خبزة.. تسند خابية النزوح

الى جانب ام كفاح توقد أم خليل نايفة العيدان وما يعرف بالقصافي وتسوي الارغفة التي تفتقد الى الخميرة والى القمح البلدي
الى جانب ام كفاح توقد أم خليل نايفة العيدان وما يعرف بالقصافي وتسوي الارغفة التي تفتقد الى الخميرة والى القمح البلدي


راشيا ـ

على صاجة حطب أكل منها الدهر وشرب، تلوّح أم كفاح نسيمة الحلبية أرغفة الخبز المرة لتتكور في كارتها السمراء المهترئة، قبل أن تلقيها على غارب لهيب عيدان ما يعرف بالزبارة في قرى راشيا كانت جمعتها من تقليم دوالي كرمة تدلت منها قرب مقر نزوحها على مفترق كوكبا كفرمشكي، فيما أطفالها الخمسة ينتظرون نضج الأرغفة ليقتاتوا بعضاً منها ساخنة، علها أيضا تدفء جوعهم تماماً مثلما تدفء صاجة الحطب اجسادهم الندية في صبيحة كانونية على مرمى ثلوج جبل الشيخ وصقيع النزوح مع شح وسائل التدفئة وادواتها ولوازمها.

والى جانب ام كفاح توقد أم خليل نايفة العيدان وما يعرف بالقصافي وتسوي الارغفة التي تفتقد الى الخميرة والى القمح البلدي فيما ولداها منشغلان بجمع وتكسير الحطب على مقربة منها، هي التي غادرت معظمية الشام على عجل ونسيت ان تعقل كارتها وصاجتها الشامية الجديدة في ليلة قصف عنيفة شنها الطيران الاسدي على الحي الذي كانت تقطنه مع عائلتها قبل اقل من شهرين، بعد ان فك الحصار الذي اذاقهم طعم المرارة والجوع واللوعة، فحرمت طفلها خالد ابن الشهرين ونيف لنفاد الحليب وانعدام الدواء واعتقال الزوج الذي انقطعت اخباره ولا يعرف ان حياً كان او شهيداً مع فرضية ترجح اعتقاله في احد سجون النظام واقبيته.

نسيمة الحلبية ليست غريبة عن صنع الخبز، هي التي امتهنت هذا الكار في الحي الذي كانت تقطنه في احد احياء حلب القديمة لكنها غريبة في مكان تفتقد فيه حتى الى الطحين السليم الذي اختلط فيه وابل الطحين بنابل نخيله، لكن قمح الغربة مر، وخبز الصاج يخفف الاكتواء بغلاء الخبز في لبنان حيث تحتاج العائلة الى أربع او خمس ربط يومياً اي ما يعادل 7500 ليرة لبنانية توفر أم كفاح اكثر من نصفها في خبز الصاج الامر الذي يمكن أن يساعدها في دفع ايجار الغرفة الصغيرة التي تأوي فيها العائلة فتستر حالها كما تقول من بهدلة العيش في خيمة، وانتظار فتات ما تبقى من معونات المنظمات المانحة، فتردد على مسامع أطفالها "بحصة بتسند خابية" و"خبز الصاج فيه بركة"

وتعلّق "أم خليل" : "نتشارك الخبز المر كي لا نمد يدنا للتسول او الوقوف في طوابير الانتظار المضني. اولادنا لا يتعلمون في المدارس ولكن قساوة التهجير علمتهم دروس الاعتماد على النفس والكفاح في الحقول والبراري وفي جني بعض ما في الارض من قسمة لنا لان جولة الظلم ستزول مع زوال الظالم الكبير وسنعود الى دورنا الواسعة وحقولنا الفسيحة نزرع ونحصد ونخبز بكرامة ما عجنته ليالي الغربة".

تعليقات: