نازحـو عيـن عطـا يتخـوّفـون مـن ضيـاع العـام الـدراسـي علـى أطفالهـم

داخل مدرسة عين عطا.. نازحون وليسوا تلامذة («السفير»)
داخل مدرسة عين عطا.. نازحون وليسوا تلامذة («السفير»)


بعد تحويل مدرسة القرية إلى مركز لاستقبال الوافدين من سوريا

نازحـو عيـن عطـا يتخـوّفـون مـن ضيـاع العـام الـدراسـي علـى أطفالهـم

تتخوف أم فراس، من ضياع العام الدراسي على أولادها الأربعة، وبالتالي تهديد مستقبلهم العلمي ومستقبل المئات من أبناء النازحين، بعدما قادتها رحلة التشرد والنزوح، هي وبعض العائلات السورية والفلسطينية من أقاربها وأنسبائها، من مخيم اليرموك في سوريا، إلى بلدة عين عطا في قضاء راشيا. وقد كان من المفترض أن يتابع أولادها وأبناء العائلات الأخرى دراستهم في مدرسة البلدة التي لجأوا إليها، استجابة لخيارات الإقامة التي فرضتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين السوريين التابعة للأمم المتحدة، إلا أن حسابات أم فراس لم تنطبق على حسابات الواقع القائم، كما قالت، فبدل أن يتسجل أولادها وأبناء العائلات الأخرى في المدرسة الرسمية في البلدة لمتابعة تحصيلهم العلمي إلى جانب أترابهم اللبنانيين، تحوّل المبنى إلى ملجأ تشغله العديد من العائلات السورية والفلسطينية النازحة، كون المدرسة الرسمية مقفلة منذ أكثر من خمس سنوات، بقرار من وزارة التربية، نظراً لعدم اكتمال العدد القانوني المطلوب من الطلاب لفتح الصفوف، وفقاً لتأكيدات الأهالي.

وأم فراس، التي عبرت عن حيرتها تجاه الواقع المؤلم، والتخبط في كيفية إيجاد الحلول لتلك المسألة الحساسة، أخذت تفقد الأمل في إنقاذ مستقبل أولادها. ورأت أنه من واجب إدارة الهيئة العليا للمفوضية، السعي لتأمين المدرسة البديلة قبل أن تنقضي مهلة طويلة على بداية العام الدراسي، حيث عشرات المدارس الرسمية والخاصة، كما قالت، بدأت الدراسة فيها تنتظم بشكل فعلي وعملي، أو نقل العائلات إلى أماكن تتوفر فيها المدارس الرسمية. وتلفت إلى أن أقرب مدرسة رسمية يمكن اللجوء إليها هي في بكيفا، التي تبعد عن مكان إقامتنا في عين عطا نحو 20 كيلومترا، فضلاً عن عدم توفر وسائل النقل اليومية من وإلى مدرسة بكفيا. وإذا ما توفرت فإن إمكانياتنا المادية تقع ضمن حدود الصفر، وبالكاد نؤمن لقمة العيش من المساعدات العينية التي تقدمها الجهات المعنية. فكيف بنا بتدبر أجرة النقل لأربعة أطفال، وهي بحدود المئتي دولار في الشهر، إلى جانب تأمين رسوم التسجيل فضلاً عن القرطاسية والمستلزمات المدرسية الضرورية التي يحتاجها التلميذ خلال متابعة دراسته.

أم فراس، التي ترفض الاستكانة والخضوع لذلك «الاستهتار بمستقبل جيل ناشئ، لا ناقة له ولا جمل بما يحدث من اضطرابات وحوادث قتل عشوائي وتهجير قسري في سوريا»، طلبت من المراجع المعنية في الدولة اللبنانية ومن الهيئات الإنسانية التي تتابع اوضاع النازحين، اجتراح السبل الآيلة الى توفير العلم لأبنائنا المشردين عن ديارهم ومدارسهم، لأن هؤلاء وديعة الوطن، وقواه الفاعلة، وعنوانه الراسخ لمستقبل واعد. وتابعت قائلة: التاريخ لن يرحم أحداً، فالكل يجب أن يتلقف مسؤوليته بكل جدارة وصلابة أمام هذا التحدي الكبير، لأن العلم يجب أن يفتح أبوابه على مصراعيه أمام الجميع، لأنه حق للجميع. ولا يجوز أن تهمش شريحة واسعة من أبنائنا، حتى ولو قسى علينا القدر، فأبناؤنا أعزاء على قلوبنا ونرى فيهم طموحاتنا نحو مستقبل افضل، كما ترى كل عائلة على مستوى العالم، طموحها في مستقبل أطفالها.

وحذرت أم فراس، من الإفراط في الوعود التي تغدقها الهيئات المعنية بذلك الشأن، لأننا لن نسكت ولن يهدأ بالنا إلا بإدخال أولادنا إلى المدارس. ودعت العائلات النازحة السورية والفلسطينية المتضررة من أوضاع كهذه، إلى تكثيف تحركاتها واحتجاجاتها، واستخدام كافة الطرق والأساليب التي يسمح بها القانون اللبناني من اعتصامات وتظاهرات وإضرابات أمام مراكز إغاثة اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، ومراكز المفوضية العليا للاجئين السوريين في البقاع وعلى امتداد المناطق اللبنانية. لكي يستجاب مطلبنا الحق، وناشدت ممثليات الهيئات الإنسانية وسفارات الدول الأجنبية في لبنان إلى النظر في حالتنا، والتدخل في هذا الجانب الإنساني، لإنقاذ أجيالنا من براثن الجهل وحمأة الأمية التي من شأنها أن تتسبب في تدمير العقول وفي قتل الفكر والمعرفة، في عالم نرى أنه يتطلع نحو بناء إنسان مكتنز فكراً وعقلاً وإنسانية.

وذلك الواقع الذي تواجهه أم فارس، يتشابه وحال مئات العائلات السورية والفلسطينية النازحة إلى قرى منطقتي راشيا والبقاع الغربي، حيث عشرات المدارس الرسمية مقفلة، نظراً لاستقطاب المدرسة الخاصة لطلابها. لكن أم جميل الحلبية التي توفرت لها ولعائلتها ظروفاً أفضل، استطاعت التواصل مع إحدى إدارات المدارس الخاصة في ضهر الأحمر، التي قدمت لها تسهيلات عالية في الدفع وفي قيمة الأقساط. فقامت بتسجيل أولادها فيها، كما أوضحت. إلا أنها أشارت إلى أن زوجها واثنين من أبنائها يعملان في مهن حرة وباستطاعة العائلة اقتطاع مبلغ من المال، لتسديد القسط المدرسي الذي حددته إدارة المدرسة مشكورة، لافتة إلى أن مكان سكنها قريب من المدرسة وهو ما سهّل عملية النقل علينا.

لكن أم جميل أملت في أن تحل مشاكل مئات العائلات التي تسكن في قرى تفتقد المدرسة الرسمية من جهة، وهذه القرى بعيدة عن مركز تجمع المدارس الخاصة في ضهر الأحمر، موضحة أن هذه العائلات لا تتوفر لديها المقومات المادية لتسجيل أبنائها في المدارس الخاصة، «لكن لا يجوز أن يرمى جيل في الشارع وبالتالي تضييع مستقبله، داعية كل الهيئات الإنسانية التي تتابع اوضاع النازحين الى العمل بجدية للخروج بحلول تساعد في توفير العلم لهؤلاء الأطفال».

تعليقات: