لأن إنشاء تعني الإنشاء والتأسيس والبنيان . وهناك كثير من الأخطأ الشائعة وأصبحت هي الأصح .

واذا كان رأي الأكثرية هو الخطأ في رأيك ولا يعتبر ديموقراطياً ، وإذا اعتبرناه من الأخطأ الشائعة فيكون هو الأصح ، وبالتالي عدم استجابتك لرأي الأكثرية تعتبر دكتاتوراً مستبداً برأيك وسوف تعزل نفسك عن مجتمعك ، او تتخلى عن المناداة بالديموقراطية اذا لا تريد التسليم بالنتائج .

أليست هذه مصيبتنا في من ينظرون ويقولون خلاف ما يعملون واذا لم تستجب لأرائهم فأنت دكتاتور في أفضل الأحوال عندهم ، اذا لم ينعتوك بالجهل وبالتخلف الى ما هنالك من نعوت ما انزل الله به من سلطان .

الحاج صبحي القاعوري - الكويت

تعليقات: