الصندوق البلدي السائب يعلـم شركات النفايات السرقة

تعهُّد مجموعة «آفيردا» بخفض الكلفة بنسبة 4% بقي حبراً على ورق (أرشيف ــ هيثم الموسوي)
تعهُّد مجموعة «آفيردا» بخفض الكلفة بنسبة 4% بقي حبراً على ورق (أرشيف ــ هيثم الموسوي)


بعد تأخير دام سبعة أشهر، اختتمت حكومة «قولنا والعمل» سلسلة مخالفاتها الإدارية بصدور مرسوم «توزيع عائدات الصندوق البلدي المستقل لعام ٢٠١١». وفيما أعلنت بلديات كثيرة واتحادات بلديات اعتراضاً صريحاً على نسب الاقتطاعات من حصصها لصالح «التخلّص من النفايات»، تتقدّم البلدية التي تطمر نفايات المعترضين في أرضها بمراجعة هي الثانية من نوعها أمام شورى الدولة لإبطال المرسوم

قبل أسبوعين من استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، صادق مجلس الوزراء على مشروع مرسوم توزيع عائدات الصندوق البلدي المستقل عن عام 2011، والذي يعدّ من أكثر المراسيم خرقاً للمعايير.

تجمع وزارة المالية عائدات البلديات من 11 ضريبة ورسماً تودعها في الصندوق البلدي المستقل على أن يتم توزيعها على البلديات واتحادات البلديات بعد اقتطاع النفقات العائدة للأخيرة، وذلك وفقاً للصيغة المحددة في المرسوم 1917 للعام 1979.

وعلى رغم أن المرسوم 1917/1979 حدّد بدقة أصول توزيع هذه الأموال، أمعنت الحكومات اللبنانية المتعاقبة في خرق هذه المعايير والأصول، وخالفت مواد المرسوم الذي خضع لعدد كبير من التعديلات. إلا أنه من الواضح أن المرسوم الأخير، الذي حمل الرقم ١٠٢٣٤، ورغم إخضاعه طوعياً لاستشارة مجلس شورى الدولة، يعدّ من أكثر المراسيم خرقاً لمبدأي المساواة والعدالة في التوزيع، إن لجهة الفجوة القائمة في احتساب العائدات بالاستناد إلى عدد السكان المسجّلين بدل استناده إلى عدد المقيمين، وصولاً إلى الفضيحة المدوّية في المادة التاسعة منه، والتي زادت بنسبة ١٠٠٪ نسبة الإقتطاع (من ٤٠% عام ٢٠١٠ الى ٨٠٪ عام ٢٠١١) من حصص البلديات لصالح شركات النفايات، وأبرزها «سوكلين» و«سوكومي» اللتان تتوليان إدارة النفايات في أقضية بيروت وجبل لبنان باستثناء جبيل، وشركتا «أ ب سي» و «أن تي سي سي» اللتان تتوليان إدارة النفايات لصالح بلدية صيدا وبلدات اتحاد بلديات صيدا ــــ الزهراني.

شورى الدولة

وكانت وزارة الداخلية والبلديات أحالت، بموجب الكتاب الرقم 19312 تاريخ 20/2/2013، مشروع المرسوم، بعدما اقترن بموافقة مجلس شورى الدولة بالرأي رقم 125/2012-2013 تاريخ 21/1/2013 الذي اعترض على مخالفة أحكام المادة التاسعة منه (المتعلقة بتحديد نسب الاقتطاعات من حصة البلديات مقابل استفادتها من خدمات أعمال النظافة) لأحكام المادة 64 من القانون رقم 326 تاريخ 28/6/2001 (الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2001). وخلص شورى الدولة إلى وجوب أن تكون الحصة المقتطعة متناسبة تماماً مع نفقات أعمال النظافة التي تستفيد منها البلدية والمؤدّاة من الصندوق.

وبدلاً من التزام وزارة المالية برأي مجلس شورى الدولة، ابتدعت طريقة جديدة للمخالفة، وأوحت بأنها لم تحدّد نسبة معينة للاقتطاعات على غرار ما كان معمولاً به في توزيعات السنوات السابقة، واستبدلتها بسلم تصاعدي حدّد سقفه من خلال إيراد عبارة في المادة التاسعة من المرسوم تقول «يقتطع من حصة البلديات والاتحادات المستفيدة، أو التي استفادت من خدمات النظافة من الصندوق البلدي المستقل، ما يساوي قيمة النفقة التي تحمّلها الصندوق عن البلدية أو عن الاتحاد خلال العام ٢٠١٠، على ألا يتجاوز الاقتطاع نسبة ٨٠٪ كحد أقصى من العائدات الموزعة بموجب هذا المرسوم».

وكانت هيئة القضايا في وزارة العدل قد رفضت الإقرار بوجوب استشارة مجلس شورى الدولة أثناء إعداد مرسوم توزيع عائدات الصندوق البلدي المستقل. واعتبر القاضي دياب بركات في رسالة جوابية على دعوى الإبطال التي رفعتها بلدية عبيه ــــ عين درافيل ضد مرسوم توزيع عائدات الصندوق البلدي عن العام ٢٠١٠ أنه «لا لزوم لاستشارة مجلس شورى الدولة بالنص التنظيمي المستند لنص تنظيمي سبق ان تمت استشارة هذا المجلس به».

وإذا كان رأي هيئة القضايا في وزارة العدل صائباً من الناحية القانونية، فلماذا عمدت الحكومة إلى إرسال مشروع مرسوم توزيع العائدات عن العام ٢٠١١ إلى مجلس شورى الدولة؟

بحسب معلومات «الأخبار»، فإن المبادر إلى استشارة مجلس شورى الدولة هو الرئيس نجيب ميقاتي، الذي رفض التوقيع على مشروع المرسوم الذي أعدّه الوزير مروان شربل ووافق عليه الوزير محمد الصفدي.

وكان مجلس شورى الدولة قد أبرز المخالفات التي شملها مرسوم ٢٠١١، بالاستناد إلى المادة ٦٤ من قانون الموازنة لعام ٢٠٠١، مع إغفال مخالفة للمادة 11 من المرسوم رقم 1917 تاريخ 6/4/1979 المتعلق بتحديد أصول وقواعد توزيع أموال الصندوق البلدي المستقل، التي تنصّ على أن «تستفيد كل بلدية يتم في نطاقها إنشاء مطمر صحي أو معمل معالجة للنفايات الواردة من البلديات الأخرى من زيادة على حصتها في العائدات التي تترتب لها من الصندوق البلدي المستقل ما يوازي قيمة ستة دولارات أميركية بالعملة اللبنانية عن كل طن من النفايات الواردة للمطمر الصحي من البلديات الأخرى». واستندت بلدية عبيه ــــ عين درافيل إلى نص هذه المادة في مراجعة الإبطال التي رفعتها أمام مجلس شورى الدولة العام الماضي.

وحول هذه النقطة، يلفت محامي البلدية أسعد عطايا إلى أنه لم يجد تفسيراً واضحاً للسبب الذي دفع مجلس شورى الدولة إلى عدم الإشارة إلى هذه المخالفة، علماً أن الغرفة الأولى في المجلس برئاسة القاضي شكري صادر وعضوية المستشارين يحيى الكركتلي وميريه عماطوري، سبق أن أصدرت بالإجماع قراراً إعدادياً يحمل الرقم ٣١٤/ ٢٠١١ـــ ٢٠١٢ تاريخ ١٦ أيار ٢٠١٢، يقضي بوقف تنفيذ مرسوم ٢٠١٠ المطعون فيه جزئياً، بحيث يتوقف توزيع ما نسبته ٢,٦% من أموال بلديات أقضية بيروت وبعبدا والشوف وعاليه وكسروان والمتن. ومن المعلوم أن بلديات الأقضية المذكورة، والبالغ عددها ٢٧٥، تطمر نفاياتها في النطاق العقاري لبلدية عبيه ـــ عين درافيل، وذلك بموجب عقد تصميم وتشغيل المطمر الصحي الموقّع بين مجلس الإنماء والإعمار وشركة «سوكومي»، والذي بدأ العمل به في عام ١٩٩٧ وجدّد مرات عدة آخرها في العام ٢٠١٠ وينتهي بتاريخ 17/1/2014، مع التباس حول إمكانية تمديد إضافي حتى 17/1/2015.

من جهتها، دافعت وزارة المالية عن موقفها في إغفال نص المادة ١١ لكونها مرتبطة بقرار يصدر عن وزير الداخلية! أما لماذا لم يصدر هذا القرار، فهو سؤال لم يجب عنه وزراء الداخلية الذين تعاقبوا على الوزارة منذ العام ٢٠٠٨ تاريخ تعديل نص هذه المادة، وبينهم الوزير زياد بارود والوزير مروان شربل، علماً أن بلدية عبيه ــ عين درافيل تقدمت بعدد من الكتب إلى مصلحة الصندوق البلدي المستقل تطالبها باحتساب هذه التعويضات من دون أن تحصل على إجابة. ولم يجد مدير عام الإدارات والمجالس المحلية خليل حجل حرجاً في القول، في اتصال مع «الأخبار»، إن نص المادة ١١ «غير مفعّل»! بدوره أسف رئيس بلدية عبيه ــ عين درافيل نزيه حمزة لتجاهل مجلس الوزراء موضوع التعويضات القانونية المحقة للبلدة، التي تتحمل نفايات ٢٧٥ بلدية أخرى منذ العام ١٩٩٨. وأكد أن البلدية ستتقدم بطعن جديد أمام شورى الدولة لإبطال مرسوم ٢٠١١، مطالباً المجلس ببت دعوى إبطال مرسوم ٢٠١٠ وبتكريس القرار الإعدادي الذي أصدره المجلس بقرار نهائي يحفظ حق البلدية. وجدّد حمزة دعوته إلى إيجاد بديل عن مطمر عين درافيل، رافضاً أي تمديد جديد للمطمر بعد انتهاء العقد الحالي في مطلع العام ٢٠١٤، معلناً عن سلسلة تحركات واعتصامات سينفذّها أهالي المنطقة رفضاً لهذا المطمر. وطالب نواب قضاء عاليه بالتحرك الفوري لإنصاف هذه المنطقة المنكوبة. وأفاد أن «أبناء البلدة من مسيحيين ودروز لم يقبضوا الدفعة الثانية من أموال صندوق المهجرين، وعندما طالبنا بإنشاء مشروع لتوليد الطاقة من غاز الميثان في المطمر، لم نجد استجابة لا في وزارة الطاقة ولا في وزارة البيئة، وكأن جميع الوزارات غير معنية بتنمية هذه المنطقة».

كلفة النظافة 100%!

وبالعودة إلى قضية نسبة الاقتطاع من أموال البلديات لصالح شركات النفايات، أفادت وزارة المالية أنه بعد احتساب النسب المئوية التي كان يفترض اعتمادها، تبين للوزارة أن بعض هذه النسب يشير إلى تجاوز كلفة النظافة معدل الـ 100٪ من عائدات البلدية!

وبحسب كتاب الوزير الصفدي الى مجلس الوزراء فإنه «كان من الأنسب تحديد الاقتطاع من عائدات البلديات عن العام 2011 بالتناسب مع مستوى الكلفة موضوع البحث وحجمها على ألا يتجاوز الاقتطاع المذكور نسبة الـ 80٪ من حصة البلدية، حال تجاوزت نفقات وخدمات وأعمال النظافة لديها كامل حصتها من توزيعات الصندوق، وذلك للأخذ بالاعتبار وضع الصندوق والأوضاع المالية التي تشكو منها معظم البلديات، فضلاً عن افتراض إمكانية العمل مستقبلاً على معالجة المبالغ المتراكمة التي تدين بها البلديات والاتحادات البلدية عند توزيع عائدات البلديات المتحصلة عن ايرادات الهاتف الخليوي، وكذلك توزيعات السنوات اللاحقة التي من المتوقع أن توفر لهذه البلديات ايرادات هامة».

وعليه، إقترحت وزارة المالية الموافقة على تحديد نسب الاقتطاع وفقاً لما اقترحته أساساً وزارتا المالية والداخلية والبلديات في مشروع مرسوم ٢٠١١، الذي سبق وأحيل إلى مجلس شورى الدولة، وإلا السير بمشروع المرسوم المقترح من وزارة الداخلية والبلديات بعد الأخذ بملاحظات المجلس، على أن يصار إلى الموافقة على تحديد المبلغ المقتطع بما يساوي قيمة النفقة التي تحملها الصندوق عن البلدية أو عن الاتحاد، شرط عدم تجاوز هذا المبلغ نسبة 80٪ من عائدات المستفيد حال تجاوز كلفة النظافة لديه إجمالي الحصة التي تعود إليه من توزيعات الصندوق.

ويُستدّل من رأي وزارة المالية أنها تهرّبت من تحديد نسبة مقطوعة بلغت٤٠٪ في السنوات السابقة وابتدعت نسبة متحركة حدّدت سقفها بـ ٨٠٪ الأمر الذي يعد تجاوزاً خطيراً وغير مسبوق لقانون الموازنة العمومية عن عام ٢٠٠١، وتكريساً لعقود إدارة النفايات المرتفعة الكلفة.

وسبق لحكومة الرئيس سعد الحريري أن مدّدت في العام ٢٠١٠ العقود الموقّعة مع مجموعة AVERDA (سوكلين وسوكومي) من دون مناقشة جدية لكلفة هذه العقود ومدى تناسبها مع الأكلاف الحقيقية ومقارنتها مع عقود مماثلة لشركات أخرى في لبنان وفي الخارج، في مقابل القبول بخفض الأسعار بنسبة 4% فقط لا غير، بحسب العرض الذي قدّمه في حينها الرئيس الحريري، ليتبين بعد عام على هذا العرض أنه بقي حبراً على ورق ولم يبادر مجلس الوزراء إلى إنفاذه. وجاءت حكومة الرئيس ميقاتي لتطبق معادلة «ممنوع المس بـ س. س. س»، أي «سوليدير» و«سوكلين» و«سليولير»، وليس مرسوم عائدات العام ٢٠١١ إلا تكريساً واضحاً لهذه المعادلة التي تمسك بها ميقاتي حتى الرمق الأخير من عمر الحكومة، بمباركة جميع القوى السياسية، باستثناء جولة ملاكمة من فئة «وزن الريشة» خاضها الوزير جبران باسيل، قبل أن توقّع «سوكلين» عقد إعلانات مع شركة «كليمنيتن» المحسوبة على «التيار الوطني الحر».

مخالفة مبدأ إيداع الأموال

واقع إدارة النفايات في صيدا ليس أفضل حالاً من بيروت وجبل لبنان، ففي 12 تموز 2012، طلبت وزارة الداخلية من مجلس الوزراء الموافقة على دفع المستحقات التي ستترتب عن تشغيل معمل معالجة النفايات في صيدا من الصندوق البلدي المستقل. وكانت بلدية صيدا قد وقعت عام ٢٠٠٢ عقداً مع شركة I.B.C. لإنشاء معمل لمعالجة النفايات المنزلية الصلبة لبلدية صيدا واتحاد بلديات صيدا ــــ الزهراني. ومن فضيحة إلى أخرى بقي المعمل غير قابل للتشغيل إلى أن أقرّ عقد تأهيل مكب صيدا وباتت حاجة البلدية ملحة لتشغيل المعمل.

وفي منتصف آذار العام ٢٠١٢، تقدّمت شركة I.B.C. بكتاب إلى البلدية تؤكد فيه التزامها شروط العقد وسعر معالجة الطن الواحد من النفايات وفقا للآتي: 85 دولاراً للطن الواحد خلال السنتين الأولى والثانية، و95 دولاراً للطن الواحد خلال السنتين الثالثة والرابعة. وتبلغ الكلفة المقدرة للتشغيل ما يوازي مليون دولار شهريا، مع الاستعداد للمباشرة بالعمل في مدة لا تتجاوز 3 أشهر من تاريخ تبلغ الشركة الموافقة. وأفادت وزارة الداخلية والبلديات بأن رئيس بلدية صيدا محمد السعودي طلب الموافقة على دفع المستحقات التي ستترتب للشركة من الصندوق البلدي المستقل لقاء كشوفات شهرية منظمة وموقعة من رؤساء بلديات الاتحاد وعلى مسؤوليتهم. وبحسب المحضر، فإن كلفة التشغيل توازي 13 ضعفاً عائدات الاتحاد السنوية عن عام 2010 والتي بلغت زهاء 1,3 مليارات ليرة لبنانية وأكثر من ضعفي مجموع عائدات البلديات المنضوية في الاتحاد عن العام نفسه وبلغت 8 مليارات ليرة لبنانية، إضافة إلى كلفة جمع النفايات ونقلها في نطاق الاتحاد التي تدفع لشركة NTCC ملتزمة أعمال جمع النفايات ونقلها من مدن الاتحاد وقراه، والتي تقدّر بزهاء 3 مليارات و366 مليونا و864 الف ليرة لبنانية سنويا. بناء عليه، وافق مجلس الوزراء على طلب وزارة الداخلية والبلديات دفع المستحقات التي ستترتب لشركة I.B.C بموجب كشوف شهرية منظمة.

ويكرّس هذا القرار مخالفة جديدة لمبدأ إيداع اموال البلديات في الصندوق البلدي المستقل، إذ أن هذه الأموال التي تجبيها الإدارات العامّة لمصلحتها هي «أمانات» بعهدة وزارة المالية والوزارات الأخرى، ولا يجوز التصرّف بها بأي شكل من الأشكال إلا بقرار من أصحاب الحق. فكيف إذا كانت وضعية «الصندوق البلدي المستقل» هي مخالفة للقانون أصلاً، إذ تبيّن أنه ليس هناك حساب خاص للصندوق، بحسب ما ينصّ عليه القانون، بل جرى دمج هذا الحساب بحسابات وزارة المالية، وجرى إخضاع الصندوق الوهمي لوصاية وزارة المالية، فيما القانون يضعه تحت وصاية وزارة الداخلية والبلديات!

المسجلون والمقيمون

بحسب دراسة للباحث سامي عطا الله تفشل معايير توزيع عائدات الصندوق البلدي المستقل في تعزيز التنمية المحلية بشكل ملائم. فبسبب الفجوة القائمة بين عدد السكان المقيمين وعدد المسجلين، يؤدي اعتماد معيار السكان المسجلين إلى سوء تخصيص الموارد. ويلفت عطا الله الى وجود 42 بلدية يتعدى فيها عدد السكان المقيمين عدد السكان المسجلين بما لا يقل عن الضعفين. فعلى سبيل المثال، يبلغ عدد السكان المسجلين في هذه البلديات 231 ألف شخص فقط فيما عدد السكان المقيمين هو 916 ألفاً. ومن جهة أخرى، توجد أيضاً 324 بلدية حيث يبلغ عدد السكان المسجّلين أكثر من مليون نسمة، بينما يبلغ عدد السكان المقيمين 336 ألف نسمة فقط. ولهذا التناقض تداعيات خطيرة على قدرة البلديات على تقديم الخدمات بسبب قلة الموارد المخصصة لها.

عقدة الخلوي

لم يتوصل مجلس الوزراء إلى اقرار آلية نهائية تحسم الخلاف بين وزارة الاتصالات ووزارة الداخلية ووزارة المالية، حول توزيع عائدات البلديات من الهاتف الخلوي والتي بلغت مليار و200 مليون دولار وهي متراكمة منذ العام 1994.

وبحسب كتاب بعث به وزير الاتصالات نقولا صحناوي في 7 شباط 2013 الى مجلس الوزراء، يقترح صحناوي أن يتم توزيع حصة البلديات من الضريبة على القيمة المضافة على استهلاك الاتصالات الخليوية وفق يأتي: توزّع نسبة 80٪ على أساس عدد المسجلين في قوائم قيد الناخبين. توزع نسبة 20٪ بالنسبة والتناسب مع توزيع عائدات شبكة الهاتف الثابت والمرتبطة بعدد السكان. أما بالنسبة للاتحادات البلدية والقرى التي ليس فيها بلديات، فإنها لا تستفيد من عائدات شبكة الهاتف الخليوي، وذلك عملاً بالمادة 55 من القانون 379/2001، التي حصرت حق الاستفادة من هذه الضريبة بالبلديات فقط دون سواها، وأن منح الاتحادات البلدية لأي حصة من هذه العائدات فإنه يحتاج إلى قانون. وحضرت قضية عائدات الصندوق البلدي في جلسة لجنة المال والموازنة النيابية أمس، التي ترأسها النائب ابراهيم كنعان. واثيرت في الجلسة مسألة حسم ثمانين 80% من عائدات البلديات لعام 2011، فتبين من أجوبة وزارتي الداخلية والمال أن هنالك ديوناً مترتبة على هذه البلديات ومتراكمة منذ سنوات، وان وزارة المال ارتأت حسم هذه الديون وفق آلية معينة تتعلق بقطع الحساب المتعلق بالبلديات وحجم هذا الحساب. ورأى كنعان أن «هنالك مخالفة ارتكبتها الحكومة في هذا المجال». واردف: «هل يجوز ان تحسم هذه النسبة، وبالتالي ان نحمل البلديات تراكماً عمره منذ عام 2001 حتى اليوم، اي اكثر من 12 سنة، هل يجوز تحميل البلديات دفعة واحدة كل هذه التراكمات؟». أضاف كنعان موجهاً كلامه إلى وزارة المال: «أنتم استدينوا ورتبوا الاعباء على الناس وعلى الدولة، وحملوها للبلديات وللمواطنين». وقال: «لن نسكت على هذا الموضوع، ومن الان وحتى الاسبوع المقبل نطلب معالجة سريعة لهذا الامر». وسأل: «لماذا أنشئ مجلس شورى الدولة وما هو دوره اذا كنا لن نأخذ برأيه؟».

تعليقات: