لسان العرب..

لسان العرب.. الثروة التي  جادت به ألسنتنا، تنمو كلّ ساعة وتتحوّل إلى قوة هائلة تمكّننا من امتلاك العالم وسيادته
لسان العرب.. الثروة التي جادت به ألسنتنا، تنمو كلّ ساعة وتتحوّل إلى قوة هائلة تمكّننا من امتلاك العالم وسيادته


.. صباح اليوم التقيت بصديق لي في طريقه إلى عمله، وكان على غير عادته يتأبّط كتاباً ضخما, حدّقت في الكتاب فإذا به المعجم المشهور "لسان العرب", فقلت لصاحبي ممازحاً: يا سيديّ إنّ في يدك حملاً ثقيلا, وكيف تقوى على حمل لسان العرب ؟!..

إنّ أضخم ثروة يملكها العرب هي اللسان, هذه الثروة التي تنمو كلّ ساعة وتتحوّل إلى قوة هائلة تمكّن أصحابها من امتلاك العالم وسيادته, ولقد ساد العرب العالم قديماً وحديثاً بما جادت به ألسنتهم..

فلو قرأت في أشعارهم وعنتريّاتهم لوجدتهم حكّام الدنيا بلا منازع, ولألفيتهم على رأس كلّ عظيمة من عظائم الامور, وجليلة من جليل الصفات..

لو استمعت إلى خطبهم لا سيما المعاصرة منها, لرأيت بأمّ عينك كيف تهون الخطوب وتذلّ الصعاب, كيف تُستعاد الأرض ويتكامل الإنسان!..

لو طالعت كتبهم المتخمة بالأماني, الناضحة بالأحلام, لرأيت شمس الغد تشرق أمجاداً عظيمة تشرئب لها عنق الزمان..

العرب أمّة الكلام .. أنعم الله عليهم بطول اللسان .. وهل في الكون ألسنة تضاهي ألسنة العرب ؟!!

تدخل إلى مجتمعاتنا, بيوتنا, تتجوّل في شوارعنا وأزقتنا, أحاديث الرجال لا تختلف كثيراً عن أحاديث النساء, فهي تشترك في نتيجة واحدة وتخلص إلى حالة العقم الأكيدة..

لا نجد من الأحاديث ما يسلّي نفوسنا, أو يغذي عقولنا, فنلجأ إلى بعضنا البعض قي منازلة كلاميّة يكون فيها اللسان أحدّ من السيف, وتدور رحى المعركة المتنقلة من بيت إلى بيت, ومن حيّ إلى حيّ, نقتحم البيوت, ندوس الحرمات, نهتك الخصوصيات, ولا نجد لضحايانا سوى محامل السّوء نحملهم عليها, نسلّط حدّ الّلسان على فلان, فمن أين له المال؟ ونسلّط حدّه على فلانة, وما سرّ علاقتها بفلان؟

نختلق التّهم, نبّث الأكاذيب, نفرّق بين ذوي الرحم والقرابة, ننشر الفتن, نغلّظ الأيمان الغموس الفاجرة, نسيئ الظّن, نزيّن الكذب حتى يصبح ملح الرجال, ونشوّه الصدق حتى نراه ضعفاً وهوانا..

وحين يصدح المؤذّن بحيّ على الفلاح, نقف في حضرة المتعال, نقدّس اسمه بألسنة جانية, نطلب العفو والستر والرحمة, ونحاول برياء الألسن استرحام السماء ..

أيّ خواء يسكن أرواحنا, وفي عتمة الجهالة يرتفع منسوب الفشل, وترفع الهزيمة يديها مستسلمة, وربما استثقلت الأرض أوزاناً بلا معنى .. ولا تُستعتب الأرض التي بُسطت للخليفة الإنسان شرط أن يكون جديراً بالخلافة, لا أن يهبط به الإسفاف إلى مدارك الجمود واجترار الكلام ..

الشيخ محمد أسعد قانصو

Kansou_1975@hotmail.com

تعليقات: