الحضارة العربية.. بين أمجاد الماضي وانحطاط الحاضر

قصر الحمراء في غرناطة.. شاهد على روعة الحضارة العربية في  الأندلس
قصر الحمراء في غرناطة.. شاهد على روعة الحضارة العربية في الأندلس


لعل الشرارة التي قدحت زناد فكري وألهمتني موضوع كتابتي هي رؤيتي لحياتنا ولتاريخنا وهنا المحطة التي استوقفتني هي المناقشة التي أجريناها في إحدى حصص الفلسفة العامة حول أحداث مكتبة الإسكندرية، حول الحدث الذي طبع بصمة في تاريخ الإنسانية، وما زال العرب من دون أي استثناء نتعثر برماد الكتب التي أحرقت، أو إذا صح التعبير، التي أحرقنا بمحتوياتها تاريخنا وحضارتنا الذي بات قناديل مطفئة بدلاً من أن يكون منارة في مسار حياتنا. فمن بعد الحريق الذي حصل، ليس هناك أي مسار يُدرك لأن طريقنا أصبح مظلم ونهاية المطاف تودي بنا إلى هوّة عميقة.

لنعود بالتاريخ حيث أمجاد الحضارة الماضية تلمع في كنف "مكتبة الإسكندرية".

عرفت مكتبة الإسكندرية بالمكتبة الملكية أو المكتبة العظمى، وبلغت ذروتها الثقافية في عصرها بحيث كانت تضم 700 ألف مجلّد بما فيها أعمال وكتابات تصب في خدمة وتطور الحضارة العربية. يقال أنه كان هناك اختلاف حول العام الذي تم إنشائها فيه، فالبعض يقول أنها أنشئت عام 330 ق.م والبعض الآخر يقول أنها أنشئت عام 288 ق.م. ترجع شهرة المكتبة القديمة إلى أنها حوَت كتب وعلوم الحضارتين الفرعونية والإغريقية، وبها حدث المزج العلميوالإلتقاء الثقافي الفكري لعلوم لم نكن نتصور يوماً أنها قد تلتقي بعلوم الغرب. أمست في ذلك الوقت نموذج للعولمة الثقافية والتي كانت نتيجة تزاوج العديد من الحضارات كالهلنستية التي أبصرت النور نتيجة تزاوج الحضارة الفرعونية والإغريقية. والأهم من ذلك هو تحرر علماء المكتبة من السياسة والدين والجنس والتفرقة، فالعلم فيها من أجل البشرية فقط.

هذا موجز عن تاريخنا الذي حضنته الأوراق وحافظت عليه على عكس ما قام به العرب آنذاك. لقد أشعلوا النار وأحرقوا حضارة بكاملها، خانوا أمانة نسبها "يوحنا فيلوبونوس" أو المعروف بإسم "يحيى النحوي" (وقد ساهمت كتابته في نقل الثقافة الإغريقية لدى العرب) إلى "عمرو بن العاص" حيث طُلب منه حرق الكتب لأن في كتاب الله غنى عن كل الكتب الموجودة. أليس في هذا الفعل إجرام بحق الثقافة؟ أين أمست الحضارة العربية؟ لكم الجواب، عاد العرب إلى نقطة الصفر، عادوا ليفتشوا عن تاريخنا عن تاريخ الحضارة العربية التي تتأرجح اليوم بين أمجاد الماضي وتوسعها وبين انحطاط الحاضر بكل مكوناته ما فيها من الثقافة العربية.

حضور ثقافتنا ليس بالقوة اللازمة، وجميعنا نلمس واقع الشعوب المرير. ولكن ما ذنب أمة بكاملها بخطأ ارتُكب بدون التفكير بمصيرنا؟ نرى كيف الشعوب تقاتل مطالبة بحقوقها المضطهدة وتدفع أرواحها ضريبة في سبيل العدالة. الشعوب الغربية في غنى عن كل ما يجري

في العالم العربي، لماذا؟ ما الفرق؟ الفرق بسيط وواضح فنحن "عرب" ندلي بأنفسنا في الهوة وهم "غرب" حاضرون وبقوة.

* أريج جبر - أمينة الاعلام في تجمع شبيبة عين قنيا

تعليقات: