نهاية إمارة القلمون

دبابات الجيش السوري لعبت دوراً أساسياً في تدمير دفاعات المسلحين (أ ف ب)
دبابات الجيش السوري لعبت دوراً أساسياً في تدمير دفاعات المسلحين (أ ف ب)


نهاية «دويلة القلمون»



حرب القلمون انتهت. لم تُحسَم كل معاركها بعد، لكن تحرير الجيش السوري وحزب الله لمدينة يبرود امس وجّه ضربة قاضية لمشروع «دويلة القلمون». في الجغرافيا، القلمون هي صلة الوصل بين حمص ودمشق. وهي البوابة الكبرى لسوريا على لبنان. وهي الجبال المنفتحة على بادية لا حدود لها: نحو حماه وحلب والرقة ودير الزور شمالاً، والعراق شرقاً، وكل ريف دمشق جنوباً.

كان مشروع المعارضة السيطرة على جبال القلمون، بشقيها: شرقي طريق دمشق ــ حمص (من شمالي الضمَيْر في ريف دمشق، إلى جنوبي «القريتين» في ريف حمص)، وغربيها (من شمالي الزبداني في ريف دمشق إلى جنوبي القصير في ريف حمص)، وإقامة «دويلة» على شكل شريط عرْضي يمتد من لبنان إلى العراق، يقسم سوريا إلى جزئين: دمشق وجنوبها من جهة، وحمص وشمالها وغربها. كانت سوريا ستسقط، عملياً، بيد المعارضة بلا كثير عناء. أمام ما كان يُرسَم للقلمون، كانت ستغدو تفاصيل صغيرة العمليات التي حُكي عنها سابقاً، مثل فصل دمشق عن حمص، وتالياً، قطع الطريق بين العاصمة والساحل.

في مواجهة ما حاكته المعارضة، صمد الجيش والقوى الرديفة له في غوطة دمشق، ثم أتت معركة الفصل في القصير. بدأ مشروع «دويلة القلمون» يترنح، إلى أن أسقطته معركة يبرود امس بالضربة القاضية. وسيؤدي سقوطه، بحسب مسؤولين ميدانيين، إلى «ارتدادات إيجابية» في كامل منطقتي حمص ودمشق خلال الأشهر المقبلة.

ليبرود والقلمون وجه آخر: الوجه اللبناني. أول سلاح ريف دمشق ومسلحوه مرّوا من لبنان عبر القلمون. وأول سلاح حمص ومسلحوها عبروا القصير وتلكلخ بعد البقاع ووادي خالد. لكن التسليح ليس سوى جزء بسيط من القصة. فنجاح مشروع «الدويلة» كان سيحتّم على اللبنانيين «التعايش» مع إمارة تمتد من حدود عكار شمالاً، إلى حدود مزارع شبعا جنوباً. إمارة لجبهة النصرة، أقوى الفصائل القلمونية. جبهة لا منافس لها إلا «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروفة بـ«داعش»، او «الجبهة الإسلامية» التي لم تترك مجالاً طائفياً كان او سلوكياً للمزايدة على «النصرة» إلا واستغلته أبشع استغلال.

هذه الإمارة صدّرت إلى لبنان طلائع ما تنتجه: السيارات المفخخة. الغالبية العظمى من هذه السيارات خرجت من يبرود. كائناً من كانت الجهة التي تقف خلفها: «النصرة»، او «داعش» او «كتائب عبد الله عزام». لكن هل تعني نهاية معركة يبرود ان السيارات المفخخة لن تنفجر في لبنان؟ لا شك، بحسب أمنيين لبنانيين، ان معركة يبرود وتفكيك عدد من الشبكات الإرهابية في لبنان والاجراءات الامنية في الجرود الشرقية لمنطقتي بعلبك والهرمل، كلها عوامل ساهمت في إضعاف قدرة المجموعات الإرهابية على تنفيذ عمليات في لبنان. لكن عملية النبي عثمان أمس اكّدت أن الخطر لم يزُل، ولن يزول قريباً. صحيح ان الحرب حُسِمَت في القلمون، لكن المعارك لا تزال مستمرة. رنكوس وعسال الورد وفليطا ورأس المعرة ورأس العين كلها بلدات قلمونية ستشهد معارك او تسويات في الفترة المقبلة. ويتوقع معنيون ان يكون القتال في رنكوس هو الأشرس. ويتوقعون أيضاً أن تؤدي هذه المعارك إلى إضعاف المجموعات المعارضة أكثر وأكثر. فمنطقتها الآمنة التي اتخذت منها منطلقاً لعملياتها التفجيرية في لبنان ستتضاءل وتضمحل. وسيفرض ذلك على المجموعات الإرهابية إيجاد مناطق لها داخل لبنان لتفخيخ السيارات، ما سيُغيّر طبيعة المعركة بينها وبين الأجهزة الامنية اللبنانية.

وقع ما جرى في يبرود امس كان قاسياً على المعارضة. صمت شبه تام ساد منابر المعارضة وداعميها. وحده الناطق باسم «جبهة النصرة» في القلمون «عبد الله عزام الشامي» صرّح ملقياً باللائمة على «الخونة»، وعلى القوة النارية للجيش السوري، والقدرات القتالية لحزب الله. مصدر معارض قال لـ «الاخبار» إن معارضي الخارج عقدوا اجتماعاً في اسطنبول أمس، للتباحث في نتائج معركة يبرود. كان اللقاء عاصفاً، بحسب المصدر، والنقد الذاتي كان قاسياً. تم التركيز على تشتت المقاتلين، وعلى عدم وضوح الرؤية العسكرية لدى «القيادة السياسية» للمعارضة التي أسهمت في إرباك المقاتلين.

ما يمكن استخلاصه من أحاديث المعارضين هو اقتناعهم بأن أسوار دمشق تعلو امامهم أكثر فأكثر.

---------------- -----------------

ليلة سقوط يبرود: هكذا انهارت الدفاعات



رضوان مرتضى

لم تكد معركة يبرود تبدأ حتى انتهت. لم تستغرق عاصمة القلمون سوى الساعات القليلة الفاصلة بين ظهر الجمعة وفجر الأحد، انهار خلالها معقل مسلّحي المعارضة أسرع مما كان متوقّعاً. اختراق مقاتلي الجيش السوري وحزب الله خط الدفاع الأول للمسلّحين ضعضع الصفوف. ومن هنا، سُجّلت بداية الانهيار التدريجي. كيف انهار معقل مسلّحي المعارضة السورية في جبال القلمون بعد شهور من التحصين؟ كيف شُلّت فعالية مئات صواريخ الكورنيت والكونكورس التي غنمها مقاتلو «جبهة النصرة» من مستودعات الجيش السوري؟ وأين اختفى آلاف المسلّحين الذين يتوزّعون في قرى القلمون متوعّدين بمواجهة حامية مع الجيش السوري ومقاتلي حزب الله؟

«خيانة الحر» وبداية الانهيار

قرابة الثالثة من بعد ظهر الجمعة، ومن دون سابق إنذار، ضجّت أوساط مسلّحي المعارضة بخبر مفاجئ: «دخل مقاتلو الحزب إلى يبرود». وقعُ الخبر أحدث دوياً، ترافق مع انتشار شائعة تفيد عن «خيانة» كتيبة في «الجيش الحر»، انسحبت من نقطة تمركزها لناحية المستشفى الوطني في يبرود، أي الجهة التي وقع منها الاختراق. تزامن ذلك مع مقتل المتحدث باسم «جبهة النصرة» في القلمون «أبو عزام الكويتي» مع أربعة قياديين في «النصرة» في منطقة بعيدة عن جبهات المواجهة مع الجيش السوري. وقد ترافق ذلك مع انتشار خبر يُفيد بأن «قياديين في إحدى كتائب الجيش الحر «عواينية للنظام» وهم من قتلوا القياديين الخمسة في النصرة».

تزامن ذلك أيضاً مع ترك أعداد كبيرة من المسلّحين مواقعهم في يبرود والانسحاب باتجاه رنكوس، أبرزهم تنظيما «جيش الإسلام» و«لواء القادسية». وعزّز قرار هؤلاء انتشار اقتناع باستحالة الصمود في «حرب شوارع في مواجهة حزب الله». إذ كانت خطة مسلّحي المعارضة تقضي بضرورة الحفاظ على مسافة خط دفاع ناري يمتد كيلومترين أو ثلاثة، يُتيح استهداف مشاة الحزب والجيش والسوري ومدرعاتهم بصواريخ الكونكورس أثناء محاولتهم التقدم. وبالتالي، يحول دون تقدمهم إلى المدينة وحصول اشتباك مباشر، إلا في حالات محدودة على تخومها. ورغم وصف المسلّحين أنفسهم بأنهم «أشرس» من مقاتلي الحزب في الاشتباك المباشر، إلا أنّهم برروا عدم إمكانية الصمود في وجههم بسبب امتلاك الحزب «صاروخ بركان» الذي يُستخدم في المواجهات القريبة المباشرة والقادر على تدمير مباني بأكملها يُلغي احتمالات التحصّن لخوض أي حرب شوارع. كل ذلك، كان يجري على إيقاع تداول نشطاء إعلاميين في صفوف المعارضة أخباراً تفيد عن انهيار جبهة يبرود. الانهيار المعنوي للمجموعات المتحصّنة في المدينة وقع قبل الانهيار الميداني.

المسلحون ١٠ آلاف أما المقاتلون فلا يتعدّون ٥٠٠

إزاء ذلك، بدأت الانسحابات باتجاه رنكوس وفليطا. ورغم الحديث عن وجود عدة آلاف من المسلّحين يتحصّنون في المدينة ومحيطها، لم يثبت في المواجهة سوى عدة مئات ينتمون إلى «جبهة النصرة» و«الكتيبة الخضراء» وفصيل إسلامي ثالث. ومن هنا، جاء قول أحد القياديين الميدانيين لدى سؤاله عن أعداد المسلّحين المتحصّنين في القلمون: «تسأل عن المسلّحين أم المقاتلين؟ الذين يحملون السلاح يفوقون العشرة آلاف، أما المقاتلون فلا يتعدّون الخمسمئة». وفي هذا السياق، أكّدت المصادر الجهادية لـ«الأخبار» أن القتلى الذين سقطوا إسلاميون بمعظمهم، مشيرة إلى أن بعض الفصائل التابعة لـ«الجيش الحرّ» فرّت من ساحة المعركة قبل بدء الالتحام المباشر حتى. وقد تداول هؤلاء روايات عن «بطولات فردية». وتحدّثت المصادر عن مجموعات تابعة لـ«النصرة» استمرّت في القتال حتى الموت.

ممرات سرية للدبابات وتسلل

في المقابل، كشفت معلومات لـ«الأخبار» عن خطّة محكمة نُفّذت بالتعاون بين الجيش السوري ومقاتلي حزب الله عطّلت نقاط قوة المسلّحين المتحصّنين في يبرود. وتكشف المصادر أن الهجوم الأوّل انطلق من محور مزارع ريما باتجاه المدخل الشرقي ليبرود، نجح في تدمير نقاط الإسناد لدى المسلحين.

وقد عزز نجاح هذا التقدّم عنصر المباغتة، باعتبار أنّ مسلّحي المعارضة كانوا يتوقّعون الهجوم عليهم من ناحية جبهة السحل ـــ فليطا، لكن تقديراتهم لم تصب، وجرى الالتفاف والتقدّم من ناحية تلة العقبة في اتجاه النادي الرياضي والمشفى الميداني. وتشير المعلومات إلى أنّ دبابات الجيش السوري لعبت دوراً أساسياً في تدمير دفاعات المسلحين، كاشفة أنّ عملية الهجوم جرت على الشكل الآتي: تسللت مجموعات كوماندوس صغيرة (من ٤ إلى ٧ عناصر) مزوّدة بقنّاصات ومناظير ليلية إلى التلال المشرفة على يبرود. مهمة هؤلاء كانت تعطيل فرق الإسناد في معسكر المسلّحين. وكانت الخطة تقتضي تسلّل الدبابات ليلاً لتفادي استهدافها بصواريخ الكورنيت والكونكورس، والوصول إلى التلال لتدمير النقاط الإسنادية في المدينة. وللتغطية على هذه العملية، شُغل المسلّحون بكثافة نارية مرعبة.

تحويل التلال إلى قواعد نار

في تلك الأثناء، تولّت الجرافات فتح ممرات وإنشاء سواتر لمرور الدبابات إلى هدفها. وبغطاء من قوات النخبة التي تمكنت من فتح اشتباكات على تخوم المدينة، تمكنت الدبابات من الوصول إلى مداخل يبرود. كما فُتحت ممرات إلى كل من تلة الكويتي وتلة القطري وتلة مار مارون المشرفة على يبرود، ثم استُخدمت نيران كثيفة لإنهاك المدافعين. وإلى الإسناد المدفعي، أُمطرت مناطق انتشار المقاتلين المعارضين بعشرات البراميل المتفجّرة التي ترميها الطائرات. وساعد في ذلك، غياب التنظيم والاحترافية لدى المسلّحين. وبحسب مصدر ميداني، اعتمد المعارضون على خط دفاع رديف من دون الاستناد إلى خط دفاع في العمق.

الملجأ بين رنكوس وفليطا وعرسال

على وقع الاشتباكات الجارية، توالى انسحاب مئات المسلّحين من يبرود. تكشف المعلومات أن ساعات فجر الأحد الأولى سجّلت الانهيار الكبير في صفوف المسلّحين، لكن ذلك لم يعن انتهاء الاشتباكات. فقد استمرت مواجهات متفرقة في بعض أحياء المدينة. أما عملية الانسحاب فجرت في اتجاهات متفرّقة. إذ انسحب قسم كبير من المسلّحين باتجاه قريتي رأس العين ورنكوس، علماً بأن الأولى تضم مقرّ «النصرة» في القلمون. كما انسحبت مجموعات أخرى باتجاه بلدتي فليطا ورأس المعرّة السوريتين القريبتين من بلدة عرسال اللبنانية. وقد أكمل مسلّحون آخرون مسيرهم حيث تمكنوا من دخول الأراضي اللبنانية. ونقل هؤلاء معهم أعداداً كبيرة من الجرحى.

أما في ما يتعلّق بأعداد القتلى الذين سقطوا خلال المواجهات، فلم تُسجّل أرقام محدّدة. وكشفت المصادر أن أعداد المقاتلين المنتمين إلى حزب الله الذين سقطوا لا يتجاوز الأربعين منذ بدء معركة القلمون منذ نحو شهر. أما من جهة مسلّحي المعارضة، فقد تفاوتت المصادر في ترجيح أعدادهم. وفيما تحدث أحدها عن سقوط ٤٠٠ قتيل، رفعت مصادر أخرى الرقم إلى ٦٠٠ منذ بدء المعركة.

--------------------- -------------------

ردّ «النصرة» على هزيمة يبرود: تفجير انتحاري في النبي عثمان



تفجير إرهابي آخر ضرب البقاع، أمس، بواسطة سيارة مفخخة فجرها انتحاري في بلدة النبي عثمان، فيما كان متوجهاً إلى مكان آخر لتنفيذ عمليته، ما حدّ من حجم الإصابات التي استقرت على شهيدين و14 جريحاً

رامح حمية

ساعات قليلة فصلت بين تشييع الشهيد عباس سيف الدين في بلدة النبي عثمان، والتفجير الانتحاري في ساحتها. الانفجار سمعت أصداؤه في أنحاء البقاع الشمالي، وصولاً الى القاع والهرمل. وفي التفاصيل أن سيارة من نوع «غراند شيروكي» رباعية الدفع، يقودها انتحاري، أقدم على تفجير نفسه لدى الاشتباه به واعتراضه من قبل إحدى دوريات الحماية، الأمر الذي يؤكد فرضية أن السيارة لم يكن هدفها المكان الذي فجرت فيه، وأنها كانت متوجهة إلى مكان آخر للتفجير.

فالمعلومات الأمنية الأولية تشير إلى أن الانتحاري سلك طريقاً «لم يحدد بعد»، لكن يرجح أنه أحد الطرقات بين بلدتي الفاكهة ورأس بعلبك باتجاه العين، فالنبي عثمان، وخصوصاً أنها لم تتجه صوب الهرمل. وبحسب شهود عيان، فان إحدى السيارات كان قد ثقب أحد إطاراتها على الطريق الدولية، الأمر الذي لفت انتباه عدد من الأهالي، ما دفع بإحدى دوريات الحماية في حزب الله إلى اعتراض سائقها بقصد سؤاله، لكنه سرعان ما أقدم على تفجير نفسه، ما أدى إلى استشهاد كل من عبد الرحمن القاضي وخليل محمود خليل، في حين نقل 14 جريحاً إلى مستشفيي دار الحكمة والبتول، حال أربعة منهم خطيرة جداً بحسب مصادر طبية.

وأفادت المعلومات بأن لوحة السيارة تحمل الرقم 266963/و، ورجحت مصادر أمنية أن رقم محركها هو «807MX21» وأن زنة العبوة تقريباً حوالى 120 كلغ بالنظر إلى قوة الانفجار التي أدت الى تطاير قطع السيارة المفخخة إلى أكثر من مئة متر، مع إحداث حفرة عمقها 70 سنتيمراً بقطر يتجاوز ثلاثة أمتار، فضلاً عن الدمار الذي لحق بالمباني والسيارات.

وأعلنت «جبهة النصرة في لبنان»، عبر «تويتر» مسؤوليتها عن التفجير، بعدما كان ما يسمى «لواء أحرار السنة في بعلبك»، تبنّاه أولاً. وذكرت «النصرة» أن العملية «رد سريع على تبجّح وتشدّق حزب إيران من اغتصابهم مدينة يبرود بعمليّة استشهاديّة مباركة على منطقة النبي عثمان إحدى أوكار هذا الحزب».

وأثار الانفجار ردود فعل شاجبة، وأعلن رئيس بلدية اللبوة رامز أمهز إعادة قطع الطريق بين اللبوة وعرسال، «في انتظار رد الفعل والإجراءات التي ستتخذ في ما خص الوضع الأمني». وقال: «طلبنا من أهل عرسال التعاون مع الدولة التي هي قادرة على ضبط كل شيء»، قائلاً: «إما أن تأخذ الدولة حق المواطنين أو سنذهب إلى شريعة الغاب». وأضاف: «سنخرج عرسال من هذه البؤرة السامة».

ولفت وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى أن «السيارة المفخخة التي انفجرت في النبي عثمان كانت قادمة من الأراضي السورية باتجاه عرسال إلى مكان آخر لم تصله بفعل اشتباه عناصر من حزب الله بها». وأشار إلى أننا «سنتصرف في هذه الحكومة بكل مسؤولية وبتضامن مع كل القوى السياسية لمعالجة مربع الموت، الذي يضم مناطق محددة من بريتال، وسنقوم بكل جهدنا لمنع أي ضرر يلحق باللبنانيين نتيجة مثل هذه الأعمال». وقال تعليقاً على التفجير: «ليست مهمتنا التعاون مع أجهزة أمنية خاصة، فنحن نقوم بواجباتنا، والأجهزة الأمنية على أعلى درجات التنسيق وتقوم بواجباتها»، مشدداً على أن «هذه الحكومة بتحالفاتها وطبيعتها وبيانها الوزاري ستفعل الكثير».

وكشف عن اجتماع أمني موسع سيعقد خلال الساعات الـ 24 المقبلة. وقال: «نحن مسؤولون عن اللاجئين السوريين المدنيين ولن نسمح بأي لجوء عسكري».

من جهته، أكد وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر في حديث تلفزيوني أن «الحكومة عليها أن تطلق يد الجيش اللبناني من دون أي تحفظ وفي أي مكان»، مشيراً الى أن «الشعب اللبناني يجب أن يكون على مستوى هذا الخطر وأن نكون في جبهة واحدة ضد الإرهاب».

وأشار عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي المقداد إلى «أننا إذا لم نحارب الإرهاب جميعاً فهو قد يطال كل لبنان». وقال: «ما جرى في النبي عثمان أسقط جرحى، ولكن العناية الإلهية أنقذت لبنان مرة أخرى لأن السيارة التي انفجرت كانت متوجهة إلى منطقة أخرى».

واستنكر مفتي بعلبك الشيخ بكر الرفاعي التفجير، متمنياً أن «تتوقف الأمور عند هذا الحد»، واعتبر أنه «لا بد من الحوار بين كل القوى السياسية، فالحوار يجنب لبنان تداعيات الأزمة السورية». وأشار إلى أن «أي أمر يقع لا ينبغي أن يحمّل لبلد معين أو لمجموعة من الناس، بل على الأفراد تحمّل مسؤولية أفعالهم».

حكومياً، حدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري يومي الأربعاء والخميس المقبلين موعداً لانعقاد المجلس النيابي في جلستين صباحية ومسائية لمناقشة البيان الوزاري والتصويت على الثقة بالحكومة على أساسه.

وتعليقاً على مضمون البيان الوزاري لجهة بند المقاومة، اعتبر الرئيس سعد الحريري أن «معادلة الجيش والشعب والمقاومة انتهت، سواء كانت خشبية أو ذهبية، ولم يعد هناك أي مجال للشك بأن سلاح المقاومة أو سواه هو قضية خلافية ستبقى برسم الحوار الوطني والرئيس الجديد».

من جهته، أكد وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور أن «التسوية السياسية التي لاحت في الأفق، والتي بدأت تباشيرها مع إخراج البيان الوزاري من عنق الزجاجة، يريدها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أن تكون مقدمة لتسوية أكبر في البلد».

وقال في احتفال للحزب التقدمي الاشتراكي في الشويفات، لمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين لاغتيال كمال جنبلاط :«بعدما وصلنا الى ما وصلنا إليه، ألا يحق لنا أن نسأل باسم وليد جنبلاط: هل أدركتم اليوم أن وليد جنبلاط لا يبحث عن دور ولا يبحث عن أن يكون كما يقول البعض بيضة القبان؟».

من ناحيته، رأى عضو كتلة الوفاء المقاومة النائب علي فياض في احتفال في ميس الجبل، أن الاتفاق الذي حصل في شأن البيان الوزاري «يتناسب تماماً مع أدبيات المقاومة ودورها ورؤيتها لدور الدولة».

وفي مجال آخر، رد فياض على خطاب وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق في مؤتمر وزراء الداخلية العرب في مراكش، وأكد أنه «لم يحصل من قبل أن بلغ وزير مسؤول عن أمن اللبنانيين هذا المستوى من الانحياز والتشويه والافتراء والتضليل، سواء في الواقع أو في التحليل الأمني، أو في إخفاء المخاطر الحقيقية التي يواجهها اللبنانيون»، معتبراً أن خطاب المشنوق «لم يقتصر فقط على تحميل إيران مسؤولية العنف في دول عربية عدة».

ورأى أن«أخطر ما في خطاب المشنوق، هو تغييبه لدور القاعدة في ممارسة العنف في الساحات، متجاوزاً ذلك إلى شرعنة القاعدة»، متسائلاً: «كيف يحق لوزير مسؤول في الحكومة اللبنانية أن يستغل موقعه الرسمي وصفته التمثيلية للبنان لإطلاق رؤى ومواقف لا تعبر عن رأي الحكومة اللبنانية بمكوناتها وتستفز قسماً كبيراً من الشعب اللبناني وتخفي المخاطر الحقيقية التي تهدد اللبنانيين وتبرر أسبابها ومنطلقاتها ودوافعها».

------------------- ----------------------

طائرات سورية تلاحق المسلحين الفارّين إلى عرسال



رامح حمية

استيقظت عرسال صباح أمس على دويّ انفجارات صواريخ طائرات حربية سورية في جرود السلسلة الشرقية، في كل من محلة الرهوة والمصلحة والخاشعات ووادي الرعيان، حيث استهدفت فلول المجموعات المسلحة التي انسحبت من يبرود ورنكوس وفليطا في اتجاه جرود عرسال. وأشارت مصادر أمنية لـ«الأخبار» إلى أن الطائرات السورية استهدفت سيارات تنقل مسلحين على طرقات تربط القرى السورية (فليطا ويبرود والمعرة) ببلدة عرسال، وأدت إلى مقتل خمسة مسلحين وإصابة عشرات الجرحى، نقل عدد منهم إلى مستشفى ميداني في بلدة عرسال.

وأطلق عناصر دورية للجيش اللبناني النار باتجاه سيارة من نوع «بيك آب» قادمة من الأراضي السورية عبر طريق ترابية في جرود عرسال، وقد أصيبت بطلقات عدة، إلا أنها تمكنت من العودة إلى الأراضي السورية. وفي وقت لاحق، أوقفت دورية من الجيش سيارة من نوع بيك آب في منطقة وادي حميد، آتية من الأراضي السورية، «وبداخلها ثلاثة سوريين ضبطت بحوزتهم كمية من المخدرات».

من جهته، نفى نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي لـ«الأخبار» دخول مسلحين إلى عرسال، أو نقل قتلى أو جرحى إليها «ما خلا عائلة من بلدة المعرة، وتضم خمسة أفراد تلقوا العلاج، وسرعان ما عادوا أدراجهم إلى بلدتهم في سوريا».

من جهة ثانية، رفض الفليطي الحديث عن منع بلدة عرسال دخول الدولة إليها، متسائلاً «كيف نمنع دخول الدولة وفي محيط عرسال تسع نقاط للجيش اللبناني»، مشدداً على أن جرود البلدة «ليس بإمكان أهالي عرسال أو مأموري أحراج أو حرس حدود أن يضبطوها، فهي تمتد من ريف حمص لأكثر من خمسين كيلومتراً، وتربطها بالقرى السورية العديد من الطرق».

وكانت عرسال قد شهدت على مدى اليومين الماضيين حركة نزوح كثيفة من القرى السورية، زادت من تخمة البلدة بالعائلات النازحة. وأكد الفليطي «أن حوالى 2500 عائلة نزحت إلى عرسال. وفي الوقت الذي توفر فيه للبعض حشره مع عائلات أخرى، في انتظار توفير خيم لهم، لا تزال عائلات أخرى تنتظر في سياراتها توفير المأوى لها، وخصوصاً أن النزوح حصل مساء السبت ويوم أمس الأحد في غياب وجود لمفوضية أو أية جهات مانحة لتقديم المساعدة لهم».

على صعيد آخر، استهدفت المجموعات المسلحة في المعارضة السورية، المتمركزة في جرود عرسال، أحياء بلدتي اللبوة والنبي عثمان بخمسة صواريخ «غراد»، أدت إلى استشهاد عباس سيف الدين (16 عاماً) وجرح ثائر نزهة، فيما تسببت الصواريخ الأربعة الأخرى بإصابة خضر وزاهر دندش بجروح ونقلا إلى مستشفى دار الحكمة في بعلبك.

وعم الغضب في بلدتي اللبوة والنبي عثمان على أثر شيوع خبر استشهاد سيف الدين، فأقفل شبان من البلدتين الطرقات المؤدية إلى عرسال بالسواتر الترابية. واستمر إقفال الطريق من عصر السبت حتى عصر أمس، حيث أزيلت الأتربة، بعد اجتماع عقدته عائلة سيف الدين بعد تشييع ابنها، في بلدة النبي عثمان ووجّهت فيه نداء إلى «العقلاء والشرفاء من إخوتنا وأهلنا في عرسال التي قدمت الشهداء من أجل الوطن»، طالبة منهم «الوقوف وقفة عز ورجولة للتصدي للمؤامرة التي تحاك لزرع الفتنة والطائفية والمذهبية».

مسلحون في يبرود قبل ساعات من دخول الجيش السوري (الأخبار)
مسلحون في يبرود قبل ساعات من دخول الجيش السوري (الأخبار)


من موقع التفجير في النبي عثمان أمس (جهاد قانصوه)
من موقع التفجير في النبي عثمان أمس (جهاد قانصوه)


تعليقات: