راشيا: ثياب نازحين.. من النفايات

تبحث في النفايات عما يصلح لبسه لأولادها (شوقي الحاج)
تبحث في النفايات عما يصلح لبسه لأولادها (شوقي الحاج)


لم تأبه أم محمد لنظرات الفضوليين الذين راحوا يراقبون حركاتها وتصرفاتها وهي منشغلة بالبحث داخل حاوية للنفايات عن بقايا ثياب لها ولأولادها الخمسة الذين تراوح أعمارهم بين السنتين والثلاثة عشر عاماً. ولم تهتم أيضا بالتقاط الصور وهي تنتقي ما يناسب زوجها وأطفالها من الثياب. لكنّها تجاوبت من دون تردد، وإلى جانبها طفلها أحمد الذي يرافقها في جولاتها المكوكية اليومية على بلدات البقاع الغربي وراشيا، كي يكون السند لها والمعين في لملمة ما تجمعه من أسمال عتيقة وبقايا مكونات يحتاج اليها المنزل. وهي تشرح يوميات الذل التي تواجهها العائلات السورية النازحة من ديارها قسراً.

ووصفت أم محمد تجمعات النزوح السوري بتجمعات الموت السريري الذي لن يفلت من عقابه أحد بسبب موجات القهر والعذاب وانتشار الأوبئة القاتلة والأمراض الخطيرة وسوء التغذية وانعدام السلامة العامة.

وأعربت أم محمد عن امتعاضها الشديد من القرارات العشوائية التي تتخذها هيئة الأمم المتحدة الإنمائية لإغاثة النازحين السوريين باستبعاد آلاف العائلات السورية النازحة من برامج المساعدات التي تقدمها للنازحين، وترك هذه العائلات محتاجة تواجه المهانة والذل في الحصول على لقمة العيش حيث تهيم على وجهها بين القرى والدساكر وعلى أطراف الشوارع للبحث بين المكبات وفي حاويات القمامة وبين المرميات المنزلية عن مصادر غذائية لسد الجوع أو عن سراويل وأسمال لستر عري كثيرين من أفراد الأسر النازحة.

ام محمد قالت إنّ زوجها لم يتمكن من الحصول على فرصة عمل تناسب وضعه الصحي باعتباره غير قادر على القيام بأعمال متعبة ومشقة.

أم محمد التي تآكل صوتها وانتابته غصّات متلاحقة بفعل إصابتها بمرض الربو المزمن، لفتت إلى أنها تجول بين المستوصفات لعلّها تحظى بالأدوية التي يصفها لها الطبيب الذي يرأف بحالتها، ويجري لها من حين إلى آخر فحوصاً طبية عندما تسوء حالتها الصحية من دون أن يتقاضى أجراً عن ذلك.

وتؤكد أن عادة التسول باتت مهنة يمارسها أطفالها لأننا لا نملك أي قدرات مادية تقينا شر الحاجة والعوز، كما أن أبواب فرص العمل موصدة بوجهنا حيث ان أعداد العمال فاضت عن حاجة السوق.

أم محمد تسعى إلى توجيه أفراد عائلتها للعمل في الزراعة أو في مجالات أخرى إلا انهم لا يتقبلون الفكرة كثيراً.

وتشير إلى نهب المساعدات التي توزع استنسابياً باختيار المستفيدين، وكأن الإنسان المستضعف بنظر هؤلاء لا يستحق أن يساوى بالآخرين.

تعليقات: