مجزرة صبرا وشاتيلا: الطبيب الهولندي يتذكر المجزرة والأحياء يروون وقائع الجريمة

خلال المسيرة (عباس سلمان)
خلال المسيرة (عباس سلمان)


اليوم الثاني من زيارة وفد التضامن الأوروبي

«من هنا في هذا المبنى كان يقود شارون بمنظاره المجزرة التي ارتكبها الإسرائيليون بحق الشعب الفلسطيني في مخيمي صبرا وشاتيلا». جملة تبنّاها الطبيب الهولندي بن الذي عمل متطوعاً مع الهلال الاحمر الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية سنة .1982 الجملة لفظها بعفوية حين استذكر المجزرة البشعة فور وصوله الى مفرق السفارة الكويتية حيث مخيم شاتيلا. المجزرة التي شهد عليها بالعين المجردة وأعادته ربع قرن إلى الوراء. بن هو الآن في عداد الوفد التضامني الاوروبي المؤلف من 73 شخصاً الذي حضر الى لبنان للسنة السابعة على التوالي باسم «لجنة كي لا ننسى مجزرة صبرا وشاتيلا» التي أسسها الناشط الإيطالي الراحل ستيفانو كاريني، من أجل التضامن مع الشعب الفلسطيني في ذكرى هذه المجزرة. « هنا في ذاك المخيم (شاتيلا) اعتقلني عناصر من الكتائب اللبنانية وأطلقوا عليّ الشتائم، لأنني أساعد الشعب الفلسطيني»، يتابع بن بحماس كبير، راوياً إلى أصدقائه ما يذكره من صباح ذلك اليوم الاسود.

التاسعة صباح امس، انطلق الوفد في يومه الثاني بجولته الميدانية، فكان مخيم البرج محطته الاولى حيث استقبل بعزف كشفي، قبل ان يجتمع بأمين سر منظمة التحرير الفلسطينية في مخيم برج البراجنة خالد عارف، الذي نوّه بالدعم الذي يقدمه الوفد سنوياً للشعب الفلسطيني، مستذكراً آلام مجزرة صبرا وشاتيلا. ولفت الى «أننا نحن فلسطينيو الشتات لا نشعر للحظة أن إسرائيل ترغب بالسلام الحقيقي، مشددا على ان «الشعب الفلسطيني يعاني في مخيمات الشتات ما لم يعانه اي شعب في العالم». بدوره لفت عضو البرلمان الأوروبي الذي حضر مع الوفد اونبرتوا كويدوني الى ان «البرلمان قام بالتصويت على الإفراج عن الاموال الموجهة الى السلطة الفلسطينية«، متمنياً «أن يساعد هذا على حل النزاع الداخلي في فلسطين».

ثم انتقل الوفد إلى روضة الأطفال في المخيم حيث اجتمع مع فصائل التحالف الفلسطينية بحضور ممثل حماس في لبنان أسامة حمدان الذي تحدث عن الوضع الفلسطيني.

بعد برج البراجنة، انتقل الوفد الى «بيت اطفال الصمود» في مخيم شاتيلا حيث التقى اهالي ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا. جلست الأمهات الثكالى تتذكرن فاجعة المجزرة التي افقدتهن أفراداً من عائلاتهن. دموع الوفد التي ذرفت كانت العزاء الوحيد لتلك الامهات، خصوصاً بعدما نشرت الصور التي التقطها كاريني في كل الأرجاء وتليت مسيرته النضالية من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية. نوال أبو ردينة فقدت اهلها في المجزرة. لا تتذكر نوال المأساة كونها كانت رضيعة آنذاك. اليوم، تستغل ردينة حضور الوفد المتضامن للمطالبة بنصب تذكاري يحمل اسماء شهداء ومفقودي المجزرة. بدوره ما زال كمال معروف يحمل أملاً بعودة ابنه الذي اختطف من 25 سنة ولا يعرف عنه شيئاً. عرض على الوفد السيرة الذاتية لابنه الذي يتمنى عودته يوماً. وتبقى «أم علي» الأكثر فجيعة من المجزرة، بعدما خطف زوجها وذبح أولادها الأربعة، فعاشت حياتها تبكي على «أطلال» ذكراهم.

يتعهد الوفد أمام أهالي الضحايا بمتابعة مسيرة كاريني الذي التزم بقرار يهدف الى دفن الموتى الذين «وضعوا في مقبرة جماعية»، وإقامة نصب تذكاري لهم.

وأشارت أنطونيتا كاريني شقيقة الناشط ستيفانو في حديث مع «السفير» انها ستعمل قدر الإمكان لمتابعة المسيرة الانسانية التي اطلقها شقيقها من اجل مساعدة الشعب الفلسطيني. وأكدت انها تريد ان يعرف جميع اللاجئين الفلسطنيين ان «عائلة ستيفانو لن تتخلى عنهم»، لافتة الى انها تملك الحماس ذاته الذي كان يشعر به كاريني تجاه هذه القضية. وأعربت عن امنياتها بالتمتع بالقدرة على حل الخلافات الفلسطينية «كما كان يحلم أخي، معتبرة أن وحدة الفلسطينيين أمر في غاية الاهمية.

مسيرة تضامنية

وشارك الوفد عند الخامسة في مسيرة تضامنية دعت اليها اللجان الفلسطينية في المخيمات، وكان في مقدمتها ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي، رئيس بلدية الغبيري محمد سعيد الخنسا وممثلون عن القوى والفصائل الفلسطينية واللبنانية. انطلقت المسيرة من امام مقر السفارة الكويتية الى مدافن شهداء المجزرة في مخيم شاتيلا. أطفال بيت الصمود رفعوا لافتات تؤكد عدم نسيان المجزرة ورفض الإبادة الى أسئلة عن غياب العدالة والمطالبة بمعاقبة المجرمين.

وكانت صور الناشط كاريني الحاضر الأبرز في المسيرة، فرفعها الاطفال عالياً تأكيداً على إيمانهم بدعمه الدائم لقضيتهم. داخل المقبرة الجماعية، وضعت أكاليل من الزهور، ورفع أهالي الضحايا صور ذويهم. بداية، تحدث الخنسا، فاشار الى «ان من كان لهم دور في تلك المجزرة، يطالبون اليوم بنزع سلاح المقاومة بأمر من أسيادهم في الولايات المتحدة الاميركية». ودعا الخنسا المعنيين الى تبني القضايا الاجتماعية والانسانية والحياتية داخل المخيمات الفلسطينية. بدوره، رأى زكي ان إحياء ذكرى شهداء المجزرة هو «عقبة في وجه من يفكر بابتلاع الفلسطنيين وإذلالهم». وشكر الجيش اللبناني على انتصاره في مخيم البارد، مطالباً بالمساعدة الفورية لكي يعود نازحو البارد الى مخيمهم«، لان الحفاظ على كرامة الـ35 الف نازح من البارد هو رد على بوش والفوضى الذي يتسبب بها». وتمنى زكي ان تجري إجراءات عملية «وليس فقط شعارات». وشدد على ان «قرارانا يصب في عدم تكرار أحـداث البـارد مهما كان الثمن كي لا نبقى مدخلاً للإســاءة لأمن لبنان».

والقت شقيقة ستيفانو انطونيتا كلمة باسم الوفد، أدانت خلالها المجزرة «العار ليس فقط على من ارتكبها بل على البشرية جميعها». وأكدت أن كل فرد له الحق في أرضه ويملك الحقوق الطبيعية بدءاً من الاسم، الهوية، الاعتراف بالجذور، اللغة والتاريخ، مشددة على ضرورة المحافظة على تلك الحقوق ونقلها الى ذاكرة الاجيال المقبلة. كما تحدثت شهيرة أبو ردينة باسم اهالي الضحايا فأكدت على «حقوقنا المشروعة ومعاقبة المجرمين على جريمتهم بحق الانسانية، وسنبقى مع الحق، العدالة والنصر رغم إرهاب الصهاينة».

ويلتقي الوفد صباح اليوم رئيس بلدية صيدا د.عبد الرحمن البزري، ويضع إكليلين من الورد على ضريحي الشهيد معروف سعد ونصب شهداء صيدا. ويلتقي الوفد عند ناشر «السفير» الزميل طلال سلمان، قبل افتتاح معرض التراث والرسم وإقامة حفل فني عند السادسة في قصر الأونيسكو.

تعليقات: