تحدي العناية بالأرض.. رغم الانحباس

تحدي العناية بالأرض.. رغم انحباس المطر هذا العام الذي لم تشهد له المنطقة مثيلا
تحدي العناية بالأرض.. رغم انحباس المطر هذا العام الذي لم تشهد له المنطقة مثيلا


مرجعيون ـ

أراض وسهول زراعية على مدّ النظر في منطقتي مرجعيون وحاصبيا. يعتمد غالبية اصحابها في ريّها على ما تبعثه السماء من مطر يعيد الحياة الى أرضهم وحقولهم المزروعة بأنواع الفاكهة والخضار والزيتون ولا سيما الحبوب. إلا ان انحباس المطر هذا العام الذي لم يشهد له لبنان مثيلا، جعلهم في حيرة من أمرهم وفي كيفية اعادة الحياة الى ارضهم التي باتت مهددة بالجفاف وتراجع الإنتاج الزراعي عامة. ورغم ذلك، فهم مستمرون في العناية بأرضهم التي يمكن القول انها تشكل مصدر رزقهم الوحيد، خاصة وانهم ما زالوا يعولون على ما تبقى من ايام في شهر آذار الذي على ما يبدو، ما عاد «هدّارا» وذهبت «ثلجاته الكبار» ادراج الرياح، وخبأوا «الحطبات الكبار» الى آذار القادم، ربما، إلا في حال صحّت التوقعات بأن يكون مطلع الأسبوع القادم محملا بالأمطار التي قد تعوض ولو بعضا مما فات. كما انهم يعولون على الأمطار الربيعية في شهر نيسان الذي تحيي امطاره «سكّة الفلاحة والفدان».

منطقتا مرجعيون وحاصبيا غنيتان بالبساتين والسهول الخصبة والإنتاج الزراعي. المزارعون فيها، وخاصة ممن ليس لديهم آبار ارتوازية لري حقولهم أو أولئك البعيدة حقولهم عن مجرى نهري الحاصباني والوزاني اللذين اصابهما ايضا الجفاف هذا العام، يسألون الجهات المعنية والمختصة عما فعلته لمواجهة اي تغيّر مناخي، كما هو حاصل اليوم، من انشاء برك اصطناعية وسدود لري المحاصيل.

يقول الياس سلامة: «نحن نعتني بأرضنا من لحمنا الحي، خاصة لجهة تأمين الأدوية الزراعية والمبيدات والمحروقات لحراثة الأرض. واليوم زاد الطين بلة التصحر الذي لم نشهد له مثيلا من قبل، ما زاد الأعباء المادية والخوف من ان تضرب مواسمنا ويذهب تعبنا سدى».

كما يشكو المزارع ابو احمد شيت، من التغير المناخي وما يتكبده من اكلاف اضافية «لاسيما تأمين المحروقات لاستجرار المياه من الآبار الإرتوازية لري محاصيلنا في فصل الشتاء، اضافة الى تقدّم الموسم خاصة اللوزيات التي أزهرت وبانت حباتها قبل الأوان. هذا الوضع يتهدد المزارعين من ضياع الموسم في حال أتت امطار غزيرة في هذا الشهر تكون مصحوبة بحبات البرد». ويضيف، «هذا الوضع يزيد استغلال التجار واحتكارهم، وأدى الى رفع أسعار الفاكهة والخضار، ما يزيد الكلفة على المستهلك ايضا».

تجدر الإشارة الى ان سهل مرجعيون، والذي يسمى ايضا سهل مرجعيون والخيام، تصل مساحته الى نحو 40 كيلومترا مربعا. وكانت جمعيات ومنظمات دولية، منها« أفزي« الإيطالية و«الفاو« والإتحاد الأوروبي، قد قامت خلال السنوات الماضية، عبر مجلس الإنماء والإعمار، بمد قساطل تحت الأرض واقنية مياه لري المحاصيل فيه والتي ترتوي من بركة نبع الدردارة. ويشير رئيس الجمعية التعاونية لإدارة مياه نبع الدردارة جهاد الشيخ علي الى ان «هذه الشبكات، طولها نحو 25 كيلومترا وتعمل بطريقة الجاذبية ما خفف الأعباء والأكلاف عن المزارعين بنسبة 70 في المئة. وهذه عينة لكيفية استغلال مياه الأمطار والينابيع لري الحقول والبساتين الزراعية خاصة في ايام الشح كالتي نشهدها اليوم. ودور الجمعية يأتي في اطار ترشيد وتطوير وسائل الري لما فيه خير للمزارعين في سهلي مرجعيون والخيام».

أما حوض الحاصباني الذي يمتد من محيط النبع شمالي حاصبيا، حتى سهول الماري والمجيدية والوزاني جنوبا، وضعه ليس افضل بكثير من باقي الأراضي والسهول الزراعية في المنطقة. ويعتمد اصحابها في ريّ محاصيلهم على بعض الآبار الإرتوازية ونهري الحاصباني والوزاني اللذين ضربهما الجفاف.

هذا الحوض تقدّر مساحته بنحو 516 كيلومترا مربعا، تروى مزروعاته بشكل اساسي، من مياه نبع الحاصباني ومجرى نهره ومن نبع الوزاني، و8 ينابيع صغيرة اخرى، اضافة الى العديد من الآبار الإرتوازية التي حفرها المزارعون في حقولهم. كما وهناك مصدر هام لمياه لري هذه المنطقة وهو نبع سريد، إلا ان مياهه لا تتفجر سوى مرة كل 5 او 10 سنوات، وذلك حسب غزارة الأمطار وكمية المتساقطات.

ولكن يبقى القول ان المحافظة على ما تبعثه السماء من امطار هو باقامة برك اصطناعية وسدود تكون زادا وزوادا لأيام الشح، ما يخفف الأكلاف عن المزارعين والأعباء الإقتصادية عن المستهلكين.

تعليقات: