زيت الزيتون.. «الذهب السائل»

زيت الزيتون.. «الذهب السائل»
زيت الزيتون.. «الذهب السائل»


أساسي في غذاء البحر المتوسط ومادة دسمة للشعراء والأدباء

مدريد: كارمن سيرنا *

«زيت الزيتون، بهالة السلام التي لا تنضب التي تبثها وبلونك الأخضر وبكنزك الدفين الذي يتحدر من براعم أشجار الزيتون». ذلك هو آخر بيت شعر جاء في «قصيدة غنائية لزيت الزيتون»، وهي قصيدة خصصها الشاعر التشيلي الشهير بابلو نيرودا لهذا المنتج. ولم يكن الوحيد الذي فعل ذلك. فقد سلط عشرات الكتّاب من منطقة البحر الأبيض المتوسط ومن أميركا الجنوبية الضوء في أعمالهم الأدبية على قيمة سائل يصفه الجميع باسم «الذهب السائل».

يرجع أصل هذا المنتج إلى فلسطين، التي شهدت ظهور أشجار الزيتون منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد. فضلا عن ذلك، فإن زيت الزيتون حاضر في الإشارات الأدبية القديمة، مثل التراجيديات اليونانية، بل وحتى في الأساطير اللاتينية واليونانية.

على وجه التحديد، كان اليونانيون والفينيقيون هم من نسب إليهم توسيع نطاق زراعة تلك الأشجار في منطقة البحر المتوسط بأكملها، بل وحتى العادة المتبعة في الطهي وهي «تتبيل» أفضل الأطعمة به.

في الوقت الحالي، تم ربط هذا المنتج بمزايا النظام الغذائي الخاص بمنطقة البحر المتوسط (خفض نسبة الكولسترول، حيث إنه يشتمل على مضادات أكسدة طبيعية وينظم وظيفة الجهاز الدوري)، كما أنه قد أصبح عنصرا أساسيا في الأطعمة الإسبانية، يستخدم زيت الزيتون بالأساس في معظم الأطباق.

بالطبع، ليست كل أنواع زيت الزيتون متماثلة وتستخدم للأغراض نفسها. تبدأ عملية استخلاص زيت الزيتون في الحقل، من خلال مجموعة شهدت تغيرا طفيفا عبر آلاف السنين، على الرغم من أن النكهة الممتازة تتحقق من خلال «المعصرة» (وهي الطاحونة التي جاء اسمها من كلمة «المعصرة» العربية التي تعني «الاستخلاص».

أصبحت تلك الأماكن مستودعات سحرية، حيث يتم غمر ثمار الزيتون في الماء البارد لإزالة الشوائب والرواسب. ومع ذلك، فإن من الضروري معالجة الزيتون خلال 24 ساعة من جمعه لكي لا يفسد وللحصول على أنقى خلاصة.

في تلك اللحظة من العملية، تقوم الطاحونة بطحن ثمار الزيتون، وتتمثل النتيجة في عجين يتم تغليفه ووضعه في سلال مستديرة من نبات الحلفاء، الذي يعمل كمصفاة لتنقية الشوائب. تتم معالجة هذا العجين حتى ثلاث مرات، ومع ذلك، فإن الضغطة الأولى تغطي أعلى الزيوت قيمة: وهو زيت الزيتون البكر.

يستلزم هذا النوع أن يتم إنتاج المنتج بواسطة طريقة طبيعية ومن دون اللجوء إلى أي نوع من المعالجة الكيميائية في التجميع أو السحق للاحتفاظ بهذه الدرجة الفائقة من النقاء.

وتتمثل إحدى أهم الخصائص في الزيوت في درجة الحموضة. فعندما كانت تزيد نسبة الحموضة في المنتج عن 3.3 درجة، كان يستخدم في إضاءة المصابيح. وفي الوقت الحالي، يتم مزج هذا النوع من الزيتون مع زيوت عطرية وقوية النكهة والتي تعطي شكلا آخر من هذا السائل أقل نقاء وهو زيت الزيتون المكرر.

والآن، يستخدم هذا النوع في الطهي أو التحمير بالأساس.

ويحتاج كل لتر من زيت الزيتون البكر إلى خمسة كيلوغرامات من الزيتون فائق الجودة، مع أن هناك أنواعا مختلفة من هذا الزيت أيضا. بينما قبل بضع سنوات، كان زيت الزيتون يحمل لونا ونكهة واحدة فقط، أما الآن، أصبحت هناك مجموعات من الخبراء ينصب عملها على تذوق الزيت. ومن ثم، يستطيع الذواقة، من خلال النظر والشم والتذوق واللمس، التمييز بين مستويات الجودة والأنواع المختلفة، وهو ما يتحدد من خلال حرث التربة ونوع ثمار الزيتون وطرق استخلاص الزيت.

إن اللون لا يؤثر على قيمة المذاق، وتتنوع ألوان الزيوت ما بين الأصفر الباهت وأخضر النعناع. وتتوافق درجات الأصفر الذهبي مع حلاوة الزيوت، وأواخر موسم الحصاد، ويشير الحصاد المتأخر واللون الأخضر الداكن لثمار الزيتون إلى أن عملية النضج غير مكتملة، كما يجعل الزيت مرا بدرجة ما.

تظل إسبانيا إحدى أكبر منتجي زيت الزيتون، تليها إيطاليا واليونان، لكن، مؤخرا، بدأت تطرح في السوق منتجات زيت زيتون من المكسيك وبيرو والأرجنتين وكاليفورنيا، بعد أن أتى الغزاة الإسبان بأشجار الزيتون في عام 1492.

تشتمل الدولة على عدة سلالات من زيت الزيتون البكر التي تتماثل في سماتها ودرجات ألوانها: الأنواع الأندلسية، وأنواع أخرى من ملقا، إلى جانب الزيوت الكتالونية والأنواع المايوركية. فضلا عن ذلك، فإنه في فالنسيا، يستخلص زيت على درجة جيدة من الجودة وفي أراغون أيضا. ويعتبر أكثر أنواع زيت الزيتون شيوعا هو ذلك النوع الذي يأتي من الأندلس.

وعلى الرغم من أن زيت الزيتون الإسباني الغذائي يستخدم في كل الأغراض، بما فيها التحمير، فلا يزال يستخدم بصورة أكثر شيوعا في تتبيل السلطات أو حتى مع الخبز فقط لإضفاء نكهة عليه، حيث يمكن أن تروق لك نكهته وكثافته.

* صحافية تعمل في جريدة «الموندو» الإسبانية

تعليقات: