فوضى المدينة تغزو القرى الحدودية


تخلو معظم القرى الحدودية الجنوبية من أهاليها على مدار العام. وحدها المناسبات تردّهم إليها لأيام، فتتكشّف التحدّيات التي قد تواجهها المنطقة إذا قرّر أبناؤها العودة إليها

عاد الهدوء ليخيّم على شوارع القرى الحدودية الجنوبية وأحيائها، بعد «العاصفة» التي حلّت عليها طيلة أيام العيد. فقد غادر أبناء هذه البلدات، المقيمين خارجها، ليتنفس المقيمون الصعداء، معلنين ارتياحهم من الضجيج وازدحام السير غير المعتادين، عدا أصوات المفرقعات «الحديثة»، ومختلف أشكال الفوضى التي «نقلها البيارتة معهم من المدينة إلى القرية» يقولون.

ثلاثة أيام من الفوضى، جعلت بعض الأهالي يطالبون بتعميم حملة «النظام من الايمان» التي قام بها «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت خلال العامين الماضيين. حملة «لم تؤتِ ثمارها على ما يبدو»، يقول المواطن محمد بزي، من بنت جبيل. دليله إلى ذلك أن «الفوضى التي يحكى عنها في المدينة انتقلت مع العائدين، فقد طغت أصوات الدرّاجات النارية والمفرقعات الممنوعة على ما عداها، بالإضافة إلى مخالفات متعدّدة للقوانين».

وقد تكون طريق عام وادي الحجير، المؤدية إلى قرى وبلدات بنت جبيل ومرجعيون، هي المثال الابرز على «العاصفة» التي شهدتها المنطقة. إذ فوجئ الأهالي بعجقة سير خانقة لم تشهدها طريق الوادي الحديثة منذ تعبيدها. أكثر من نصف ساعة احتاج إليها حسين لاجتياز الازدحام بسبب السيارات الكثيرة التي رُكِنت على جانبي الطريق قرب متنزه حديث شيّد بشكل ملاصق لمجرى نبع الحجير. حسين، الذي درس القانون، يؤكد أن «هذا النوع من الأبنية ممنوع تشييده، لأن القانون يمنع تشييد المباني قرب مجاري المياه، إلّا بعد التراجع خمسين متراً على الأقلّ، عدا أن الوادي أصبح محمية طبيعية بموجب قانون أقرّ عام 2010، ما يعني أن البناء ممنوع أصلاً فيه».

وهذا ما يؤكده مصدر معنيّ في اتحاد بلديات جبل عامل، الذي بيّن أن «الأبنية في وادي الحجير شيّدت بالواسطة». حتى أن هذه الأبنية لم تشيّد مواقف خاصة للسيارات لمنع ازدحام السير في طريق الوادي الضيّقة.

ازدحام السير انتقل من الوادي الى أحياء القرى التي اكتظّت بالأهالي في أيام العيد، كان الأمر يبدو عادياً وجميلاً بالنسبة إلى فادي يحيى، من بلدة الطيبة في قضاء مرجعيون، «لولا المشاغبات والفوضى غير المألوفة التي قام بها عدد كبير من الصبية والشباب، اضافة الى تجّار المفرقعات، الذين لم يلتزموا قرار منع بيع المفرقعات، حتى أن القوى الأمنية لم تسيّر دورية واحدة لردع هؤلاء، لتبرز المشكلات الحقيقية التي تعاني منها المنطقة بشكل خاص ولبنان بشكل عام».

يتحدث العديد من الأهالي عن حالات مشابهة من شتم ، وعدم احترام كبار السنّ، وسهر قرب المنازل حتى ساعات الفجر، ومفرقعات في منتصف الليل، وصولاً إلى رمي الأوساخ في الطرقات، واشتباكات بين الصبية والشباب بالأسلحة البيضاء تحدث في أكثر من بلدة... على الرغم من ذلك، لم تقم القوى الأمنية بقمعها. يقول محمد بزي إن الأهالي «باتوا لا يتّصلون بالقوى الأمنية لعلمهم المسبق بعدم جدوى ذلك، حتى أن عدد أفراد القوى الأمنية ضئيل جداً لدرجة أنه لا يكفي لتسيير دورية واحدة في المنطقة». وبحسب مصدر في قوى الأمن الداخلي فإن «مخفراً واحداً يتناوب على الخدمة فيه 4 عناصر فقط، عليه أن يتابع مشكلات الأهالي في 13 بلدة، وهذا أمر مستحيل، فضلاً عن تدخلات السياسيين لتغطية بعض المخالفين».

تعليقات: