اللبنانيون في الخليج: من أسمائهم يُعرفون وعلى مذهبهم يُحاسبون

 اللبنانيون في الخليج: من أسمائهم يُعرفون وعلى مذهبهم يُحاسبون
اللبنانيون في الخليج: من أسمائهم يُعرفون وعلى مذهبهم يُحاسبون


لم تعد قضية ترحيل اللبنانيين مجرد أسماء او حالات فردية تمّ ترحيلها تعسفيا من دول الخليج ، فهي لطالما كانت القصة سياسية ، وردّا مباشرا على سياسة حزب الله في المنطقة. لم يعد اللبنانيون ولاسيما الشيعة منهم مرغوبين في دول سعت سابقا الى استثمار كفاءاتهم وقدراتهم لتطوير البلد، بل اصبحوا "اعداء" ومشتبها فيهم "لأنهم مسجلون في الهوية "شيعة". ما يجري في كل من السعودية والإمارات والكويت أشبه بحرب سياسية باردة، اصبحت اللعبة مكشوفة بعد إدراج حزب الله على لائحة الارهاب وبالتالي تحولت دول الخليج من حاضن للكفاءات الى متواطئ في تطبيق اجندة خارجية على ارض عربية. تفردت السعودية في تأدية واجبها "السياسي" على أكمل وجه ، فتميزت في استقصاء اللبنانيين بسرعة قصوى وبأعداد كبيرة تجاوزت الأرقام المعلن عنها، ما دفع البعض الى وصف ما يجري بحكم الإعدام الأبدي. لكن القصة لا تتوقف عند هذا الحدّ بل هناك حديث عن تواطؤ بعض الأجهزة اللبنانية بإعطاء معلومات عن بعض اللبنانيين الشيعة الى السلطات الخليجية ، ما يؤكد ان عملية الترحيل اكبر مما هو معلن عنها.

اثيرت قضية إبعاد اللبنانيين بشكل اكبر في الشهرين الاخيرين رغم محاولات التعتيم عليها من خلال ترحيل اللبنانيين كحالات فردية تفاديا لإثارة البلبلة والتساؤلات. اتخذت السعودية ودول الخليج عموما قرار الإعدام بحق مئات اللبنانيين استنادا الى مذهبهم. "من أسمائهم يُعرفون وعلى مذهبهم يُحاسبون" بهذه العبارات استهل رئيس لجنة متابعة المبعدين من الإمارات حسان غليان حديثه عن قضية الترحيل. فبرأيه ان المسألة تتخطى حدود تلك الدول، هي سياسة أميركية –صهيونية تنفذها دول الخليج برعاية غربية.

لوائح بأسماء مختلفة معظمها من الجنوب، القرار واضح ولا رجوع عنه في كل من السعودية والإمارات يقضي بترحيل الشيعة فوراً. هي لعبة شدّ حبال بين دول الخليج واميركا من جهة وبين حزب الله من جهة اخرى، وبالتالي هي بمثابة ورقة ضغط يتمسك الطرف المبادر بها عساها ان تدفع الحزب لااراديا بالرجوع عن قراره السياسي والميداني في سورية. ورأى غليان ان السياسة التعسفية في عمليات الإبعاد عادت لتطفو الى الواجهة من جديد ، وقد تبين انها مرتبطة بمراكز مخابراتية عالمية. تختلق كل من السعودية والامارات أساليب ملتوية لترحيل الشيعة وأصحاب الاموال من هناك. والأخطر من ذلك ان البعض منهم جاؤوا مكبلين الى ارض المطار وآخرين أعطوا 24 ساعة للعودة الى لبنان.

معلومات مفصلة عن الحزب

قضية ترحيل اللبنانيين اصبحت ككرة الثلج بتفاقمها وتعقيداتها، أسماء معدّة سلفا تنتظر الوقت المناسب لإبلاغها بقرار الإبعاد التعسفي، حتى وصلت الأمور الى تواطؤ بعض الأجهزة الامنية في إعطاء معلومات مفصلة عن اللبنانيين وعلاقتهم بالحزب وتفاصيل عن نشاط عائلاتهم في لبنان وخصوصا مدى ارتباطهم بحزب الله. ولقد أكدها السفير السعودي عندما قال "من كان السبب في قرار دول الخليج عليه أن يتحمّل المسؤولية والتداعيات، ان قرار مجلس التعاون جاد وحازم وسينفذ حرفياً في السفارة، وفي السعودية، وفيه رسالة قوية نأمل في أن يتلقاها الفريق الآخر بما يتفق مع مصالحه ومصالح لبنان". إذاً الخطة واضحة وجازمة ، يمكن اعتبارها مسألة وقت لا أكثر ، لكن لماذا هذا الصمت المريب من الحكومة اللنانية ولماذا لم تتحرك بعد لحلّ هذه القضية الوطنية لأنها حرب استنزاف تطاول كل اللبنانيين وليس الشيعة منهم.

"يعتبر الللبنايون الشريان الرئيسي والاساسي في دول الخليج" هكذا يصفهم غليان، فبرأيه سياسة الترحيل التعسفية مبنية على هذه الثروات البشرية التي يمتلكها الخليج، وبهم يُحارب حزب الله. إذ باعتقاد السعودية الضغط على حزب الله بإمساكه "باليد يلي بتوجعو" اي بنقطة ضعفه، هذا ما تراهن عليه السعودية ولكن ماذا عن حزب الله الذي لم يتحرك بعد في هذا الملف. ان قضية الترحيل من سيئ الى أسوأ ، وفي حال لم تتخذ الحكومة اللبنانية اي قرار في معالجة تداعيات هذا الإبعاد فنحن مقدمون على كارثة اجتماعية، هذا ما يؤكده رئيس لجنة متابعة المبعدين من الإمارات متخوفا ان تصبح للمبعدين اللبنانيين مخيمات للاجئين حالها كحال المخيمات الاخرى في لبنان.

ماذا عن سياسة دول الخليج؟

الإجراءات الخليجية المتخذة في الوقت الحاضر ضد حزب الله ستشمل الأفراد المنتسبين للحزب أو الشؤون المالية والتجارية له، علما ان كل المبعدين ليست لهم علاقة بحزب الله. وفي هذا الشأن تساءل غليان اذا كان تدخل حزب الله في الاحداث السورية هو الفتيل والمسبب لهذا الابعاد ، فماذا عن تدخل ودور دول الخليج في تسليح المعارضة السورية ؟ سؤال برسم المعنيين ودليل ملموس على ان القضية هي تعسفية واعتباطية بحتة، ذريعتها حزب الله وضحيتها اللبنانيون الشيعة في دول الخليج. ورغم الحديث عن ارقام كبيرة إلا ان هناك غيابا واضحا لأي احصاءات حول عدد اللبنانيين المبعدين، ويعود السبب بشكل اساسي الى تخوف البعض منهم بالإفصاح عما جرى خوفا من معاقبه اقاربهم في الخليج. هناك تهديد واضح ومن يخالف الاوامر عليه تحمل العواقب بحقه وحق عائلته. بالإضافة الى الخسائر المادية التي تكبدها اللبنانيون بترحيلهم المفاجى، فالمشروع الذي يساوي مليون دولار يتم بيعه بـ200 الف دولار ، ما يعني بطريقة اخرى استغلال الاستثمارات بأرخص الأسعار.

من جهة اخرى روى احد المبعدين تفاصيل ترحيله من الامارات بعد ما مضى على وجوده اكثر من 26 سنة، هو على يقين ان القرار تعسفي بحق كل لبناني مغترب الى دول الخليج، " نحن ندفع ثمن مذهبنا غاليا" هكذا يستهل حديثه عما يجري هناك ويتابع بالقول "اكتفوا بالاتصال بي من الأمن وطلبوا مني احضار جواز سفري. أبلغوني بقرار ترحيلي لكن ما شفع بي ان اولادي في المدارس، ما يعني ان مهلة الترحيل تتعدى الأسبوع. اكتسبت 3 اشهر من الوقت وتمنيتُ لو اتلقى خبر العدول عن قرار الترحيل إلا ان القرار جازم وهو ليس سوى مسألة وقت". يدري اللبناني المبعد جيدا ماذا يجري حقيقة وخلفيات هذا القرار، فاستجوابه عن كل ما له علاقة بحزب الله أكبر دليل على ان الواقع يتخطى دول الخليج، وان المعلومات عن الحزب هي المادة المطلوبة من هؤلاء اللبنانيين، على امل الحصول على دليل يورط حزب الله في هذه الدول.

"ذنبنا أننا شيعة"

عتبه على الدولة اللبنانية كبير فهي لم تتحرك او تبادر لمعالجة هذا الملف، برأيه "عم بحاربونا بلقمة عيشنا، لقد خسرتُ 800 الف دولار بسبب هذا الابعاد القسري. اللعبة باتت مكشوفة ولكن بخطوات مدروسة تقضي بإبعاد اللبنانيين كحالة فردية وليست تجماعية خوفا من إثارة ضجة لا يحمد عقباها". وما يزيد الطين بلّة ان السفارة اللبنانية اعتزلت دورها والتدخل ليس من واجبها الدبلوماسي والسياسي، اكتفوا بالقول "نحنا ما النا دخل، روحوا شوفوا وضعكم مع الناس يلي هني سبب ترحيلكم". ببساطة توصل اللبناني الى قناعة انه يدفع ثمن مذهبه، وما من احد يسأل عنا لا الدولة اللبنانية ولا حتى الحزب. لا علاقة تربطنا بالحزب ولكن جريمتنا الوحيدة اننا شيعة من الجنوب. واكبر دليل على ذلك ان هناك لبنانيا من الجنوب تمّ تبليغه بقرار الترحيل لكنهم سرعان ما عدلوا عليه بعد معرفتهم بأنه سني من الجنوب وليس من الطائفة الشيعية".

يختم حديثه بالقول "ان تقصير الدولة اللبنانية فاضح ، عليها ان تعمل على هذا الملف بجدية وعزم وإلا ستكرّ السبحة وسنشهد ترحيلا جماعيا سيفوق الأعداد المعقولة حتى نهاية السنة. صحيح انني اخترت الرحيل مجددا الى أميركا لأني املك التأشيرة لكن هناك العشرات من العائلات "عم تتبهدل وتنذل" بسبب الترحيل القسري. "

تعليقات: