رحل المحتل، عاش الوطن


الاحتلال يا اصدقائي قد رحل، قد ذهب الى غير رجعة، بالقوة وبصلابة الموقف رحل وانتهى

انتهى في 25 ايار عام 2000، الارض والبيوت والحدائق والفرح والاغنيات والاعراس عادت، الخيام عادت، وعاد معها كل جنوبنا الذي كان يعاني الاحتلال الى حضن الوطن،

لا احد يمنعنا اليوم عن بيوتنا وبلداتنا واهلنا،

لا احد يمنعنا اليوم عن طابتنا وعن كرمنا وعن نهرنا وساقيتنا وساحاتنا.

وما الاحتفالات التي تشهدها بلدتنا و يشهدها لبنان اليوم بذكرى تحرير جنوبه، الا استرجاع لايام مجيدة وتاريخ مضيء كتبه اهلنا بثباتهم وصبرهم وقوتهم، وكتبه اسرانا وجرحانا بثقل معاناتهم واوجاعهم، وكتبه شهداؤنا ابطال المقاومة الوطنية و الاسلامية بدمائهم الزكية، بحبهم الاسطوري، بغضب عيونهم، لقد زرعوا اجسادهم في ارضنا، وها نحن نحتفل بايام الحصاد ...

ان التحرير الذي نحتفل ويحتفل به وطننا هذه الايام ، كاروع احتفالاته وابهاها ، لم يتم بالصدفة، ولم يقدم للبنان على طبق من ذهب، انما كان ثمرة جهد مشترك لابطال ميامين من بلدنا، منهم من قدم دمه، تقدم وهاجم وقاتل واقتحم واستشهد، ومنهم من عانى الاسر والتنعذيب والتنكيل مما لا طاقة لبشر فيه، ومنهم من عانى الاصابة والاعاقة وكتم صرخات الوجع ما استطاع الكتم، هؤلاء هم نموذج لابطال تحريرلبنان ، مدعومين طبعا باحتضان شعبي رائع في صموده وتضحياته ومعنوياته

الاحتلال ليس شيئا عاديا انه شيئ يشبه الموت

الاحتلال يعني ان اخاك معتقل، وان ابنة جارك معتقلة، وان صديقك معتقل، وانك ملاحق لاعتقالك .

الاحتلال هو ان ان تذهب الى بلدتك ويمنعك العدو من الوصول اليها الاحتلال يعني ان شجرة زرعتها وسقيتها واعطيتها عرقك وتعب عينيك يعملون فيها المنشار من جذورها

الاحتلال يعني ان يتبختر العدو بالياته العسكرية في شوارع بلدتك، وانت تنكفئ عنها

الاحتلال يعني الخوف ، الخوف من سيارة عسكرية قادمة ، وبندقية قاتلة مصوبة باتجاه عينيك ووجهك

الاحتلال يعني ان يمتد اليباس من ازهار الحديقة حتى الحقل، وان تختفي العصافير مع اعشاشها موسيقاها، وان لا يتبقى في الجو سوى طيور سود الاحتلال يعني ان تعكس مياه الدردارة وجوه لعساكر او لقبعات عدوة

الاحتلال يعني ان الفضاء فوقك ليس ملكك، لا شمسه، ولا نجومه، ولا زرقة سمائه

الاحتلال يقول ان غولا بغيضا يجثم فوق المكان والناس

عام 2000، في شهر ايار المبارك، هرب الغول من بلداتنا وقرانا، من عايش تلك الايام الرائعة ، راى بام عينه اليات العدو وجنده وعملاءه يتسابقون في الهرب من ارضنا فزعين مقهورين،وراى ابناء شعبنا يتسابقون الى بيوتهم وقراهم بمعنويات اين منها صلابة الصخر وقوة الفولاذ .

ايتها الحرية ما اروعك ، ايها الشعب الابي المقاوم الحر ما اجملك ، يا وجوه شهداء التحريرانتِ في قلوبنا ووجداننا وكتبنا وحكايانا، مات الغول ...



تعليقات: