نصرالله ـ جنبلاط: غزة منتصرة و«داعش» خطر على الجميع

السيد نصرالله مستقبلا جنبلاط (العلاقات الاعلامية في «حزب الله»)
السيد نصرالله مستقبلا جنبلاط (العلاقات الاعلامية في «حزب الله»)


اللقاء الاول منذ أكثر من ثلاث سنوات

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الخامس والستين على التوالي.

ومع الدخول في إجازة عطلة عيد الفطر بدءاَ من اليوم وسفر عدد من المسؤولين الى الخارج، فإن «الشغور» سيتمدد، ليطال كل الدولة خلال الأيام القليلة المقبلة. وإذا كانت العطلة الرسمية تمتد حتى منتصف الأسبوع، فإن التعطيل على مستويي رئاسة الجمهورية والتشريع النيابي يبدو مستمراً حتى إشعار آخر في ظل تعذر التوافق حتى الآن على الرئيس المقبل، وما يستتبع ذلك من «عوارض جانبية» طالت المجلس النيابي الذي جمعته غزة لساعات قليلة أمس الاول، قبل أن ينفرط عقده من جديد.

لكن ما كسر هذه المراوحة، هو اللقاء الذي جرى ليل أمس الاول، بين الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله ورئيس «الحزب التقدّمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط على مدى ساعتين ونصف الساعة، في الضاحية الجنوبية، علماً بأن آخر اجتماع بينهما يعود الى كانون الثاني العام 2011 في مرحلة تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، مع الإشارة الى أن التواصل لم ينقطع على مدى الأعوام الثلاثة عبر قنوات مشتركة.

وقد فرضت المستجدات في غزة والعراق انعقاد هذا اللقاء، حيث كانت القراءة مشتركة للمخاطر المترتبة على العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وتهجير المسيحيين من الموصل، في حين أن الملف السوري الخلافي لم يحضر في الاجتماع الذي كان مسكونا بهاجس تطورات المنطقة، من دون إغفال البنود الداخلية الملحّة المتصلة بالوضع الحكومي والاستحقاق الرئاسي والعلاقة بين «حزب الله» و«الحزب التقدمي الاشتراكي».

وكانت ظاهرة «داعش» حاضرة على طاولة النقاش، لاسيما أن جنبلاط أبدى حرصاً على الاستفسار من نصرالله في شأن خلفيات هذا التنظيم، ونمط تفكيره وطبيعة تركيبته، وإستراتيجية تحرّكه.

والى ذلك، أعاد اللقاء ضخ الحرارة في عروق العلاقة الشخصية بين جنبلاط ونصرالله، بعد فترة من الانقطاع، وإن يكن التواصل بين الحزبين استمر بأشكال عدة.

وقال جنبلاط لـ«السفير»: أحببت لقاء السيد نصرالله للحديث عن غزّة لمعرفة تقييمه للموضوع، وخصوصا أن فلسطين هي الأساس الجامع للأمة العربية والإسلاميّة وخلصنا الى استنتاج مشترك يفيد بأنّ حركة «حماس» وغزّة سيكونان منتصرين.

وأجرى جنبلاط ونصرالله مراجعة تاريخية للحروب الإسرائيلية وكان اتفاق على أنّ ما يجري في غزّة اليوم يشبه الى حدّ بعيد اجتياح بيروت العام 1982.

أضاف جنبلاط: توصّلنا مع السيد نصرالله الى قناعة مشتركة تفيد بأنّ منطق إسرائيل هو منطق القوة والاستكبار والقتل وهو منطق لا يستطيع أن يصل الى تطويع الشعوب، والأمثلة ليست قليلة، من حصار بيروت العام 1982 ومجزرة صبرا وشاتيلا الى مجزرة قانا العام 1996 الى سائر الحروب اللاحقة».

وتطرق البحث أيضا الى الخطر الدّاهم المتمثّل بـ«الظاهرة الداعشية» وفق تعبير جنبلاط الذي قال: عندما نرى تهجير المسيحيين من الموصل، بالإضافة الى احراق الأضرحة ومنها ضريح النبي يونس، نتذكر هجوم المغول واحراقهم لبغداد، و«داعش» هي خطر على الجميع ويجب التنبّه اليها في لبنان.

ورفض جنبلاط التطرق الى «الجزئيّات الداخلية»، مكتفيا بالاشارة الى أن الحديث تطرق الى ضرورة «تنشيط العمل الحكومي».

وردّاً على سؤال عما إذا كان قد طلب من السيد نصرالله وقف دعم الجنرال عون في الاستحقاق الرئاسي، أجاب جنبلاط: لم أطلب شيئا في هذا الخصوص.

وعن تطرقهما الى الأوضاع الأمنية، في ظل حضور مسؤول الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا، قال جنبلاط: وفيق صفا ليس ضابط اتصال أمنياً بل هو صلة وصل سياسية، ونحن نلتقي دوما بحضوره.

وأكدت مصادر مطلعة في حزب الله لـ«السفير» أن مناخاً من الود المتبادل ساد اللقاء بين السيد نصرالله والنائب جنبلاط، موضحة ان وجهات النظر كانت متفقة حيال تحديد مخاطر الوضع في غزة والعراق، وكيفية مواجهتها، وضرورة التصدي للارهاب في الداخل، وتفعيل العمل الحكومي، وانتخاب رئيس للجمهورية سريعاً.

وأفاد بيان مشترك صادر عن العلاقات الإعلامية في «حزب الله» ومفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، أن البحث تناول ما يجري في غزة من جرائم صهيونية بحق الشعب الفلسطيني، حيث أكد الطرفان أن فلسطين تبقى القضية المركزية وهي تعلو فوق كل الخلافات السياسية، وكان نقاش كذلك حول ما يجري في العراق وبالتحديد ما تشهده منطقة الموصل من تهجير للمسيحيين وقتل لهم وللمسلمين على أيدي التكفيريين، الأمر الذي كان موضع استنكار الطرفين.

وبحث الطرفان أيضا في موضوع العمل الحكومي وأهمية تفعيله وتنشيطه، وشددا على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. كما تم التباحث في الوضع الأمني في لبنان، حيث جرى التوافق على ضرورة الحفاظ على التماسك الداخلي وتعزيز الإجراءات المتخذة.

ظريف ـ نصرالله

الى ذلك تلقى السيد نصرالله اتصالا من وزير الخارجية الإيراني الدكتور محمد جواد ظريف، ناقشا خلاله آخر المستجدات في غزة، وأشكال الدعم المطلوب، لوقف العدوان عليها ورفع الحصار عنها.

وأفادت وكالة الانباء الإيرانية «مهر» ان ظريف ونصرالله اكدا ضرورة رفع الحصار عن القطاع. كما أعرب الجانبان عن قلقهما من الفتنة الطائفية في المنطقة ومحاولة زرع الفرقة بهدف إضعاف العالم الاسلامي وأكدا ضرورة توخي اليقظة والحذر وتضامن الشعوب المسلمة لإحباط هذه الفتنة.

وشدد ظريف على ان الجمهورية الاسلامية الايرانية تدعم المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، وتعتبر يقظة العالم الاسلامي أمراً ضروريا لتحقيق هذه المطالب.

وأكد نصرالله ضرورة دعم التضامن والوحدة بين الفصائل الفلسطينية والتمسك بروح المقاومة والصمود. وأشاد بالمواقف المبدئية والديبلوماسية والتحرك السياسي الفاعل لإيران لدعم الشعب الفلسطيني، ودعا الى الاستفادة من الطاقات الإقليمية والدولية المؤثّرة لدفع الكيان الصهيوني الى وقف جرائمه ومنعه من مواصلة ممارساته التي تنتهك الحقوق الدولية.

كما التقى نصرالله نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان الذي زار أيضا الرئيس نبيه بري والرئيس تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل.

وأبلغت مصادر واسعة الاطلاع «السفير» أن عبد اللهيان أكد إطمئنانه الى جهوزية المقاومة الفلسطينية في غزة، كاشفاً عن أن المقاومة لم تستخدم حتى الآن سوى ما يعادل 5 بالمئة من قدراتها الصاروخية، وأنها لا تزال تخبّئ في جعبتها الكثير من المفاجآت النوعية للعدو الاسرائيلي في حال أصرّ على مواصلة عدوانه.

وفي ما خصّ الموقف في العراق، شدّد عبد اللهيان على وجوب استكمال العملية السياسية ومواجهة الإرهاب.

تعليقات: