رمضان النازحين في راشيا.. تثقله الأسعار


أطل شهر رمضان ثقيلا على عائلة أبو ملحم العامر، وهو المهجر منذ ثمانية أشهر من معظمية الشام، في ليلة اشتد فيها القصف الجوي على البلدة التي سقط فيها عشرات الشهداء. كان يوما دمويا بحسب العامر الذي شدّ أحزمة الرحيل لينجو بعائلته المؤلفة من خمس بنات وصبيين اكبرهم لا يتجاوز الـ13 سنة. كان يملك مزرعة صغيرة لتربية المواشي نقل منها حمولة جرار زراعي أي ما يعادل 40 رأس غنم وماعز من أصل 200 رأس الى مقر نزوحه الموقت في ارض مشاع بين قضاءي راشيا والبقاع الغربي، ليترك ما تبقى في عهدة أحد الرعيان، فيما يتقاسم المراعي البقاعية مع قوم من البدو الرحل استقروا منذ اعوام في تلك البقعة الغنية بأعشابها على مقربة من نبع ماء.

أبو ملحم يسعى كل يوم وراء رزق مقسوم في البراري. لا يريد ثروة ولا يسعى الى وجاهة. همه أن يؤمن لقمة عيش لأولاده السبعة اضافة الى زوجته وأمه الطاعنة في السن، والتي تحتاج الى أدوية باتت شبه مؤمنة من إحدى الجمعيات الأهلية، فيما تصله بعض المؤن التي لا تسد جوعا لكن بحسب زوجته ذهبية "بحصة بتسند خابية"، علما انها سرعان ما تشكو من غلاء الاسعار في هذا الشهر الفضيل شهر الرحمة والغفران والذي بات شهر الغلاء والاكتواء، فتقول: اكلة الفتوش تحتاج الى يومي عمل. وبيع الحليب لا يكفي لوازم أطفالنا وخبزنا اليومي.

ويضيف أبو ملحم "الأطفال بحاجة الى غذاء وماء ودواء، فيما نحن نصوم لنفطر على "أكلة بصل وبندورة" وفي أحسن الاحوال بعض حبات البطاطا التي نعفرها من سهل يبعد نحو 5 كلم عن سكننا.

وفي الخيمة المقابلة، تطل أم ياسر محمودة، وهي مقيمة في السهل "صيفا" منذ اكثر من عشرة سنوات تتساءل "وين عايشين" ربطة البقدونس ب 500 ليرة والخسة بـ3000 والفجل بـ2000 والبندورة والخيار بـ2500. وتضيف "يريدون للفقير ان يموت في هذا البلد أو ان يعيش بالذل والتعتير".

من جهته، اعتبر النازح الى بلدة البيرة أبو عمر حمدان ان يوميات النازحين تجاوزت حد المأساة حيث الاوضاع تزداد سوءا فالغلاء يطال كل شيء من ايجار المنزل الى اسعار الخضار والفواكه التي لا نتناول الا القليل منها فيما لا ماء ولا كهرباء. ويتساءل ماذا يفعل اللبناني ليعيش في ظل هذه الاسعار. ودعا المؤسسات المانحة الى ان تلتفت الى القرى النائية وتشملها بعطاءاتها ومساعداتها لا سيما في هذا الشهر الفضيل الذي يحتاج فيه الصائم الى الكثير من متطلبات العيش، وامل ان تنتصر الثورة السورية ليعود مع عائلته المؤلفة من ستة افراد الى مدينته حلب التي كان يعيش فيها اجواء رمضانية منغصة بوجود طاغية يحكم الملايين من ابناء الشعب السوري خارج ارادتهم وها هم اليوم انتفضوا لكرامتهم.

وفي المقلب الآخر من المخيم حيث استراحة التسوق للبائعين، فان أطفال النزوح يفترشون المكان الذي يقيهم حر الصيف ولا يقيهم شر الجوع والعطش، يلعبون بما تيسر من أدوات الطبيعة من حبل تركه بائع أو حجارة هي مرمى لكرة الاطفال بعد ان تحولت ملاعبهم في قراهم المتنوعة الى مرمى لنيران الاسد ولصواريخ وقذائف شبيحته، التي طالما استهدفت تجمعات الاطفال لا سيما تجمع رياضي في الغوطة الشرقية بحسب الفتى أدهم منصور الذي لفت الى ان طائرات النظام قصفت منذ ثمانية اشهر ملعبا لكرة القدم قرب المدرسة الرسمية في بلدته، وسقط عدد من الاطفال والفتيان واصيب العشرات بجروح قبل ان يتركوا الغوطة وينزحوا الى لبنان. ولفت الى ان معظم الاطفال والفتية يلعبون لينسوا جوعهم ووجعهم في لبنان خاصة في شهر رمضان الذي ترتفع فيه الاسعار،وجراحهم في سوريا التي تحولت الى اكوام حجارة.

راشيا ـ عارف مغامس


تعليقات: