بيانات تدعو لاغتيال الجيش.. أين تيار لبنان أولاً من فتاوى نوابه؟

الكاتب نبيل هيثم
الكاتب نبيل هيثم


«كلمة سر» تحرك الشارع من طرابلس إلى صيدا مروراً بروميه

من يريد اغتيال الجيش.. وأين "المستقبل" من "فتاوى" نوابه؟

نبيل هيثم

تكاد الحوادث المفتعلة والمتنقلة لا تستثني نقطة في الخريطة اللبنانية، ويتزايد معها القلق الأهلي مما تخبئه الغرف السوداء ومنابر التحريض المذهبي المقيت.

الخطر يزحف الى طرابلس ومعها كل الشمال، وكذلك الى صيدا التي تشهد «عرضا متواصلا»، والى بيروت التي ظهرت فيها فجأة أشباح الديناميت الليلي والقنابل الصوتية واليدوية نهارا، ناهيك عن الخطر الرابض على طول الحدود الشمالية والشرقية.

غير أن الأخطر من ذلك كله، يتبدى في الاستهداف المباشر للجيش اللبناني من قبل بعض المشايخ والسياسيين، وثمة معلومات عن توزيع بيانات في إحدى المناطق اللبنانية تدعو العسكريين من لون مذهبي معين الى ترك الجيش!

«الوضع في منتهى الخطورة» يقول مرجع أمني كبير، لا بل «ينذر بانفلات عشوائي بلا ضوابط. ولا علاج بالمسكنات، بل ان الحل الجذري هو سياسي بالدرجة الاولى وليس أمنياً أو عسكرياً».

الرئيس نبيه بري يدق ناقوس الخطر مبدياً تذمره من وضع بات لا يطاق، والرئيس نجيب ميقاتي يؤكد أمام زواره «ان استدراج الفتنة الى لبنان أمر مرفوض»، والنائب وليد جنبلاط الذي لا يخفي خشيته من تفاقم الأمور، يرى «أن حراجة الوضع تجعل من الواجب الحفاظ على الاستقرار وتجنب الوقوع في مأزق سيدفع الجميع ثمنه من دون استثناء».

ويرفض جنبلاط «أي تحرّك - أيا كان القائم به - يؤدي الى فلتان أمني ويمس بالاستقرار»، وينظر بعين الاستغراب للمشهد الممتد من صيدا الى سجن روميه، ويقترح مخرجاً من شقين، قد يساهم في نزع الفتيل:

الاول، «لماذا لا يتم تسليم الاشخاص الذين أطلقوا النار في منطقة تعمير عين الحلوة، وتسببوا في مقتل مناصرين للشيخ أحمد الأسير، بدل أن يسرحوا ويمرحوا ويتسببوا بالمزيد من التوتر».

المسؤولية هنا يلقيها جنبلاط على «بعض القوى»، من دون ان يسميها (المقصود هنا «حزب الله») ، داعيا الى الاقتداء بما حصل في قضية مقتل الشاب لطفي زين الدين أثناء عودته من المشاركة في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2009، حيث تحركت الاجهزة الامنية فورا وبسرعة فائقة وألقت القبض على الفاعلين وتمت محاكمتهم وصدرت بحقهم أحكام بالسجن مع غرامة 100 مليون ليرة، فلماذا لا يتحرّك الامن في هذه المسألة»؟

الثاني، «المسارعة الى طي صفحة الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية العالقة أمام القضاء منذ سنوات، حتى صح القول فيها إنها مهزلة بكل معنى الكلمة. الملفات جاهزة وقاعات المحكمة ايضا، فلماذا لا يبادرون للبت بها ويريحون البلد. كفى مماطلة وتأخيرا ولتطو هذه الصفحة لأن استمرارها مفتوحة، لن يجر سوى المزيد من الاحتقان والاهتراء».

وحسنا فعلت الدولة بأنها حزمت أمرها ولو متأخرة - أو هكذا هي بدت - وقررت أن تنتصر لذاتها وتستبدل «يد الحرير» التي طالما تسلحت بها، بـ«يد الحديد» في وجه النافخين في نار الفتنة ومن تعاطى معها كفاقدة لمعناها فهتك هيبتها واستباح كرامتها. إلا ان هذا التوجه الذي سلكته الدولة يضعها وسائر القوى السياسية في مواجهة الأسئلة التالية:

- هل قررت الدولة فعلا أن تؤكد معناها وتسترد نفسها، وهل تملك إمكانات النجاح في هذه المهمة الصعبة؟

- ما الذي منع الدولة أن تتصرف بحزم في ما مضى؟ ألم تكن لتوفر بذلك عليها وعلى البلد تجرؤ بعض المشاغبين والمذهبيين على الدولة وعلى السلم الأهلي؟

- هل استطاعت الدولة عبر التدابير التي نفذها الجيش اللبناني لاحتواء تحركات واعتصامات أحمد الأسير في صيدا، أن توصل أولى رسائلها التي تثبت عزمها على وأد الفتنة، وان يدها هي العليا، وانها ما زالت قادرة على حماية أمن اللبنانيين؟

- هل تدابير الجيش في صيدا، تحاكي ساعة الصفر لجهة مجهولة اتخذت قرارها بجر البلد الى الفتنة؟

- أي كلمة سر تحرّك كل هذه المظاهر المتنقلة وهل هي محلية، أم خليجية، أم اسرائيلية أم غربية؟

- ما الذي يجمع بين المبنى «دال» في سجن رومية ومسجد بلال بن رباح في صيدا وزيارة داعي الإسلام الشهال الى مجدل عنجر والإشكال مع الجيش هناك ومن ثم الاعتصام في «ساحة النور» في طرابلس والتصويب المذهبي في خطب الجمعة باتجاه «العدو المفترض»، وحادثة جامع محمد الأمين في وسط بيروت، وإلقاء القنبلة اليدوية في جسر سليم سلام وصولا الى التضامن الشبابي مع أحمد الأسير في عمق عكار.. وماذا يملك قائد الدرك العميد جوزف الدويهي ليجزم أن هناك من ينسق تحرّك الإسلاميين في مختلف المناطق؟

- ما مغزى البيان المشترك لنائبي صيدا فؤاد السنيورة وبهية الحريري الذي غطى أحمد الأسير، ولماذا قرر السنيورة، بعد يومين، مهاجمة قطاع الطرق ومهددي حرية الحركة والتنقل في صيدا متهماً إياهم بمحاولة تخريب المدينة؟

- من قرر استنزاف الجيش اللبناني ووضعه على منصة الاغتيال الممنهج إن بمحاولة نزع الصفة الوطنية الجامعة عنها وتصويره وكأنه ملحق بـ«حزب الله» وايران، أو بفتاوى شرعية بدءًا من أحمد الأسير وداعي الإسلام الشهال وصولا الى نائب تيار المستقبل خالد ضاهر وقبله زميله معين المرعبي؟

- أي معنى للدولة بلا المؤسسة العسكرية التي تقيم على الطرق منذ سنوات وعسكرها مستنزف ليلا نهارا، وماذا يبقى من الدولة بلا جيش، وأي هيبة بلا جيش وأي مواطن بلا جيش وأي أمن بلا جيش.. وأي استراتيجية دفاعية بديلة بلا جيش وأي لبنان بلا جيش؟

- هل تستطيع الدولة التغاضي عن تهديد الجيش إما باستهدافه مباشرة وإما بتفكيك بنيته، وهل سيتبرأ «تيار المستقبل» من استهداف نوابه للجيش وخاصة ما ذهب اليه خالد ضاهر الذي لوّح بالاستنجاد «بأبنائنا في الجيش وقوى الأمن للقتال الى جانبنا ضد حزب الله»، وماذا يعني السكوت على هذا الكلام؟

تعليقات: