زواج المتعة.. حلال أم حرام؟


مقدمة:

في نظرنا المتواضع، إن زواج المتعة المؤقت مع تطبيق شروطه الصحيحة هو قمة ما وصل إليه الفكر البشري المدني الإجتماعي المتحضر في محاكاة العلاقات الإجتماعية ذات البعد العاطفي الترابطي.

بغض النظر إذا كنا نمارسه أم لا، الفكرة من التصرف المدني بعقد الزواج والإقتران بين فردين بالغين في المجتمع هو التطور الإجتماعي في حد ذاته. وهذا ما أتانا به الفكر الإسلامي منذ ١٤٥٠ سنة. بينما نرى اليوم العلاقات الإجتماعية التي يشوبها ترابط حيواني متعجرف بين أفراد المجتمع الغربي وبعض مجتمعاتنا.

عقد الزواج المؤقت الصحيح يثبت أهلية وأحلية العقد وما ينتج عنه. نرى في التاريخ السني أن الرسول حلّل الزواج المؤقت لثلاثة فترات. أي أنه حلّله ثم نهى عنه، ثم حلّله ثم نهى عنه، إلى أن نقرأ إن أبن عباس يرفض أن يكون رسول الله قد نهى عنه، أخذاً بالقاعدة المعروفة حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة. بينما الشيعة الجعفرية أستمرت بتحليله تحت نفس القاعدة بأن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة مع مراعاة شروط تطبيقه.

الذي نراه بالتحريم في عقد الزواج المؤقت إنه أتى إلينا من الخليفة الثاني الذي قال فيه إذا فعلها محصن لرجمته. أي أنها أصبحت في نظر الخليفة الثاني حرام. وبهذا العمل إجتهد الخليفة الثاني على رسول الله ورسالة السماء. ولذا قال ولي المتقين علي عليه السلام، نقلاً عن الطبري، "لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي."

رغبة الإنسان منا بمزاولة وممارسة الزواج المؤقت من عدمه لا يمنع من أحليته. بمعنى أخر، أحليته لا تعني أبداً بأنه يجب علينا تطبيقه. في عرفنا المسلم يحق له بالزواج من أربعة. أحلية الزواج من أربعة لا يعني ممارسة هذة الأحلية. وهكذا الزواج المؤقت. أحليته لا تعني يجب علينا أن نمارسه. المؤمن ليس خائن. على صعيد المثال، الزوج الذي يريد أن يتمتع بأخرى عليه أخذ موافقة الزوجة الأولى وإلا تصرّفه يعتبر خيانة موجبة للطلاق.

أحلية الأمر لا يعني أبداً ممارسته. الزواج المؤقت هو المنفذ الإجتماعي الشرعي لتفريغ الطاقة الجنسية المكبوتة غير طوعاً ضمن الظلم الإجتماعي لشريحة من المجتمع. كما أن الزواج المؤقت لا يجوز للبكر من دون أخذ إذن والدها. فإنها لا تجوز للمتزوج من دون أخذ إذن زوجته.

ما هو الزواج الدائم والزواج المؤقت (المتعة)؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها) صدق الله العظيم. الروم: ٢١

هذا التلاقي الإنساني بين الذكر والأنثى بورك من فوق سبع سماوات، من الله جلّ وعلا. كيف نصل اليه في مجتمعنا يكون من خلال الإنسجام الأولي بين هذين الفردين في المجتمع ومن ثم المحادثة بينهما. ولعله وبعدها لقاء أهل والأحبة إلى أن يحين موعد العقد وهو محور الكلمة. في هذا العقد بشروطه يحدد المهر، مقدم ومؤخر والشهود وعقد صيغة العقد بالطريقة الصحيحة، هذا يوصلنا إلى العقد الدائم وهو العقد الأكثر إستعمالاً في مجتمعاتنا. إذ أن عقد الزواج الشرعي الدائم هو المستعمل في أعراسنا ومحاكمنا. وعليه عرفاً نحن نستسيغه ونرغب به. إذا أتى ولد من هذا الزواج فله حق الميراث والتوريث بعد البلوغ. وبهذا العقد حافظ الإسلام على طهر سلالة عائلة هذا الزوج وهذة الزوجة بزواج مبارك.

في الزواج المؤقت وهو تلاقي بين ذكر وأنثى بغرض الترابط ليس من الضرورة الجنسي مع أنه الإحتمال الأكبر. إلا إئنه رابط شرعي به يتم أحلية للرجل ملامسة المرأة والعكس هو الصحيح. تعريفه: عقد شرعي به تحدّد المدة والمهر (الأجر)، وبه يتلاقى الفردان بما يرضي شرع الله وبعد الفترة المحددة كل يعود في سبيله. بعض الفترات هي فترات طويلة وبعضها قصيرة. ونزولا ً عند الأمر الإلهي في هذا العقد، "...فما استمتعتم به منهن فاعطوهن إجورهن فريضة..." النساء ٢٤.

بعض هذا الأجر (المهر) هو حبة تمر وبعضها هو درهم او أكثر. تشابه شروطه بشروط العقد الدائم، إلا انه لا ميراث للولد من هذة العلاقة ولا فرض على الرجل بالعناية بالمرأة مادياً، أي ليس لها حق النفقة شرعاً. وجود الشهود مستحب وليس واجب، وذلك لإن هذا العقد هو بين الأثنين فقط والشهود بالعقد الدائم فرض من باب عدم التشهير وللحفاظ على سمعة الزوجين.

الوصول إلى صيغة العقد هو بحد ذاته تطور إجتماعي، به تحرّم العلاقات الغير الشرعية والعبثية. لا يجوز زواج البنت البكر من غير إذن أبيها. ويستحب بين الأرامل والمطلقات. هل يحل الزواج المؤقت مشكلتهن؟ لا ادري. لكنه يساعد على عدم وقوع المطلقة بالحرام. او من عدم ممارستها لحق شرعي إجتماعي وإنساني. .

هل نحن أدرى من الله في معرفة نفسيات وطبائع مخلوقاته؟ بالطبع لا.

هل كان الزواج المؤقت حلالا ً على أيام رسول الله أم لا؟ الجواب، نعم.

لماذا الزواج المؤقت كان حلالاً؟ وهل كرامة نساء ذلك الجيل أقل قيمة من نساء مجتمعاتنا؟ الجواب، لا. إذن ما هو الإشكال في تقبّل الزواج المؤقت؟

إنه العرف. إنه المجتمع وعاداته وما يتقبل. فكرة الزواج المؤقت هي فكرة حضارية ناجمة عن وعي وإدراك لحاجات الإنسان الغرائزية الحيوانية. تكامل وتقبل فكرتها تتم مع التطور الفكري الذي قد يساعد على وصول هذا الفكر المتحضر والمتمدن الذي أراده الله في مجتمعنا وتغليبه على الفكر المتحجر داخلنا وكيف يستوعب الإمور ويدركها.

رفضي لزواج المتعة ورفضكِ أو قبولي أو قبولكِ له ليس نابع من شرعيته من عدمه، بل هو نابع من تقبله كعرف إجتماعي أو لا.

الزواج الدائم يصون المرأة في بيت زجاجي ونحن نتقبله طوعاً ولو على مغض.

الزواج المؤقت يصون المرأة إجتماعياً ونفسياً في بيت ورقي ونحن نتقبله أو لا طوعاً وكرهاً.

كلاهما حلال محمد، صَلِّ الله عليه وآله وسلم. هناك منافع لا تحصى للزواج الدائم وله مساوىء. وكذلك هناك منافع للزواج المؤقت وله مساوىء. وفي دراسة صغيرة محايدة سنجد أن منافعهما أكثر من مساوئهما، وعليه إنهما فريضتان لا بد منهما ويكمّلان سنة الحياة.

الخاتمة: الزواج المؤقت هو جزء من منظومة إجتماعية تتكامل مع الزواج الزواج الدائم والزواج من أربعة. في هذة الأيام التي أصبحت بها الرذيلة جزء من تركيبة مجتمعاتنا لا بد لنا من وضع وتفعيل النظم التي تحجب الرذيلة وتمنعها. الزواج المؤقت هو إحدى هذة النظم. لم نخترعه ولم نمارسه. وضعه رسول الله ومارس على عهد رسول الله.

للحق نقول، إذا لم يكن هناك زواج مؤقت في مجتمعاتنا أسسوا نظام لزواج مؤقت، وهكذا تصينوا الأبناء وتحفظوا المجتمع.

ابراهيم

تعليقات: