مشكلة عدم التوافق تتكرّر في إبل السقي.. إجماع على الانتخابات وخلاف على الرئاسة!

مشكلة عدم التوافق تتكرّر في إبل السقي.. إجماع على الانتخابات وخلاف على الرئاسة!
مشكلة عدم التوافق تتكرّر في إبل السقي.. إجماع على الانتخابات وخلاف على الرئاسة!


إنها إبل السقي مجدداً التي خسرت مجلسها البلدي قبل أن يولد في انتخابات 2010 بسبب انقسام أبنائها وعدم توافقهم على "التوافق"، فعاشوا عامين تحت رعاية القائمقام، ليعودوا مجدداً اليوم الى "نغمة" الانقسام نفسها ولكن بوجوه مختلفة، مع فارق التصميم على إجراء الانتخابات، أياً تكن النتائج.

البلدة "النموذجية" كما يُطلق عليها لا تعيش نموذجية منذ الاعلان عن اجراء الانتخابات البلدية الفرعية في 6 أيار المقبل. أبناؤها الدروز والمسيحيون يعيشون اليوم هاجس الانتخابات بقلق كبير، فلا توافق ظاهراً حتى الساعة في الأفق، والاتجاه صار شبه مؤكّد نحو منافسة انتخابية لم تتّضح معالمها حتى الساعة، لكن السؤال الذي لم يلقَ جواباً هو كيف ستكون المنافسة وتحت أي شعار؟

لا يختلف حال ابل السقي وأهلها عن حال البلاد عموماً، فهي نموذج مصغّر عنها لجهة تعايش أبنائها المتعددي الطائفة والمذهب والانتماء السياسي، إذ عند الاستحقاقات المهمة يسود الإنقسام والتفرقة ويختلف أبناء البيت الواحد على تقاسم "الجبنة"، تحت شعار الديموقراطية التي صار تطبيقها أقرب الى الأنانية منه الى المصلحة العامة.

العرف السائد في إبل السقي منذ عهود هو انتخاب رئيس مسيحي نائبه درزي من آل منذر والاعضاء الباقون مناصفة بين الدروز والمسيحيين في مجلس بلدي من 12 عضواً، استناداً الى عدد النفوس والناخبين. فبحسب لوائح الشطب هناك حوالى 2420 ناخباً بينهم 1450 مسيحياً و885 درزياً والباقي أقليات. أما عملياً، فإن غالبية المقيمين حالياً فيها من الطائفة الدرزية الموزعين على عائلات أبرزها: منذر وغبار، ويمتازون بتوحدهم إزاء أي استحقاق، إذ يغلب الهوى الطائفي الهوى الحزبي (التقدمي الاشتراكي والديموقراطي اللبناني والسوري القومي الاجتماعي). أما المسيحيون (وهم يملكون حوالى 80 في المئة من أراضي البلدة)، فهم ايضاً موزعون بين احزاب القومي والشيوعي والكتائب و"التيار الوطني الحر".

إذاً، هذا التداخل الطائفي – الحزبي – العائلي، يرخي بثقله على مسار التحضيرات والمفاوضات الجارية حالياً. وأبرز ما نتج منها تأليف لجان تنسيق من آل منذر وغبار مهمتها تعيين الاعضاء الستّة للمجلس البلدي والتفاوض مع المكوّن الآخر للبلدة، أي المسيحيين، مع اشتراط المطالبة برئاسة البلدية مناصفة، ما يكسر العرف السائد، وهو أمر يرفضه رفضاً قاطعاً المسيحيون على اختلاف فئاتهم لأسباب عدة أبرزها، أنهم لا يزالون الأكثرية بحسب لوائح الشطب، ويخشون انعكاسات سلبية لهذا الموضوع تستدعي تجييشاً طائفياً قد يؤدي الى إحداث شرخ في النسيج الاجتماعي للبلدة.

وبعكس "حارة الدروز" كما هو متعارف عليه، والتي حزمت أمرها عائلياً بعيداً من التدخلات الحزبية، فإن "حارة المسيحيين" لم تستطع حتى الآن توحيد كلمتها وموقفها، فما يجمعها هو فقط رفض المطلب الدرزي. وما يخشاه البعض أن تستمر هذه الحال فتولد أكثر من لائحة غير مكتملة طبعاً، تجزئ الاصوات بينها وتكون النتيجة غير مرضية للجميع.

واللافت أن التوافق هو مطلب الجميع، لكن السعي اليه محفوف بصعوبات كثيرة، والرهان على تدخّل قادة الاحزاب السياسية للضغط على أنصارهم مستبعد حتى الساعة، لأن عامل العائلية والطائفية هو الطاغي. ولكن إذا استمر هذا الصراع هل يبقى هؤلاء القادة بعيداً من قاعدتهم؟ هل يتدخلون لابقاء إبل السقي نموذجاً للتعايش المشترك ومراعاة الأعراف السائدة، أم يفيدون من سيطرة المصلحة الطائفية على المصلحة العامة؟

تعليقات: