«قانون العشيرة»... والشهامة... واللصوصية!


كما ان للدولة "قانونا مكتوبا" تخضع له ويحكمها بمواده القانونية التي ترتكز بشكل اساسي على مبادئ العدالة والمساواة بين المواطنين... فكذلك ايضا... للعشيرة قانون "غير مكتوب" تخضع له ويحكم تصرفاتها بكل قواعده التي ترتكز بشكل اساسي على مبادئ الشرف والمروءة والشهامة والكرامة عند العشائر...واذا كنا نعرف معظم قواعد القانون المكتوب في الدولة، فتعالوا نتعرف سوية على "القانون غير المكتوب" الذي تخضع له كل العشائر، كي نستطيع ان نميز بينه وبين قانون الدولة من جهة، وبين "اعمال اللصوص" من جهة اخرى...فالعشيرة ترتكز في كل تصرفاتها على ثلاث ركائز اساسية وجوهرية ... هي التالية :

اولاً : التضامن "لأخذ التار" من المعتدي بالذات : فعندما يقوم شخص ما بقتل او خطف او اهانة احد ابناء العشيرة ، يتم دق ناقوس الخطر في العشيرة، فتجتمع وتأخذ قراراً "بأخذ التار" من "المعتدي بالذات" فقط لا غير!! دون التعرض لاي شخص من اهله او اقاربه او ابناء عشيرته او بلده، فكرامة وشهامة العشائر لا تسمح لها بأخذ التار من اي شخص غير المعتدي لان ذلك يعتبر ، بمفهوم العشائر، عملا جبانا لا يُقدم عليه الا الجبناء واللصوص غير الشرفاء ....فالتار يؤخذ من المعتدي بالذات ولو بعد مئة سنة، ولو اصبح في الصين....اما الانتقام من قريب المعتدي الاعزل اوالفقير او الضعيف، فهو "غدر رخيص" و "عمل خسيس" لا يُقدم عليه الا اللصوص عديمو الشهامة والكرامة سواء كانوا من الجنسية السورية او اللبنانية او...الصينية!!!

ثانياً : رفع الرؤوس بأعمالهم كالفرسان : ففرسان العشيرة الذين يحمون كرامة العشيرة يفتحون صدورهم ويرفعون رؤوسهم في كل تصرف يقومون به لانهم رجال فرسان كلهم شهامة...وكراماتهم وشهامتهم لا تسمح لهم ،باي شكل من الاشكال، ان يختبئوا او ان يخفوا وجوههم بأقنعة كاللصوص...فالاقنعة وجدت ليستعملها اللصوص والسارقون والجبناء عند ارتكابهم افعالا "دنيئة" و"قذرة" يخجل بها الانسان عادة!!...اما رجال العشيرة الشرفاء فهم حتما يشعرون بالعار اذا وضعوا اقنعة!!...وهم، سواء كانوا لبنانيين او سوريين او... لا يفعلونها لأن شرفهم وشهامتهم ومروءتهم لا تسمح لهم ان يختبئوا خلف اقنعة الجبناء واللصوص طالما هم احياء يرزقون بالكرامة والعزة والفروسية!!!!...وعلى سبيل المثال ، فحتى الاسرائليون كانوا يعبّرون عن اعجابهم بالسيد حسن نصرالله لانهم كانوا يعتبرون انه يواجههم وجها لوجه مواجهة الرجال للرجال!!!

ثالثاً : التباهي والافتخار فقط باعمال كلها شهامة : فرجال العشيرة الشرفاء لا يتباهون ولا يفتخرون بانفسهم الا عندما يأخذون تارهم من المعتدي بالذات من خلال اعتقاله او خطفه او قتله في ارضه، او في "سابع ارض"!!!...اما "التباهي" و"الافتخار" "بالتهديد" و"بالاعتداء" على الاشخاص العزل والفقراء والضعفاء من اهل او اقارب او ابناء وطن المعتدي فهو تباهٍ يخجل به اهل الشرف والشهامة والعزة في اي عشيرة ، لان ذلك عمل دنيء لا يمت باي صلة الى شهامة العشائر ابدا ابداً !!!...ولكن...وبعد كل ذلك...ورغم

انني من "عناصر الجناح القانوني" في الجمهورية اللبنانية...فانني لن "آخذ بالتار" من اقارب واصدقاء واهل الاشخاص الذين قاموا بخطف "ما تبقى من دولة القانون"...لاننا لم نعد في العصر الجاهلي!!!...وانما، وبكل "كرامة" وطنية.. وبكل "شهامة" حضارية.. وبكل "فروسية" قانونية... سأتوجه "اليهم هم بالذات" فقط لا غير...وجها لوجه "بدون اي قناع"!!!.. على اعتبار ان ما يجمعني بهم هو رابطة "الدم اللبناني"...للتأكيد لهم،اليوم وغدا وبعد مئة سنة، وحتى لو اصبحوا في الصين!!!...

بان كل مواطن لبناني "وطني" و"شريف" و"حضاري" لا يمكن "ان يتباهى" او "ان يفتخر" الا:

1- الا بدولة تحافظ على كرامة شعبها ولا تنام لحظة واحدة اذا كان احد ابنائها مخطوفا!!! فالمخطوفون هم لبنانيون...وملفهم يمس كل شيعي وسني ومسيحي ودرزي حي يرزق بالكرامة الوطنية اللبنانية!!

2- الا بشعب يثور فورا،بالطرق القانونية، ضد نوابه "الذين انتخبهم" ووزرائه، عندما يتهربون من مسؤولياتهم في اي قضية وبخاصة قضية المخطوفين ، فهل النواب الذين انتخبهم "المخطوفون واهاليهم"، قاطعوا جلسات اللجان او اجروا اي اعتصام او تحرك ديمقراطي بهدف طرح وتفعيل قضية المخطوفين؟؟...وهل وزراؤهم قاطعوا اي جلسة لمجلس الوزراء احتجاجا على التقاعس في ملف المخطوفين؟؟؟

3- الا بشعب يعرف بان ردة الفعل العقلانية تجاه غياب الدولة تكون عبر اجبارها "بالقوة الديمقراطية الفورية"على العودة الى الوجود...لا عبر عودتنا نحن الى العصر الحجري...التتري.. المتخلف!!!..

4- الا بشعب يعرف ان "القرآن الكريم" و"الانجيل المقدس" يحرمان ظلم ومحاسبة اي انسان بسبب فعل اقترفه سواه...واذا كان الخاطفون في سورية لا يعرفون الله، فهذا لا يبرر ان نصبح نحن ناكرين لتعاليم الله، وانما يجب ان نبقى نحن نطبق تعاليم القرآن والانجيل بحذافيرها.. الى ابد الابدين!!!....

5- الا بشعب يعرف ان الخطف هو جريمة يعاقب عليها القانون، وعقوبتها هي الأشغال الشاقة المؤقتة.(بين 3 و15 سنة). ويعاقب الفاعل بالأشغال الشاقة المؤبدة في كل من الحالات التالية:..1..2...3...4- إذا كانت دوافع الجريمة طائفية أو حزبية أو ثأراً من المجنى عليه لفعل ارتكبه غيره من طائفته أو محازبيه أو أقاربه او...5...الخ

6- الا بدولة وبقضاء يعاقبان كل مخالف للقانون اللبناني... وكل "مجرم" و"ازعر" و "لص" يخطف اي شخص،اجنبي او لبناني في لبنان،لاي فئة انتمى!!

واخيراً....نأمل ان يعود كل المخطوفين اللبنانيين، وان يطلق سراح كل المخطوفين في لبنان....وان تبقى "الكرامة" و"الشهامة" و"الحضارة" و"دولة القانون" و"الجناح الدماغي"!! هي...هي "الغالبة" في لبنان!!... وعلى امل ذلك...يجب ان لا ننسى ابدا، ان الدولة "سندفع ثمنها" ، والمزرعة "سندفع ثمنها"... والافضل لنا، ولابنائنا من بعدنا، ان "ندفع ثمن" بناء الدولة... لا المزرعة!!!

..

منير الشدياق- مستشار ومحامي قانوني

تعليقات: