أمي كما عرفتها


بسم الله الرحمن الرحيم

١٨ شباط ٢٠١٢.. ١٨ شباط ٢٠١٤.. ذكرى وفاة أمي.

من أين أبدأ؟

إسمحوا لي أن أبدأ من صباح هذا اليوم.

في صبيحة هذا اليوم، رن جرس هاتفي. على السمع معي كانت أختي. "ألو، سلام عليكم. فاضي لحظة؟" ليس من عادتها الإتصال بي في هذا الوقت المبكر (٥:٣٠ فجراً)، "صباح النور حبيبتي، تفضلي."

نطقتها: "أمي، طهركِ أطهر من طهرِ الوضوء."

صمتت بعدها كلياً. وثم أكملت. شو رأيك؟

أدركت أنها جادة بمعرفة تعليقي. تبسّمت في داخلي لأنها لامست أحرف قد تصف قليلا ً من عذوبة وطهر أمي. وفجأة بدأت بالبكاء وكأنها تعيش لحظة وفاة والدتي مجدداً. تركتها تبكي، علّها تريّح نفسها قليلا ً. إستئذنتها. قمت. توضأت وصليّت الواجب من صلاتي. وسجدت سجدة شكر لأن أمي كانت أمي.

وإليكم قصة أمي من نهايتها. توفاها الله عن عمر يناهز ال ٨٤ عاماً منهية حياة قضتها في الإعتناء في بيتها وأبنائها وعائلتها كما أمرها ربها.

في بلدة الخيام ولدت لأب عباسي سليماني ولأم حمزاوية. هناك ترعرعت في بيت طاهر كما كل الأمهات في جيلها. في الخيام تعلمت حب الأرض ولغتها وعنادها. في صباها تزوجت من وسيم خريسي وهاجرا معاً خارج الوطن من أجل غد أفضل.

منها تعلمت:

إحترام الإنسان لأنه إنسان

هي من أرشدتني إلى حب والولاء لأهل البيت عليهم السلام.

هي من أرشدتني إلى إحترام عرض رسول الله وأزواجه.

هي من علمتني أن المسيحي هو أخ لنا في الدين لكنه، ما زال يعيش في عصر عيسى عليه السلام.

هي من أرشدتني أن التقوقع في مفردات الطائفة بعيداً عن الدين هو بُعد عن الدين.

هي من أرشدتني غاضبة يوماً عندما أخّرت وقت صلاتي إلى إن الله ليس بحاجة لصلاة العبد وعبادته. وإن الصلاة هي كنز للعبد ليوم حاجته.

ماذا بإستطاعتي أن أقول لكم عنها؟

إنها إنسانية الإنسان.

إنها من حثّنا على حفظ القرآن.

إنها كانت روح من أرواح الرحمن.

إنها أمي، الطاهرة نسيبة إبراهيم سليمان.

رحم الله أمواتكم جميعاً.

ابراهيم

تعليقات: